لا تزال زيارة الوفد الوزاري اللبناني لدمشق متعثّرة، على رغم من انّ وقتا طويلا مضى على تشكيل هذا الوفد «وَرَقياً» خلال إحدى جلسات حكومة تصريف الأعمال، في إطار السعي الى التفاهم مع دمشق حول خطة متكاملة لإعادة النازحين.
أتى اعتذار وزير الخارجية عبدالله بو حبيب عن تَرَؤس الوفد المُفترض ليزيد من الالتباسات التي تحيط بمهمته. وقد فتحَ الباب أمام اجتهادات عدة في تفسيره، خصوصاً انه تَرافقَ مع بيان البرلمان الأوروبي الذي أصَرّ على بقاء النازحين في لبنان، رغماً عنه!
وبينما أكد بوحبيب انّ انكفاءَه عن تَرؤس الوفد يعود إلى زحمة مواعيد وارتباطات على مفكرته الديبلوماسية في المرحلة المقبلة، اعتبر البعض ان هذا التفسير غير مُقنع وان موقف بوحبيب يعود بالدرجة الأولى إلى حسابات سياسية.
ولكن ما مصير الوفد الوزاري بعد انسحاب بوحبيب؟
يؤكد وزير المهجرين عصام شرف الدين لـ»الجمهورية» انه سيطرح مسألة ذهاب الوفد الوزاري الى سوريا على جلسة مجلس الوزراء المقررة الاثنين المقبل، كاشِفاً انه طلب من الأمين العام لمجلس الوزراء إدراج هذا البند على جدول أعمال الجلسة، وقال: «آمُل في أن يوافق الرئيس نجيب ميقاتي، وإذا لم يفعل فإنني سأُبادِر الى طرح الأمر من خارج جدول الأعمال لأنه لم يعد جائزاً الاستمرار في إضاعة الوقت بينما البرلمان الأوروبي يحاول ان يفرض علينا أمراً واقعاً، وأن يجبرنا على إبقاء النازحين، في انتهاكٍ صارِخ لسيادتنا».
ويضيف شرف الدين بنبرة حازمة: «لن أتساهَل في متابعة ملف النزوح وفي الضغط لحسم مسألة ترتيب زيارة الوفد الوزاري الى سوريا في أقرب وقت ممكن، وأتمنى أن يحصل التجاوب المطلوب من الرئيس ميقاتي والوزراء».
ويشدّد على وجوب اختيار رئيس جديد للوفد مكان وزير الخارجية عبدالله بوحبيب «الذي تّنحّى عن المهمة»، لافتاً الى انه كان مُتردداً منذ البداية، و»لا أريد أن أخوض في الأسباب الحقيقية والواضحة التي أملَت عليه الانسحاب، وما يهمني الآن هو تكليف وزير آخر بترؤس الوفد. وأنا سأقترح تسمية وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار او وزير الدفاع موريس سليم او وزير العمل مصطفى بيرم أو اي اسم آخر يتم التوافق عليه. المهم ان يذهب الوفد الى دمشق وفي يده ورقة عمل، وان نتفق مع القيادة السورية، ونوقّع برتوكول العودة، ونتفاهَم على آليات وإجراءات محددة لتفعيل مسار إعادة النازحين».
ويكشف شرف الدين انه سبقَ له ان اقترح على المسؤولين السوريين تنظيم «يوم للعودة» في كل شهر، تُمنح خلاله تسهيلات قصوى للعائدين مع مقتنياتهم «على أن يكون من حق أيّ منهم الرجوع إلى لبنان في اليوم نفسه اذا وجد عراقيل او ضغوط تواجهه في بلده»، موضحاً انّ دمشق أبدَت الاستعداد الكامل للتجاوب مع أي طرح يساهم في معالجة هذا الملف، «وتبقى تفاصيل يجب أن يَبتّ بها الوزراء المعنيون عندنا وعندهم».
ويعتبر انّ «أفضل رَد على بيان البرلمان الأوروبي يتمثّل في تزخيم العودة الآمنة، لا الطوعية، على قاعدة انّ كل شخص لديه مكان إقامة جاهِز في بلده وليس مطلوباً لخدمة العلم وليس معارضاً وغير إرهابي، يكون لِزاماً عليه مغادرة لبنان»، موضحاً انه «يمكن تحديد الحالات التي لم يعد من مبرر لبقائها عبر مَسحٍ نُجريه لمخيمات النازحين».
ويشير الى «ان بعض الحلفاء اعترضوا على مشاركتي في جلسات حكومة تصريف الأعمال، ولكنني شرحتُ لهم انّ هناك قضايا جوهرية تتطلّب المشاركة، ومن بينها قضية النزوح، وإلّا فإنّ التاريخ سيحاسبنا».