لو لم تكن الليرة اللبنانية بيد حاكم مصرف لبنان بالذات، والمصارف اللبنانية بالذات، ولو تركت على غارب السياسيين، فماذا كان حلَّ بها؟
مرَّت الليرة اللبنانية والوضع النقدي والمالي اللبناني منذ العام 2005 بأعتى الظروف:
الزلزال الكبير باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان كل لبنان يقول إنَّ الإقتصاد مرتبط بشخصه.
سلسلة الإغتيالات التي أعقبت ذلك، وشملت نواب ورؤساء أحزاب وصحافيين.
حرب تموز 2006 التي استمرت 33 يوماً فخلفت خسائر هائلة.
الفراغ الرئاسي من خريف 2007 إلى ربيع 2008.
أحداث 7 أيار في بيروت.
الإعتصام في وسط بيروت على مدى 11 شهراً.
إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري من خلال استقالة أكثر من ثلثها.
الفراغ الرئاسي على مدى سنتين وستة أشهر.
العقوبات الأميركية على لبنان.
الحرب السورية وتداعياتها على لبنان من خلال نزوح ما يزيد عن مليون ونصف المليون سوري، عدا السهو، إلى لبنان.
***
حدثت كل هذه التطورات في لبنان على مدى 13 عاماً، ولم تتحرَّك الليرة، ولم يَنهَرْ إقتصاد لبنان، فلماذا اليوم يشيِّعون أنه سينهار؟
أليست المصارف هي ذاتها التي كانت في قلب المعمعة وفي خضم المواجهة في هذه الحروب المتلاحقة والمتعاقبة؟
ماذا تغيَّر؟
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما زال على تصميمه وعزمه وإرادته بأنَّ مَن لم تهزُّه زلازل الإغتيالات والحروب والأزمات السياسية وانعكاسات الحروب، لن تهزَّه اليوم أزمة سياسية عابرة.
والمصارف اللبنانية التي لم تقوَ عليها أعاصير الأزمات والعقوبات، لن تقوى عليها اليوم.
***
نقول كل هذا الكلام لأنَّ هناك مَن لا يتوانى عن استهداف القطاع المصرفي، وهذه المحاولات إنْ دلَّت على شيء فعلى أنَّ هناك مَن يريد أن يستهدف الإستقرار في لبنان من خلال استهداف الليرة والوضع الإقتصادي ككل.
الغيارى والمحبِّون إلى أين يريدون أن يصلوا؟
إذا نظرنا حولنا فماذا نجد؟
مَن يتذكَّر الأزمة النقدية في قبرص وكيف اقتطعت نسبة من الودائع في المصارف؟
مَن يتابع تراجع قيمة الليرة التركية بالمقارنة مع العملات الأجنبية؟
مَن يتابع تطورات الوضع الإقتصادي والنقدي في اليونان؟
وكيف أنَّ القطاعات من سيِّئ إلى أسوأ.
مع ذلك لا نجد في تركيا أو اليونان أو قبرص مَن يقوم بمهمة جلد الذات أو سياسة العملات الذين لا ينفكون ليل نهار على استهداف قطاعاتهم، فلماذا يحدث ذلك في لبنان؟
وما هي الفائدة في عدم الإنفكاك عن اعتبار أنَّ لبنان في منحدر باتجاه الهاوية؟
***
لا، لبنان ليس هكذا ولن يكون هكذا، خفِّفوا من غلوائكم واتَّقوا الله، ولو كان لبنان سينهار لكان انهار في أية محطة من المحطات الخطيرة الآنفة الذِكر.