هناك من يقول بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنقذ المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، من خلال المبادرة التي أطلقها في 31 آب، فلولا هذه المبادرة الحوارية لم يكن ليجد لودريان ما يقوله في بيروت، علماً أن ما سمعه الرجل من القوى السياسية، لا يختلف إطلاقاً عما سمعه في زيارات سابقة.
لم يفهم لودريان ما يُريده حزب “القوات اللبنانية” من مسألة الرئاسة، كذلك ما يطرحه حزب “الكتائب اللبنانية”، فعندما يكون رفض الحوار مطلقاً، يصبح التساؤل حول الهدف منطقياً ومطلوباً، وبحسب مصادر سياسية مطلعة فإن المبعوث الفرنسي حاول السؤال أكثر من مرة لدى لقائه مع القوى الرافضة للحوار، عن الأهداف الحقيقية خلف الرفض، دون أن يلقى جواباً مقنعاً.
كرر المعارضون أمام لودريان رفضهم لوصول رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى بعبدا، رغم أن المبعوث الفرنسي لم يسمّ أمامهم إسماً، بل تحدث عن ضرورة الحوار لانتخاب رئيس، كذلك أعاد المعارضون التأكيد رفضهم للحوار مع حزب الله، وهو ما يشكل النقطة الأساسية التي يجب التوقف عندها، فإن لم يرغب هؤلاء بالحوار والشراكة مع الحزب، فكيف سيستمرون مستقبلاً، وكيف ستُشكل حكومة، وكيف سيكون الوضع على طاولة مجلس الوزراء؟
إن مواقف القوى المعارضة أمام الفرنسيين تطرح سؤالاً، فكّر به الفرنسيون بحسب المصادر، وهو يتعلق بالنظام اللبناني، فهل رفض الحوار يأتي ثمرة كل ما طالبت به تلك القوى مؤخراً من إعادة نظر بالنظام اللبناني والحديث عن طلاق؟
وتكشف المصادر أن لودريان فتح هذا الموضوع مع بعض من التقاهم، في سبيل أن تكون الصورة واضحة أمامه، وسأل “هل هناك رغبة بتعديل الصيغة اللبنانية والنظام”، رغم ما سمعه من تأكيد بأن أحداً لا يفكر بصيغة جديدة حالياً، خاصة بظل رفض سعودي مطلق وتام لأي تفكير بتعديل اتفاق الطائف، لذلك بحسب المصادر فإن الفرنسيين كانوا ولا يزالون يعولون على الموقف السعودي بشكل كبير، على اعتبار أن المملكة قادرة على التأثير على مواقف القوى المعارضة، التي ترفض كل المبادرات الحوارية.
بالنسبة الى المعارضين فهم لا يطلبون المستحيل، ولا يعارضون الحلول لأجل المعارضة فقط، بل هم بحسب مصادر مطلعة على مواقفهم، يريدون اتباع القواعد الدستورية فقط ومنع الآخرين من فرض أعراف جديدة، تصبح بحكم القواعد الدستورية مستقبلاً، خاصة أن القاعدة هي انتخاب الرئيس داخل المجلس النيابي، فلماذا ابتداع أعراف جديدة تتعلق بالحوار قبل انتخاب الرئيس؟
وتجزم المصادر أن رفض الحوار لا يتعلق برغبة بتغيير الصيغة، علماً أن السؤال حول رغبة كهذه يجب أن يتوجه نحو الذين يرفضون تطبيق اتفاق الطائف، ويحاولون فرض رغباتهم على كل الشركاء داخل الوطن، مشددة على أن الحل لا يكون بفرض الرغبات، بل بتطبيق الدستور وانتخاب رئيس داخل قاعات المجلس، من خلال انتخابات نزيهة يعبر فيها كل نائب عن موقفه.