التعامل بكيدية مع موضوع العلاقات اللبنانية السعودية يعمِّق الأزمة على ارتدادات سلبية
وزراء يثيرون الملف في مجلس الوزراء اليوم والحريري حريص على معالجته
على وقع التداعيات المتصلة بالعلاقات الدبلوماسية اللبنانية السعودية، يُتوقع أن يثير عدد من الوزراء في جلسة الحكومة المقررة اليوم، موضوع التأخير في تحديد موعد لسفير المملكة العربية السعودية المعيّن في لبنان وليد اليعقوب، من قبل وزارة الخارجية والمغتربين لتقديم أوراق اعتماده، خاصةً بعد مضي أسابيع على وجوده في بيروت، تفادياً لمزيد من الانعكاسات السلبية على صعيد العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية، والتي يمكن أن يتسع نطاقها ليشمل العلاقات اللبنانية الخليجية، وهو الأمر الذي سبق وجرى التحذير منه، وسط دعوات للحكومة لانتهاج سياسة شفافة في التعامل مع الملفات الخليجية وتحديداً ما يتصل بالعلاقات اللبنانية السعودية.
وتأتي مطالبة بعض الوزراء بضرورة حسم هذا الملف، إلى الخشية من ارتداداته على لبنان ومصالحه، باعتبار أن العلاقات اللبنانية السعودية كانت دائماً مثالاً للعلاقات الدبلوماسية القوية والمتينة بين الأشقاء العرب، وتالياً فإنه ليس للبنان أي مصلحة في تراجع هذه العلاقات، بالنظر إلى أضرارها الجسيمة على لبنان واقتصاده، في ظل وجود ما يقارب ثلاثمائة ألف لبناني يعملون في المملكة، إلى جانب ثلاثمائة ألف آخرين في دول مجلس التعاون، ما يعني بوضوح أن لبنان سيكون الخاسر الأكبر من أي كيدية أو تردٍّ قد يصيب علاقاته بالسعودية وبأشقائها الخليجيين. وهذا ما يفرض برأي أوساط وزارية كما تقول لـ»اللواء»، أن يصار إلى وضع الأمور في نصابها، من خلال سلوك طريق الدبلوماسية وحدها بعيداً من الاعتبارات السياسية في التعاطي مع موضوع التبادل الدبلوماسي بين لبنان والمملكة العربية السعودية، من خلال تحديد موعد للسفير السعودي الجديد في لبنان لتقديم أوراق اعتماده في أقرب وقت، وهو الأمر الذي ستقابله الرياض بتسلّم أوراق اعتماد السفير اللبناني الجديد لديها، بغية تنقية هذه العلاقات من كل الشوائب التي لحقت بها، في ضوء استقالة الرئيس سعد الحريري الذي أكد في أكثر من مناسبة حرصه على متانة هذه العلاقات والارتقاء بها إلى الأعلى، لأن لبنان لا يمكنه التفريط بها، انطلاقاً من حاجته السياسية والاقتصادية إلى تعزيز العلاقات على مختلف المستويات مع الدول الخليجية، مشددةً على أن الرئيس الحريري يولي هذه العلاقات اهتماماً خاصاً وهو لن يدّخر جهداً لإبقائها متميزةً في شتى المجالات، وبالتالي فإن الجميع مدعو للتعاطي مع هذا الملف بواقعية ومسؤولية كبيرة، بعيداً من أي تأثيرات سياسية أو محاولات لتصفية حسابات سياسية لحساب هذا الفريق أو ذاك.
ولفتت الأوساط الوزارية إلى أنه يُشتمّ من وراء التأخير في تسلّم أوراق اعتماد السفير السعودي محاولة من جانب بعض الأطراف لتوجيه رسائل سياسية إلى المملكة والدول الخليجية، على خلفية بعض المواقف من العهد والانتقادات التي وُجِّهت إليه بسبب دفاعه عن سلاح «حزب الله»، مشيرةً إلى أن التعامل مع هذا الملف الدبلوماسي انطلاقاً من هذه الخلفية، أمر سيئ ومن شأنه أن يلحق أضراراً كبيرة بالعلاقات اللبنانية الخليجية بصورةٍ عامة في المرحلة المقبلة، خاصةً إذا صدر موقف سعودي مستاء من التعامل اللبناني مع ملف سفير المملكة الجديد في بيروت، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية على مختلف الأصعدة.
في المقابل، تعتقد مصادر دبلوماسية أن أزمة العلاقات بين بيروت والرياض في طريقها إلى الحل في وقتٍ قريب، ضمن الأطر الدبلوماسية المتعارف عليها، حيث أن البلدين لا يجدان أي مصلحة لهما في تراجع علاقاتهما التي لطالما كانت متميزة على مختلف الأصعدة، بحيث أن الجهود ستتركز في المرحلة المقبلة على الدفع باتجاه حل هذه الأزمة القائمة، من خلال تسليم أوراق السفيرين المعتمدين لدى لبنان والمملكة، بالتوازي مع الجهود التي يبذلها الرئيس الحريري لوضع قطار العلاقات اللبنانية السعودية على سكته والعمل على فتح آفاق جديدة من التعاون بين البلدين الشقيقين.