ربْط ملف تعيين العمداء بالتوزيع الطائفي يُعقّد العام الدراسي ويضعه أمام المجهول
للسنة الثالثة على التوالي، تعم٘ الاضرابات والاحتجاجات الجامعة اللبنانية، لعدم إهتمام المعنيين في ملفها. وإن كان طلاب الجامعات الخاصة يدفعون مبالغ باهظة لمتابعة دراستهم، فإن طلاب الجامعة اللبنانية غير قادرين على الالتحاق بالتعليم الجامعي الخاص ويقعون ضحية هذا الإهمال. فما هو مصيرهم؟ وما هو مصير الاساتذة الذين خسروا أكثر من 90 بالمئة من قيمة رواتبهم؟
تتعرض الجامعة الوطنية لأخطر أزمة منذ تأسيسها في العام 1951، فهي لم تتوقف يوماً عن العمل حتى في أشد الأزمات والحروب، بل على العكس تابعت عملها وحافظت على اسمها. ولا يمكن تخيل حجم الخسارة إذا بقي ملف الجامعة معل٘قاً. فبحسب د. علي كمال فارس، وهو عضو في اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين: “إن الجامعة اللبنانية وأساتذتها وطلابها والعاملين فيها بخطر، فهم لا يملكون القدرة على القيام بعملهم والحضور الى الكليات بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة وكلفة التنقل، كما لا يمكنهم العيش في ظل عقود مصالحة تحرمهم أدنى حقوقهم. لذلك فان إقرار ملفات الجامعة اللبنانية أصبح أمراً ضرورياً”. ويناشد باسمه وباسم اللجنة التمثيلية، المسؤولين والحكومة، لوقف تهميش قضية الجامعة اللبنانية والعمل على إنصافها لإنقاذ العام الدراسي، فهي جامعة الوطن، والمرفق الحيوي للبلد، وجيش لبنان الثاني، اذ يجب حمايتها والحفاظ عليها”.
تحديات الجامعة اللبنانية
وبحسب المدرب في الجامعة اللبنانية موسى سويدان، فإن التحديات التي تمر بها الجامعة هي عديدة ومنها:
• الموازنة: حيث لم يتم التعديل المطلوب في موازنة الجامعة اللبنانية، مع العلم أنه تم التعديل في موازنات المؤسسات العامة الأخرى، ما يهدد إستمرار الجامعة. فعلى سبيل المثال انخفضت مساهمة الدولة في الجامعة بين عامي 2018 و2022 من 386.50 مليار ليرة إلى 364.7 ملياراً. ولا تتعدى النفقات التشغيلية 17.6 بالمئة، ولم تُرفع بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار وأزمة المحروقات. وكذلك بقى بند المحروقات على حاله بين العامين 2021 و2022 بينما جرت زيادته في موازنات المؤسسات العامة الاخرى، وكذلك بالنسبة إلى المطبوعات والقرطاسية وما يخص صيانة الأبنية.
• الملف الساخن: ونعني بذلك ملف تعيين العمداء من قبل مجلس الوزراء، والمعرقل بسبب التوزيع الطائفي، الذي بدوره يعرقل الملفات الأخرى: ملف دخول الأساتذة المتفرغين في الملاك، ملف دخول الأساتذة المتعاقدين في التفرغ، وملف المدربين”.
مصير الطلاب والخوف من المستقبل!
في الواقع، إن طلاب الجامعة اللبنانية هم الحلقة الأضعف وسط هذه الفوضى، خاصة لأنهم ينتمون إلى طبقة محدودي الدخل أو حتى الطبقة الفقيرة. حيث لا خيار أمامهم سوى الانتظار. ومع تأزم الوضع المعيشي، توجه عدد كبير من الطلاب إلى العمل وإهمال دراستهم. فما هو مصيرهم؟ وهل سيكون لدينا جيل جديد غير متعلم؟ يؤكد سويدان “أن أغلبية الأساتذة في الجامعة اللبنانية تفاعلت مع التعليم عن بُعد، “أونلاين”. ولكن تبقى المشكلة في تعيين موعد الامتحانات التي عل٘قت في الوقت الحالي حتى إيجاد الحلول. إضافة الى ذلك، يواجه الطلاب مشكلة في النقل بسبب كلفته العالية، فلا أحد يفكر بدفع تعويضات لهم، أو حتى تأمين باصات ووسائل نقل تمكنهم من الوصول الى الجامعة بأقل تكلفة. وكذلك عدم توفر الكهرباء في بعض الفروع ونقص في القرطاسية. إذاً هناك مشكلة تقنية، بعيدة جداً عن إهتمامات السياسين، فكيف لنا أن نبني جامعة الوطن دون وجود المقومات الاساسية؟”.
الأساتذة في مهب الريح
“كان الأستاذ الجامعي يعيش بمستوى اجتماعي لائق”، يقول فارس، “أما اليوم فقد أصبح مثقلاً بالهموم المعيشية بعدما أصبح راتبه متدنياً جداً، حيث لا يتعدى الراتب الشهري لاستاذ متعاقد في الجامعة اللبنانية الـ 2000000 ليرة لبنانية، إضافة الى غياب بدل النقل والضمان الصحي والمنح الدراسية. والأهم من ذلك غياب الاستقرار الوظيفي. لذلك من المفروض رفع معنويات الأساتذة في الأوقات الصعبة، وتحقيق المطالب التي يرفعونها، وذلك لضمان بقائهم، والحد من هجرتهم بسبب المماطلة في إقرار تفرغهم لأسباب ليس لها علاقة بالكفاءة، وللحفاظ على المستوى التعليمي العالي في الجامعة”.
إن الجامعة اللبنانية هي العمود الفقري للمؤسسات العلمية والتعليمية داخل الوطن، لذا على الدولة الحفاظ عليها كونها تمد البلد بأرقى الكفاءات والمهارات. فلماذا حتى اليوم ما زالت مهم٘شة؟ فهل هناك من يسعى الى ضرب الجامعة الوطنية خدمة لبعض الجامعات الخاصة ولأهداف متماشية مع مصالحهم؟ إن ملف الجامعة اللبنانية هو ملف مصيري، يجب التحرك لإنقاذ الطلاب والاساتذة، وإنقاذ جامعة الوطن الوحيدة.