اللجان النيابية شرعت في درس واعداد مشروع قانون انتخابي جديد.
الا ان الحظوظ المتاحة، لا توحي بأن البلاد مقبلة على قانون عصري جديد، يفضي الى العصرنة.
اللجان النيابية المشتركة توحي أساساً ب قانون عصري، لكنها لا تبشر بأن الشارع أقوى من المشترع.
وفي النهاية يطوف المشترعون في آفاق جديدة، لكنها تربض عليها أوزار موسمية متقلبة.
الا ان الرئيس نبيه بري يفضل قانون ميقاتي على سواه، وإن كان خارجاً من نكسة انتخابات طرابلس.
وفي النهاية يعودون الى أبغض الحلال أي قانون الدوحة أو قانون العام ١٩٦٠.
ولكن، تعالوا نتحدث بصراحة.
وليكن لكل واحد رأيه وأفكاره.
عندما طرح موضوع الانتخابات النيابية برز موقف نادر، ألا وهو صعوبة مرور الانتخابات من دون قوانين جديدة.
وهنا برزت عقدة أساسية بين المشترع والشارع.
الأول ينادي بالانفتاح على كل جديد وحديث.
والثاني يستسلم أمام معظم الآراء الشائعة.
والمشترع ينادي بالحديث والجديد، في حين ان المشاريع الدارجة تسير وفق كل ما هو عتيق وقديم.
كان الاستاذ الكبير اميل خوري ينادي في العام ١٩٥٨بالأفكار القديمة، معطوفة على الافكار الحديثة.
لكن الحداثة غير الرتابة.
من أجل ذلك يعود معظم اللبنانيين الى الأفكار القديمة، وصولاً لاحقاً الى الأفكار الجديدة.
في تلك الحقبة، راح البطريرك الحويك يشدد على العصر المكتوب من دون الوقوع في الأفكار المرشحة للتغيير.
وما شهدته الانتخابات البلدية في طرابلس يوحي بأن اللجوء الى ما هو مرسوم، خطأ كبير غير مقصود.
ذلك أن الانتخابات البلدية أفرزت نتائج غير ميسورة، ولعل هذه الثغرة، إن أصابت بعض الأفكار تركت آثارها السيئة عليها.
ويقول الأستاذ نصري المعلوف إنه كان يقف الى جانب القانون المكتوب ولو كان من رواد القوانين غير المكتوبة.
ولعل التمسك ب قانون الدوحة، أو العودة الى قانون الستين، هو خطأ لا يغتفر، في عالم الكبار، ذلك ان الهروب من قانون عصري صعب المراس ليس أسهل من اللجوء الى قانون عاطل في الزمان العاطل.
والمصيبة الكبرى ألاّ يصل المراقبون الى حدود واضحة بين القانون الجيّد والقانون العصري، وتلك هي المحدلة التي تفرض نفسها على الجميع.
وتلك هي الكارثة الواقعة بين المشترع والشارع!!