IMLebanon

رفع العقوبات يعيد إيران إلى الحضن الدولي لا يريح “حزب الله” بل يزيد التشدد الأميركي

ما إن أعلن الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أوفت بالتزاماتها في شأن الاتفاق النووي، حتى بادرت واشنطن الى الإعلان أن الاتفاق النووي مع طهران دخل حيز التنفيذ، لتكر وراءه سبحة اعلانات مماثلة عن الدول الأوروبية، فتُفتح بذلك صفحة جديدة من العلاقات بين الاسرة الدولية وطهران، أهم ما فيها أنها أعادت بلاد فارس الى الحضن الدولي والى نظامه، مع كل ما ستحمله هذه العودة من تحديات ومحاذير بعد العزلة الدولية التي حاصرتها لعقود من الزمن.

فيما ينتظر العالم آليات رفع القيود الاقتصادية التي ستتطلب نقضاً أو إلغاء لقوانين وإجراءات حكمت العقود التجارية والتعاملات المالية في حقبة الحظر، يرى المراقبون الاقتصاديون أن من المبكر جداً تقويم المكاسب التي ستتحقق لطهران أو لدول الغرب أو العالم العربي من جراء عودتها المشرعة الى الساحة الدولية، خصوصا أن بدء تطبيق الاتفاق النووي يأتي في خضم التغيرات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية، وقد كان الاتفاق جزءاً أساسياً في تركيب المعادلات التي ستحكم الشرق الاوسط الجديد وترسيم خريطة طريقه.

لم تكن مصادفة أن يأتي قرار رفع العقوبات بعد أيام قليلة على صدور قانون أميركي جديد يحظر التعامل مع “حزب الله” ويفرض عقوبات شديدة على كل التعاملات المشتبه فيها، ليس لعناصر تابعة للحزب، ولكن حتى لتجار أو قريبين منه.

ولم يكن هذا القانون بريئا بما أنه قرر تشديد القبضة الأميركية على الحزب، مع ما يستتبعه ذلك على لبنان، فيما كان يرخيها في المكان الذي يشكل المصدر الأساسي لتمويل الحزب ولشبكاته الخارجية.

وهذا التزامن لا بد أن يستدعي قراءة لمضامينه والرسائل التي على لبنان أن يتلقفها، بمصارفه من جهة وبسلطاته من جهة ثانية، وبـ”حزب الله” من جهة ثالثة.

عندما صدر القانون الأخير، مع ما أثاره من ضجة في الاعلام بعد تناوله مباشرة من الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله من خلال دعوته المصارف الى عدم الانصياع للإرادة الأميركية، ساد نقاش داخلي بعيد من الاضواء بين المصارف التي يستعد وفد منها للسفر في ٢٤ من الجاري الى واشنطن للقاء الدوائر المالية الأميركية، حيال المقاربة الواجب إتباعها لاحتواء التعاطي الإعلامي السلبي او غير المتفهم للموضوع، ولأهميتها على سمعة لبنان وقطاعه المصرفي. وقد انقسم الرأي بين من دعا الى الاستمرار في التزام الصمت بما أن لا شيء لقوله ما دامت المصارف تلتزم القوانين، وليس ضروريا بالتالي تكرار ذلك كلما صدر قرار أو اتخذ إجراء. وذهب الرأي الآخر الى ضرورة شرح المواضيع الملتبسة على الاعلام، منعا لخروجها عن سياقها. وقرّ الرأي على عدم التعليق إلا عند الحاجة، والواضح أن لا حاجة راهنا الى إيضاحات ما دامت المصارف تقوم بواجباتها.

ستساعد زيارة الوفد المصرفي اللبناني لواشنطن ونيويورك الأسبوع المقبل في إطار الزيارات الروتينية التي تقوم بها المصارف سنويا للولايات المتحدة، في استيضاح القانون وآليات تطبيقه، لكنها ستساعد كذلك في إفساح المجال امام المصرفيين اللبنانيين للإستفسار عن آلية رفع العقوبات عن طهران بالنسبة الى المصارف اللبنانية، وما سيرتب عليها التعامل المالي الجديد، وفق اي قوانين او معايير. بات أكيدا للوسط المصرفي أن ثلاث حقائق ستحكم المرحلة المقبلة في مقاربة الملف المالي:

– ان الولايات المتحدة جدية جداً في تطبيق القانون الجديد وتضييق الخناق على الشريان المالي لـ”حزب الله”.

– ان المصارف ستكون ملتزمة الى أقصى الحدود ولن تسمح بأي تفلت يؤثر عليها.

– ان “حزب الله”، رغم رفضه للمنظومة المالية والمصرفية القائمة، لن يعرض المصارف اللبنانية لأي تهديد، إنطلاقا من حرصه على الاستقرار الداخلي والحؤول دون انهيار الأوضاع، خصوصا أنه يعي تحميله مسؤولية التعطيل والشغور الرئاسي.

ثمة حقيقة رابعة لا بد من أخذها في الاعتبار، وتكمن في أن الادارة الأميركية مضطرة الى إعطاء إشارات واضحة وجدية مفادها أنها لن تخفف الضغط على “حزب الله”، بما يطمئن إسرائيل من جهة ويؤكد الموقف الاميركي الصارم في شأن مكافحة تمويل الارهاب، من جهة أخرى.