IMLebanon

السفير» تنشر خطة معالجة الليطاني: التنفيذ ينتظر مجلس النواب

عندما تفجّرت قنبلة إعلان الموت السريري لبحيرة القرعون ومعها نهر الليطاني، شمّر المسؤولون عن سواعدهم ليؤدوا دور المنقذين، متناسين أن إهمالهم واجباتهم في تطبيق القوانين الموجودة ومراقبة تنفيذها هو الذي أدّى إلى حال الفوضى التي أوصلت الحوض وناسه إلى الأمراض والموت.

المهم أنتجت الضجة الإعلامية وهلع الناس وهجرة بعض العائلات في البقاع من حول مجرى الليطاني، واعتكاف أهالي الجنوب عن ارتياد المرافق السياحية على ضفافه، ما حرّك المياه الراكدة على الصعيد الرسمي، فتمّ تشكيل لجنة وزارية للبحث في الحلول المقترحة.

وعليه، وضعت خطة للمعالجة لن ترى نتائجها التنفيذية النور «إذا لم يجتمع مجلس النواب ليُقرّ قانون الهبات المطلوبة لتنفيذ خطة معالجة مياه الصرف الصحي التي تلوّث نهر الليطاني من منبعه في العلاق إلى مصبه في القاسمية، وكذلك مبلغَيْ الـ55 مليون دولار لتنظيف بحيرة القرعون، والـ50 مليون دولار لتنفيذ قنوات الجر من المؤسسات الصناعية الـ650 إلى محطات التكرير في المناطق الواقعة في نطاقها الجغرافي»، وفق ما أكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن لـ «السفير».

وضع الخطة المجلس الوطني للبحوث العلمية بالتعاون مع وزارات الصناعة والبيئة والزراعة والصحة والداخلية ومصلحة الليطاني ومجلس الإنماء والإعمار، وأودعت نسخ منها عند الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، ولدى كل الوزارات المعنية، وفق ما يؤكد الأمين العام للمجلس الدكتور معين حمزة لـ «السفير». ويقول حمزة إن الخطة نوقشت في اجتماع في مجلس النواب وحوّلت الى اللجان النيابية المشتركة.

يؤكد الوزير الحاج حسن أن وزارة الصناعة، بالتعاون مع وزارة البيئة، تعمل على معالجة نفايات المصانع والمعامل في كل لبنان، ومن ضمنه حوض الليطاني، وذلك بناء على القرارات التطبيقية لمرسوم الالتزام البيئي الذي صدر في العام 2012، فيما صدرت مراسيمه التطبيقية في العام 2014.

وعليه، تم الاتفاق على تقسيم المؤسسات الصناعية وفق فئاتها ومنحها مهلاً لمعالجة نفاياتها. وبذلك، وفق الحاج حسن، منحت مصانع الفئة الأولى مهلة لغاية نهاية العام 2017 لمعالجة نفاياتها (أي بعد سنة ونصف السنة)، فيما حدّدت نهاية العام 2018 لمؤسسات الفئة الثانية، ونهاية العام 2019 للفئة الثالثة.

ويؤكد وزير الصناعة أنه لغاية نهاية المهل «لن يسمح للمؤسسات الصناعية بالاستمرار بتلويث مجاري الأنهر والبيئة في كل لبنان ومنه حوض الليطاني: سنبحث معهم في كيفية معالجة نفاياتهم لغاية انتهاء المهل وسنعقد مؤتمراً صحافياً قريباً نعلن فيه آليات العمل بوضوح». وقال الحاج حسن «مَن لديه مشكلة في كيفية التعاطي مع نفاياته فليأتِ ويبحث معنا في الأمر ونحن مستعدون لتقديم الاستشارة من الخبراء والمختصين، أما مَن لا يأتي ويستمر بالتلويث فلن نسكت عنه». ويؤكد أن وزارة الصناعة أرسلت تعميماً للمصانع عبر جمعية الصناعيين يفيد بـ «ألا يتفاجَأ أحد إذا أقفلنا مصنعه». وإلى حيث معالجة النفايات وفق المهل «يجب على المؤسسات الصناعية، وفق الحاج حسن، تخزين نفاياتها بطريقة لا تضر بالبيئة وعدم رميها في المجاري من دون معالجة».

من جهته، يشير الدكتور معين حمزة إلى أن معالجة تلوث حوض الليطاني «تشمل نحو 25 في المئة من مساحة لبنان تحوّلت فعلاً إلى مزبلة، ولم يعد من الممكن السماح باستمرار الوضع على حاله». ويشير إلى أن هناك 380 مؤسسة صناعية من الفئة الأولى «أي أن تلويثها عال جداً وليس لدينا محطة واحدة لتكرير النفايات الصناعية». ويرى ان هذا «التنوع الصناعي في لبنان يعادل تنوع مصانع المدن الصناعية في أوروبا»، وهو ما «يعقّد معالجة النفايات الصناعية لاختلاف أنواعها، بالإضافة إلى نفايات المياه الآسنة الناتجة من الكثافة السكانية في حوض الليطاني من منبعه إلى مصبه، والمسلطة إلى النهر من دون أية معالجة». ويؤكد حمزة أن من شأن قضية بهذا الحجم أن تولد اضطراباً اجتماعياً بين المناطق الملوثة للنهر وبين تلك التي تعتمد عليه للري والمتضررة منه». وعليه «يجب البدء بالمعالجة لأن الوضع لا يحتمل التأجيل نهائياً».

ويرى حمزة ضرورة تنازل جميع مؤسسات الدولة عن صلاحياتها لمصلحة مؤسسة واحدة تمسك بحوض الليطاني، و «مصلحة الليطاني مؤهلة للإدارة بعد تعديل نظامها، ويمكن إشراك المواطن بالرقابة بحيث لا تحتكرها مؤسسة واحدة».

خطة المعالجة

تقع الخطة التي سلّمت إلى مجلسي النواب والوزراء والوزارات المختصة في سبع صفحات من الجداول. وقسمت إلى ثلاث مراحل: آنية وسريعة، وعلى المدى المتوسط ثم البعيد – المستدام، مع تحديد الجهة المسؤولة عن متابعة وتنفيذ ومراقبة كل مرحلة وإجراء. وهي خطة ترتبط بمعالجة الحوض الأعلى لليطاني في البقاع كونه مصدر التلوث الأكبر على النهر.

وتنص الخطة في باب التدابير السريعة على «معاينة مصبات الصرف الصحي مع البلديات ومنع صب المجارير مباشرة بالنهر من خلال تحويلها إلى أماكن يتم زرعها بالقصب والنباتات أو ما يشابهها (artificial wetlands) قبل أن تصب في الليطاني بانتظار الانتهاء من إنشاء محطات التكرير. وكذلك عدم السماح بوصل أية شبكات مجارير جديدة في المناطق التي ليس فيها محطات تكرير مع فرض إنشاء جور صحية للوحدات السكنية، وفق القانون (القرار 32/16 والمراسيم التطبيقية له)، وتأمين تفريغ هذه الجور وإيصالها إلى محطات التكرير.

وتوصي الخطة بتشغيل المحطات الموجودة على جانبي النهر بقدرتها القصوى واستكمال جميع الشبكات والوصلات المنزلية، وكذلك تنفيذ محطات تكرير الصرف الصحي المقرّة.

وتفصّل الخطة وضع وحال كل محطة تكرير وكيفية التعامل معها والمراحل المنجزة وقيد الإنجاز على المديين المتوسط والدائم.

وحددت مؤسسة مياه البقاع ووزارة الطاقة والمياه كجهة مسؤولة بالتنسيق مع اللجنة المستحدثة عن معالجة مياه الصرف الصحي ومحطاته. وكذلك إقرار مشروع قانون النيابة العامة البيئية ومشروع مرسوم الضابطة البيئية.(الجهة المسؤولة هي وزارة البيئة)

وبالنسبة للنفايات الصلبة، توصي الخطة بتطبيق خطة العمل المتعلقة بمحطات الترحيل والفرز والتسبيخ والمطامر الصحية التي يقتضي توسيعها أو إنشاؤها، مع التوصية بإقفال بعض المكبات الموجودة حالياً ومعالجتها وتطوير مكبّات أخرى وفقاً للمعايير البيئية. (وزارة البيئة مسؤولة)

النفايات الصناعية

وبالنسبة لنفايات المصانع، تقترح الخطة تطبيق مرسوم الالتزام البيئي الذي تحدّث عنه وزير الصناعة لجهة تحديد المسؤوليات وطرق ومهل معالجة نفاياتها الصناعية، والقروض التي تسهل تطبيق المعالجة.

وتخصّ الخطة مصدر التلوث الثالث في حوض الليطاني البقاعي بباب للمبيدات الزراعية وضرورة بناء وتقوية القدرات في مجال الإدارة المتكاملة للمبيدات، وكذلك تغذية النبات والحفاظ على جودته واستعمال طرق الري البيئية والفعالة. (وزارة الزراعة مسؤولة)

وطبعاً، يطالب واضعو الخطة بإقرار ما يلزم من قوانين ومراسيم وإصدار القرارات التي من شأنها تسهيل تنفيذ خريطة طريق إزالة التلوث عن ليطاني البقاع.