IMLebanon

حسابات الحرب الطويلة على داعش والارهاب

داعش يتابع، ضمن وظيفته في ادارة التوحش، تدمير الموزاييك الاجتماعي التاريخي في العراق وسوريا، وأحدث فصل في جرائمه الارهابية كان الاعتداء على قرى أشورية على ضفاف نهر الخابور في محافظة الحسكة واحراق الكنائس وخطف مئات الأشوريين. فليس لدى داعش سوى العنف بكل أنواعه. عنف الأفكار. عنف السلوك الذي يفرض على الناس أشدّ أشكال الحياة ضيقاً. عنف إذلال المرأة بما هو أكثر من السبي. عنف استعادة العبودية. العنف ضد كل من ليسوا مسلمين. العنف ضد كل الأقليات. والعنف ضد كل مسلم ليس موافقاً على تطرّفه ولم يبايع الخليفة ابراهيم المسمّى أبو بكر البغدادي.

لا بل ان داعش يستخدم العنف كسلاح مزدوج: من جهة لدبّ الرعب في نفوس الناس وصفوف خصومه، ومن جهة أخرى لجذب الشباب الجاهل والعاطل عن العمل والمهمّش نحو الانضمام اليه. ولعل الأمر الذي يستحق الدرس الجدّي هو مسارعة تنظيمات وأفراد في بلدان عدّة لمبايعة خليفة لا يرونه ولا يعرفونه، على الرغم من خطاب المراجع الدينية الاسلامية التي تكرر يومياً ان الاسلام براء من داعش. فلا شيء يردّ تدافع المتطوعين من كل مكان للقتال تحت راية داعش. لا الغارات الجوية، ولا المراقبة الأمنية الصارمة.

وكالعادة، فان القوى المحلية والاقليمية التي عليها ان تحارب داعش، تطالب اميركا والتحالف الدولي الذي تقوده بالمهمة. واميركا ليست في عجلة من امرها، بحيث ان الرئيس اوباما يترك لخليفته في البيت الابيض بعد عامين ان يكمل الحرب على داعش. اما المبرر، فانه غياب البديل الذي تطمئن له واشنطن. وأما السبب الحقيقي، فانه حسابات جيوسياسية معقدة يتم توظيف داعش في تحقيقها. والمفارقة ان القوى المحلية الاقليمية التي تعطي الاولوية للحرب على داعش والارهاب، تخوض معظم المعارك مع تنظيمات اخرى، وتتصرف على اساس ان توظيف همجية داعش يخدم مصالحها.

واذا كان الرأي السائد ان داعش أخطر من القاعدة، كان الرأي المكتوم ان القضاء على داعش اسهل. اذ الحرب على القاعدة المستمرة منذ ما قبل تفجيرات ١١ ايلول ٢٠٠١ حتى اليوم هي حرب مع اشباح لا ارض لها ولا معسكرات كبيرة ولا مراكز معروفة، وبالتالي فانها محكومة بأن تطول. اما داعش، فانه يسيطر على مدن وبلدات ويعلن دولة، وبالتالي فان القضاء عليه عسكرياً ممكن خلال اسابيع، لا شهور ولا سنوات.

لكن القرار السياسي ليس كذلك. والخطر الكبير هنا، حيث يتجمع الارهابيون من كل بلدان العالم، لا في اميركا واوروبا، حيث الخوف من عودة بعض الارهابيين الى هناك.