Site icon IMLebanon

اللبنانيون يراهنون على دولاب وطابة

 

اليانصيب واللوتو ربحٌ أكيد للدولة

 

مساء اليوم، تدور طابات “اللوتو” الـ 42، كما كل خميس واثنين، لكن هذه الأمسية، ستكون مختلفة إن ابتسم الحظ لواحد أو أكثر، وتمكن من خطف أعلى جائزة في تاريخ اللوتو ( بالعملة الوطنية) والمتوقع أن تتخطّى العشرة مليارات و500 مليون ليرة، والتي يحتاج حملها إلى “عونة” إخوان. ودواليب اليانصيب الوطني أيضاً “تبرم” وكم تبدو جائزة اليانصيب الأولى هزيلة ( 150 مليون ليرة)، إذا ما قيست بجوائز اللوتو. في أي حال اليانصيب أيضاً يضرب لكم موعداً آخر هذا المساء.

 

يقول الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت “إنّ من عقد النيّة على الفوز لا ينطق بكلمه مستحيل”، وهو ما معناه أن من يضرب موعداً مع الفوز يؤمن بإمكانية تحققه مهما طال الانتظار. هذا يلخص حال الكثير من اللبنانيين الذين يضربون المواعيد ما بين الإثنين والخميس متسلحين بآمال الفوز بـ”اللوتو”.

 

على الرغم من انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية المريع لا يزال الإقبال على سحوبات “اللوتو اللبناني” كبيراً، وهو ما يبرره رئيس مجلس إدارة “اللبنانية للألعاب” رينيه جريصاتي بتدني سعر شبكة اللوتو أيضاً. فوفقه إن “سعر شبكة اللوتو كان يساوي دولاراً وربع الدولار قبل انهيار سعر الصرف، أما الآن فهو لا يتجاوز 20 سنتاً، وبالتالي فإن الألفي ليرة لم تعد تساوي شيئاً في الحياة اليومية اللبنانية، لكنها في الوقت نفسه قد تشكّل فرصة لكسب المليارات”، مضيفاً أن “ارتفاع قيمة الجائزة يغري الناس أيضاً، خصوصاً أنهم يفوزون بالمبلغ نقداً وليس عبر شيك مصرفي”.

 

الدولة الرابح الأكبر

 

إلا أن هذا الانخفاض بسعر الصرف يُشكّل عبئاً على “اللوتو اللبناني” إذ يكشف جريصاتي أن “الاستمرارية في هذه الظروف صعبة للغاية خصوصاً أننا نشتري كافة المستلزمات من الخارج، كالأوراق المخصصة لاختيار الأرقام، وندفع بشكل دوري أموالاً مقابل البرامج التي نستخدمها، في حين أن الدولة اللبنانية لا تتكبد أي مصاريف على اللوتو، بل على العكس تجني منه الأموال، إذ تحصل على ما نسبته 42 في المئة من قيمة كل شبكة تسجّل، وتقتطع ضريبة ربح على الجائزة بنسبة 20 في المئة من قيمتها”. وقد بلغ مجموع ما حققته الدولة اللبنانية من إيرادات من “اللوتو” منذ تلزيمه لشركة “اللبنانية للألعاب” في العام 2001 نحو 946 مليار ليرة لبنانية، أي على مدى عشرين عاماً.

 

إنطلق “اللوتو اللبناني” في العام 1985 ولكن قبله كان اليانصيب الذي تأسس في العام 1943 في عهد الرئيس بشارة الخوري، واشتهر بعبارة “يانصيب يانصيب طاباتك تبرم وتصيب”. كان الغرض من إطلاق هذه اللعبة تأمين إيرادات للخزينة العامة وقد نجح اليانصيب في تحقيق هذا الهدف بدايةً، لكن تراجع الإقبال أدى إلى تراجع الإيرادات. وبحسب متعهد عام اليانصيب الوطني اللبناني، نهاد حدرج فإن “أسباب هذا التراجع مركبة ومتعددة أبرزها أن المجموعة التي استلمت اليانصيب الوطني في فترة من الفترات هي نفسها التي استلمت اللوتو، وسعت جاهدة إلى ضرب اليانصيب لتحقيق إيرادات أكبر في اللوتو”، مشيراً إلى أن “اليانصيب كان يبيع 180 ألف ورقة يومياً وذلك باعتبار أن احتمالية الربح كبيرة، لكن هذه الأرقام تراجعت نتيجة سوء الأوضاع في البلاد”، مشدداً على أنها “على الرغم من ذلك لا تزال جيدة، فإننا نؤمن بيع 30 في المئة كحد أدنى من نسبة الأوراق المخصصة للبيع في اليانصيب”.

 

اليانصيب تراث

 

ويرفض حدرج أي اتهام بأن اليانصيب يكبّد خزينة الدولة اللبنانية خسائر، مؤكداً أن “اليانصيب أحد المداخيل بالنسبة للدولة اللبنانية ولو أنه يكبدها خسائر لما أبقت عليه”، مشيراً إلى أن “المشكلة في غياب تنفيذ القوانين التي تضع أطر تنظيم عمل ألعاب الحظ، والتي من شأنها أن تضمن منافسة شريفة مع اليانصيب الوطني الذي يمثل تراث هذا البلد”، مضيفاً: “لدينا الاستعداد الكامل لتطوير اليانصيب ولكن المشكلة أن الدولة اللبنانية لا يمكن أن تنفق المال على اليانصيب في هذه الظروف المأسوية التي تمر بها البلاد خصوصاً في ظل وجود أولويات أخرى حالياً”.

 

الإنهيار الذي يتهدد كل مؤسسات الدولة ليس بعيداً عن اللوتو، بالرغم من كونه يتصدر المشهد حالياً. ويعتبر التطور التكنولوجي الذي واكبه “اللوتو” أحد أبرز الأسباب في مضاعفة إقبال الناس عليه. بالإضافة إلى أن سعر سحب اللوتو أقل بكثير من سعر سحب اليانصيب الذي يصل إلى 20 ألف ليرة، وذلك بحسب مطلعين بسبب وجود إحتماليات أكبر للفوز باليانصيب منها باللوتو. على عكس الجائزة، بحيث تعتبر قيمة الجائزة الأولى في اللوتو اللبناني أكبر منها في اليانصيب، وبأضعاف مضاعفة.

 

وكانت قيمة أكبر جائزة تسجل في تاريخ اللوتو بلغت سبعة مليارات ومئتين وثلاثين مليون ليرة لبنانية قبل أعوام كانت فيها الليرة مستقرة على الـ 1500 ليرة للدولار. وقد فاز منذ العام 2001 وحتى الآن 255 شخصاً بالجائزة الأولى، وقد بلغت قيمة المبالغ كلها التي رُبحت طوال تلك السنوات بالمرتبة الأولى 400 مليار ليرة لبنانية.

 

لا يمكن أن نتحدث عن اللوتو من دون أن نذكر وجهه الأبرز: الإعلامية سناء نصر. ارتبط الاسمان معاً لسنوات حتى بات فكّهما شبه مستعصٍ في الذاكرة اللبنانية. الحديث مع سناء يجرّ قائده حتماً نحو السؤال عن اللوتو وأسراره، والعكس صحيح. لا يزال صوتها حاضراً في آذان اللبنانيين، وإطلالتها السمراء الجميلة محببة لديهم. وهي إذ تؤكد أن “اللوتو كان حلم اللبنانيين والمتنفس الذي يركنون إليه ويتكئون عليه طامحين إلى تحقيق أحلامهم”، تشير إلى أنه “اليوم أكثر من أي وقت مضى بات اللوتو خشبة خلاص لشخص يريد إجراء عملية جراحية ولا يملك ثمنها، وآخر يطمح إلى تسديد قسط ابنه في الجامعة، أو فتاة تحلم في أن تركب الطيارة لأول مرة ربما. اللوتو هو بالنسبة إلى اللبنانيين اليوم الحجرة التي تسند الخابية”.

 

نصر فازت باللوتو خمس مرات فقط خلال عشرين عاماً. في كل المرات لم يتخط فوزها الثمانية آلاف ليرة. تستمر كسواها من اللبنانيين بشراء قسائم الأمل، كاشفة عن شوق كبير إلى هذه اللعبة التي تفتخر بأنها تركت بصمة كبيرة فيها. وتقول سناء للبنانيين عبر “نداء الوطن”: “لا تتوقفوا عن الحلم فلا بد ان “يبرم هالحظ”.