تبريرات موقف «القوات» من تدني نسبة تأييد ناخبيها للائحة «البيارتة» واهية وغير مُقنعة
هل من تلاقٍ مع القوى والأطراف الداعمة للائحة المنافسة لإستهداف زعامة الحريري الشعبية؟
نتائج التصويت أظهرت إنحساراً واضحاً من قبل مؤيّدي «القوات» في التصويت للائحة «البيارتة»
ما تزال نتائج التصويت في الانتخابات البلدية لبيروت ترخي بتداعياتها السلبية على علاقة الأطراف المنضوية ضمن تحالف لائحة «البيارتة» مع «تيار المستقبل» بعدما تكشفت هذه النتائج عن تواطؤ ضمني بين أكثرية هذه الأطراف لدعم اللائحة المنافسة «بيروت مدينتي» لإعطاء انطباع عام بالدعم الشعبي المتنامي لهذه اللائحة مقابل إظهار انحسار شعبية زعيم التيار الرئيس سعد الحريري.
ولوحظ أن من بين الأطراف التي طرحت علامات استفهام كثيرة حول موقفها وتصرفاتها هو حزب «القوات اللبنانية» الذي كانت تربطه حتى موعد اجراء الانتخابات علاقة تختلف في بعض نواحيها عن باقي أطراف الائتلاف الآخرين، بالرغم من الخلافات المستعصية حول الترشيحات الاخيرة لرئاسة الجمهورية وذيولها وتبعاتها، والحرص على استمرار هذه العلاقة بين الطرفين وإرساء التفاهمات الممكنة في الانتخابات البلدية التي يتواجد فيها مؤيّدو «تيار المستقبل» والقوات اللبنانية.
ولكن نتائج التصويت يوم الأحد الماضي أظهرت النتائج إنحساراً واضحاً من قبل مؤيدي «القوات» في التصويت للائحة «البيارتة» مقابل دعم ملحوظ للائحة المنافسة في مختلف مناطق نفوذ «القوات اللبنانية»، الأمر الذي حاول تبريره مسؤولو «القوات» الذين تناوبوا على تناوله والحديث عنه ومنهم مُنسّق الحزب بالأشرفية عماد واكيم باستياء النّاس من أداء المجلس البلدي السابق وما رافق مسيرته مما سماه بالفضائح وصولاً الى ما قاله بعدم قناعة المؤيدين بصوابية التحالف في الانتخابات مع «تيار المستقبل»، في حين ذهب البعض الآخر إلى محاولة التقليل من أهمية ما حصل والادعاء بتشابه نسبة التصويت الحالية مع نسب التصويت في الدورة الماضية وتصوير ما حصل بالأشرفية بنتائج التصويت في الدائرتين الثانية والثالثة من بيروت، حيث الثقل الانتخابي من الناخبين السنّة المؤيدين للمستقبل هناك.
وتبدو تبريرات مسؤولي حزب «القوات اللبنانية» بانخفاض مستوى التصويت للائحة «البيارتة» ضعيفة وغير مقنعة ومحاولة مكشوفة للتملص من وقائع ما جرى، أولاً لأن الاستناد إلى سوء أداء المجلس البلدي السابق شكلياً هو لصرف النظر عن النتيجة الواقعية، في حين يعرف القاصي والداني وجود عضو يمثل الحزب في تركيبة المجلس السابق، ولم يسمع عنه أي موقف يعبّر عن تذمّره ورفضه لأداء المجلس أو الانفراد أو التلويح بالاستقالة مما يعطي انطباعاً واضحاً عن عدم رضاه لما يحصل في داخله وكان حريصاً على العمل مع باقي الأعضاء الآخرين بانتظام، بينما لم يصدر عن حزب «القوات» ما يعبّر عن عدم رضى أداء المجلس السابق حتى الآونة الأخيرة التي تلاقت فيها مواقف أطراف عديدة منتقدة لهذا الأداء ومن ضمنها حزب «القوات».
وثانياً، فيما يتعلق بإلصاق ما حصل بعدم قناعة المؤيدين بصوابية التحالف مع «تيار المستقبل»، فهذا يعني ضمناً أن الحزب إما لم يكن مقتنعاً بهذا التحالف منذ البداية، أو أنه ليس قادراً على إلزام هؤلاء المؤيدين بالقرارات التي يتخذها، ولكن الحزب أعلن التزامه وانضواءه علناً بالتحالف مع تسميته المرشح الذي يمثله وأصبح عضواً في المجلس البلدي الجديد، في حين يعرف الجميع الالتزام المنضبط لجمهوره بتأييد قراراته خلافاً للآخرين.
مهما يكن، ما حصل قد حصل وكل التبريرات تبدو واهية وغير مقنعة على الإطلاق وتؤشر في مكان ما الى تلاقٍ بين تصرفات «القوات» والأطراف الآخرين الداعمين للائحة «بيروت مدينتي» خلافاً للتفاهمات والتحالفات ضمن لائحة «البيارتة» كما أظهرت وقائع يوم الأحد الانتخابي في صناديق الاقتراع، الأمر الذي يزيد من التصدعات على العلاقة التي تربط بين «المستقبل» والقوات، بالرغم من كل محاولات حصرها في حدود معينة ومنع تمددها لتطال التعاون والتحالف في مناطق الانتخابات المشتركة لمؤيدي الطرفين والاستحقاقات الاساسية المرتقبة.
ويبقى السؤال المطروح، هو لماذا تلاقت كل هذه القوى والأطراف المشاركة في ائتلاف لائحة «البيارتة» باستثناء الأرمن والذهاب من وراء الظهر للتصويت للائحة «بيروت مدينتي» مع أطراف آخرين مستترين كحزب الله مثلاً وما هو الهدف من وراء ذلك؟
أسئلة كثيرة والأجوبة عليها بدأت تتكشف يوماً بعد يوم وقاسمها المشترك الالتفاف على زعامة رئيس «تيار المستقبل» وإضعاف شعبيته في بيئته الحاضنة بيروت أولاً، ودفعه للتقوقع ضمن حدود مذهبية ضيقة كما هي باقي هذه الأطراف، تخريج قانون انتخابي على قياسها.
أما الأهم في كل شعارات «بيروت مدينتي» التي هي شعارات ومطالب «تيار المستقبل» الأساسية، غياب كل الإشارات والإيماءات حول سلاح «حزب الله» وتأثيراته في منع انتظام مسيرة الدولة ككل. أما النتيجة لكل هذه التفاهمات المشبوهة، فكانت نجاح لائحة «البيارتة» وتجديد الاستفتاء على زعامة الحريري.