حين تشكَّلت أول حكومة في هذا العهد، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إنَّ هذه الحكومة ليست حكومة العهد الأولى، حكومة العهد الأولى ستكون بعد إجراء الإنتخابات النيابية والحكومة التي ستنبثق عنها. جرت الإنتخابات النيابية، وفي اليوم التالي، وحتى قبل إعلان النتائج رسمياً، بدأ الحديث عن تشكيل الحكومة، كما بدأت الإتصالات في هذا الشأن بين القصر الجمهوري وعين التينة وبيت الوسط.
***
ما هو متفق عليه في هذا السياق أنَّ الحكومة ستكون حكومة سياسية بامتياز، فبعد إتفاق الطائف ليست هناك حكومات تكنوقراط.
لكن ما بدأ يُشكِّل نوعاً من الكباش ومن شدِّ الحبال، هو الحقائب السيادية وفي مقدمها حقيبة وزارة المال، فهل يتمسك الرئيس نبيه بري بهذه الحقيبة؟
المعروف منذ الطائف وحتى اليوم تسلُّم وزارة المالية من قِبَل وزير شيعي هو النائب علي الخليل، لكن بعد ذلك وفي أكثر من مرة كانت هناك مداورة في هذه الوزارة:
تسلَّمها الرئيس فؤاد السنيورة كما تسلَّمها الوزير جهاد أزعور.
وكما في المالية، هناك في الحقائب السيادية مرور لوزراء لم يكونوا من الطوائف الكبرى التي تتسلَّم الحقائب الوزارية عرفاً، فوزارة الدفاع تسلَّمها في إحدى المرات وزير كاثوليكي هو الوزير ألبير منصور.
في هذا السياق يُذكِّر خبير دستوري أنَّ الدستور لا ينصُّ إلا على مسألتين، تقسيم مجلس النواب مناصفةً بين المسلمين والمسيحيين وفق المادة 24 من الدستور، وتقسيم حقائب مجلس الوزراء ووظائف الفئة الأولى مناصفة أيضاً، وفق المادة 95، وما عدا ذلك لا مواد دستورية تقول إنَّ هذه الحقيبة لهذه الطائفة أو تلك، واستطراداً ليس هناك في الدستور ما يمكن اعتباره التوقيع الثالث على القوانين، أي التوقيع الشيعي مع التوقيع الماروني لرئيس الجمهورية والتوقيع السني لرئيس الحكومة.
***
إنطلاقاً من هذه المعطيات فإنَّ تسهيل ولادة الحكومة أو عرقلتها هو بيد الأقطاب السياسية أصحاب الكتل النيابية الكبيرة، فإما حكومة إئتلافية من مختلف الكتل، وإما وفق ما ألمح إليه رئيس الجمهورية بعد الإنتخابات، بأنَّ مَن يريد الإنكفاء وعدم المشاركة في الحكومة فقد تتشكَّل بمَن حضر.
الكلام في هذا الإتجاه هو ردٌّ غير مباشر على ما بدأ يُطرَح من وضع للعقد والشروط والشروط المضادة والبدء بالمطالب الوزارية التي من شأنها أن تعرقل تأليف الحكومة، لكن هل يسمح الوضع الداخلي والإستحقاقات المرتقبة على لبنان بتأخير ولادة الحكومة؟
في أيِّ حال فإنَّ الوقت متاح أمام المعنيين ليحددوا مواقفهم، فوفق الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، يُنتخب رئيس مجلس النواب الجديد خلال 15 يوماً اعتباراً من 22 أيار 2018 تاريخ بدء ولاية مجلس النواب الجديد. وعندها يبدأ حديث المهل عن تشكيل الحكومة، وإلى ذلك الحين فإنَّ الحكومة الحالية ما زالت قائمة.