في الوقت الذي لا تزال فيه التحالفات الإنتخابية مجرّد سيناريوهات مكتوبة على الاوراق ومتداولة بشكل سرّي بين القوى السياسية التي جمعتها أزمة الرئيس سعد الحريري الأخيرة، تحدّث مصدر نيابي مطّلع عن أن الإنتخابات النيابية المقبلة ستفرز معادلة نيابية قوامها أكثرية موصوفة في مواجهة كتلة تمثّل أقلّية معارضة، وذلك بصرف النظر عن كل الإعتبارات والمعايير الإنتخابية المستجدّة بفعل قانون الإنتخاب الجديد. وإذ اعتبر أن هذا القانون يتطابق مع الإتجاهات لدى الغالبية الطامحة إلى الإمساك بالقرار النيابي، فقد توقّع تسجيل تأثيرات خارجية، موضحاً أنها ستصطدم بصيغة النأي بالنفس، خصوصاً في ضوء الموقف السعودي الأخير من قانون الإنتخاب. ولاحظ أن الدور الخارجي لن يغيب في الإستحقاق النيابي، ولو أن الضوابط جرى وضعها مسبقاً وخلال اتفاق بين القوى الفاعلة على الساحة الداخلية.
وعلى الرغم من أن استقلالية معيّنة تتحكّم اليوم بالأداء السياسي العام عشية التفاهمات الإنتخابية، فقد كشف المصدر النيابي عن وجود قيود ما زالت تتحكّم بعملية التحالف الواسعة التي تسمح بتشكيل إئتلاف سياسي يضمّ تناقضات سابقة، ويسمح بتكوين أكثرية نيابية قد يصل عدد أعضائها إلى نصف عدد النواب في المجلس النيابي العتيد.
ومن أبرز هذه القيود، ما حفلت به السنوات الماضية من حملات واتهامات وسجالات أدّت إلى تراكمات من الصعب تذليلها بين قوى بارزة تستعدّ اليوم لخوض السباق الإنتخابي النيابي، متّكئة إلى تجربة عام من العلاقات المتينة أولاً، وإلى تجربة تضامن وطني واسعة خلال أزمة الرئيس الحريري ثانياً، وإلى تفاهم غير معلن بالتعاون في كل المجالات، وليس فقط المجال السياسي ثالثاً، والنأي بالنفس عن أي تأثيرات خارجية إقليمية أو دولية رابعاً.
وفي الوقت الذي تسعى قيادات «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» لإزالة كل الإشكاليات السابقة التي شابت العلاقات بينهما، كشف المصدر عن إشكاليات جديدة تسجّل ما بين كل من الطرفين والقوى السياسية الأخرى كـ«حزب الله» وحركة «أمل» و«القوات اللبنانية» والكتائب والإشتراكي والشخصيات المستقلة في كل المناطق. وفي هذا السياق، أورد المصدر نفسه واقع التحالفات غير الواضحة في صيدا وجزين، أو في عكار والهرمل، إلى غيرها من الدوائر الإنتخابية، التي تشهد تبدّلاً في الإستراتيجيات السياسية ستترجم خلال الإنتخابات النيابية في أيار المقبل، وذلك من خلال عملية إعادة تموضع تنسف بالكامل كل الإصطفافات السابقة، كما تحدث تغييرات جذرية في الخطاب الإنتخابي الذي سيعتمد، وصولاً إلى تجنيد واستخدام كل الوسائل المتاحة من حملات سياسية وطائفية وأحياناً مذهبية، وذلك بهدف تعبئة الرأي العام للوصول إلى نتيجة واحدة هي أن تحقّق الإنتخابات التوقّعات بتشكيل كتلة نيابية ضخمة تتولى صناعة القرار.
لكن هذه السهولة في الحصول على التأييد الشعبي من خلال شعارات متعدّدة بعضها إقتصادي وليس فقط سياسي، لا تعني أن الطريق معبّدة وسالكة أمام الحلفاء «الأقوياء»، كما يسمّيهم المصدر النيابي، والذي كشف عن تحدّيات تقف في طريق عملية نسج التحالفات خصوصاً إذا كانت اللوائح الإنتخابية تجمع تناقضات في بعض الدوائر كما هو مرتقب في بعبدا حيث قد يتحالف «الإشتراكي» مع «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، أو في صيدا وجزين حيث التحالفات «مبهمة» حتى الساعة، وتحديداً بين «التيار الوطني» وحركة «أمل» و«المستقبل» و«التنظيم الشعبي الناصري».