«المرأة اللبنانية مغيَّبة عن صنع القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية. ويحتلّ لبنان المرتبة 143 من بين 144 دولة في العالم في عدد نساء البرلمان، بحسب دراسة المنتدى الاقتصادي العالمي 2016». هذا ما أكّدته منسّقة تحالف «نساء في البرلمان» سميرة بعاصيري، خلال مؤتمر صحافي عقده التحالف في فندق فينيسيا، في ختام مشروعه «الأحزاب ترشّح نساء».
في ظلّ تهميش المرأة اللبنانية سياسياً، أشارت بعاصيري إلى أنّ 85 دولة في العالم تعتمد الكوتا النسائية التي حققت نسبة مشاركةٍ للنساء في برلمان الجزائر وصلت إلى 32 في المئة، و25 في المئة في برلمان العراق، و31 في المئة في برلمان تونس، بينما لا تتعدّى نسبة النساء في البرلمان اللبناني الـ 4 في المئة. وأوضَحت: «لقد أثبتَت التجارب في الدول العربية والعالمية أنّ النساء لم يستطعنَ الوصول إلى البرلمان بدون اعتماد تدابير خاصة».
الكوتا
يَهدف تحالف «نساء في البرلمان» إلى تعزيز المشاركة السياسية للمرأة باعتماد تدابير خاصة موَقّتة تضمن حضورَها في البرلمان بنسبة لا تقلّ عن 30 في المئة.
وفي حديث لـ«الجمهورية»، أكّدت عضو التحالف ومديرة «سمارت سنتر» رندى يسير أنّ «الناخب اللبناني أبدى استعداده للتصويت للنساء في الانتخابات البلدية 2016، لافتةً إلى أنّ 44 في المئة ممّن تقدّمنَ بترشيحهن قد فزنَ، ما يؤكّد ضرورة زيادة عدد المرشحات».
وشرَحت يسير الفارق بين الكوتا النسائية والكوتا الجندرية التي يَطرحها الحزب التقدّمي الاشتراكي، فلفتت إلى أنّ الكوتا النسائية توصي بأن «لا تقلّ مشاركة النساء عن 30 في المئة»، وهذا ما نَصّت عليه اتفاقية السيداو، وبالتالي لا تُحَدّ مشاركة المرأة بحصة 30 في المئة فقط.
إنّما الكوتا الجندرية تنصّ على أن «لا تقلّ النسبة عن 30 في المئة لكلا الجنسين». مثلاً: «في حال حصَدت النساء يوماً ما أكثر من 70 في المئة من المقاعد، يحدّد هذا القانون سقفَ مشاركتهن بـ 70 في المئة، وكذلك سقف مشاركة الرجال بـ 70 في المئة، على أن لا تقلّ نسبة مشاركة أحد الجنسَين في المجالس الطلّابية السياسية، في الحزب، في المنظمة… عن 30 في المئة.
ورأت يسير أنّ هذا الطرح يحقّق المساواة من المنظور الجندري، وله نفس مفاعيل الكوتا. وشدّدت على أهمّية عمل الأحزاب في إيصال النساء، «ففي النظام السياسي اللبناني الحالي وفي غياب قانون نسبي لا يمكن خرقُ لوائح الأحزاب». وأوضَحت أنّ «كلّ النساء والرجال المستقلين خارج إطار اللوائح الانتخابية للأحزاب السياسية يتعذّر عليهم دخول المجلس النيابي».
وشجّعت على «إقرار قانون النسبية الذي يَسمح للمستقلين الكفوئين بالوصول». كما طالبَت الأحزاب بالسماع للمجتمع المدني والمنظمات التي تقدّم اقتراحات جيّدة لتقسيم الدوائر، إذ يمكن أن يكون فيها حلّ.
العقلية الذكورية
مِن جانبها، أعربَت رئيسة المجلس النسائي اللبناني إقبال دوغان لـ«الجمهورية» عن تفاؤلها بإقرار الكوتا قريباً. وطالبَت بالكوتا مهما كان القانون الذي ستتمّ على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة. وشدّدت قائلةً «إنْ لم يقرّوها فلن ننتخبهم بل سننتخب من يقف إلى جانبنا».
دوغان دعَت الأحزاب إلى اختيار نساء لتمثيلها، لافتةً إلى «وجود الكثير من النساء الكفوءات في صفوف الأحزاب إلّا أنهنّ يصطدمن بالعقلية الذكورية والمصالح التي تعيق وصولَ المرأة سياسياً». وأضافت: «نحن لا نريد إقرار الكوتا لإيصال أيّ امرأة وزيادة عدد النساء، بل نسعى إلى دعم نساء ملتزمات بقضايا الوطن والنساء».
موقف الأحزاب من الكوتا
وفي سياق اللقاء، قدّمت عضو التحالف ورئيسة جمعية «Ondes» فيكي زوين نتائجَ زيارة تحالف «نساء في البرلمان» للأحزاب، وقالت: «إنّ التيار الوطني الحرّ سجّل موقفاً غير واضح من الكوتا النسائية كإجراء موَقّت، إلّا أنّه أعلن دعمَه لمشاركة النساء بأكبر نسبة في العمل السياسي. في المقابل، أبدى حزب القوات اللبنانية اقتناعَه الكامل بإدخال الكوتا النسائية، لأنّ الحزب يؤمن أنّ تطوّر المجتمعات مرتبط بدور المرأة. أمّا تيار المستقبل، فأبدى استعداده لطرح موضوع الكوتا في البرلمان والتصويت له من قبَل نواب التيار كافة.
كما أعلنَت حركة أمل أنّ نوّابها كافة سيصوّتون للكوتا المؤقّتة في البرلمان. ووافقَ حزب الكتائب على اعتماد الكوتا النسائية كإجراء وقتيّ، في حين أبدى الحزب التقدّمي الإشتراكي أيضاً استعداده للتعاون على جميع المستويات، معلناً موافقتَه على اعتماد الكوتا النسائية. أيضاً، دعَم حزب الوطنيين الأحرار الكوتا».
وأعلنَت زوين أنّ التحالف لم يتمكّن من الاجتماع مع كلّ مِن «حزب الله» و»الطاشناق» وتيار «المردة».
المحسوبيات
وفي حديث مع «الجمهورية» على هامش اللقاء، اعتبرَت رئيسة حزب «الديموقراطيون الأحرار» ترايسي شمعون أنّه «بات معيباً على بلدنا المتطوّر أن لا يكون فيه حضورٌ فعلي للنساء في مجلسَي النواب والوزراء»، مؤكّدةً أهمّية إقرار الكوتا.
ورأت أنّ «التركيبة السياسية في لبنان تمنع وصولَ النساء»، وأوضَحت أنّ «المواطن اللبناني عموماً يَصعب عليه الدخول في اللعبة السياسية، إذ إنّها مقفَلة بفِعل المحسوبيات». ولفتَت إلى أهمّية «فسحِ مجال للمستقلّين والأحزاب الموجودة خارج السلطة لتدخلَ المعارك السياسية، ما يُسهم في خلق طبقةٍ سياسية جديدة».