غدا الأحد ٨ آذار سيشهد لبنان مراسم دفن دولة النزاع العميقة في جنازة شاملة وجامعة يسودها الغضب والشتائم والسباب وشعارات اليأس والندم والاتهامات لأركان دولة النزاع العميقة على ما ارتكبوه من فظائع وموبقات نتيجة اعتقادهم بأن سبب وجود لبنان الوحيد هو النزاع بين أبنائه ومكوناته منذ لبنان الصغير حتى الآن، وغدا سيشيع اللبنانيون الأوهام والادعاءات والسرقات والاغتيالات والإملاءات وفرض الرئاسات والحكومات والبرلمانات والتعيينات، وسيشيع اللبنانيون أنصاف القادة وأنصاف الأحزاب وأنصاف الأذكياء المتآمرين على الذات والوطن واستباحة المال العام والتكيف مع الاستتباعات والوصايات والاحتلالات.
غداً الأحد ستنتهي مرحلة ٨ آذار التي أنتجت ١٤ آذار وجددت دولة النزاع، وهيمنت وتجبرت واستكبرت واستهانت بقواعد الدولة والمؤسسات وقوضت أسباب النمو والانتظام العام، وسيشهد اللبنانيون كيف يكون ضعف الأقوياء وقوة الضعفاء وستتلاشى المهارات والفذلكات والاستقواء بالغرباء على الأهل والجيران كما استقوت كل جماعة لبنانية على باقي الجماعات على مدى تاريخ لبنان، وغداً ٨ آذار سيشهد لبنان نهاية ثقافة الاستتباع بالوكالة التي سادت منذ الاستقلال عبر الأفكار القومية والمحاور الإقليمية من حلف بغداد الى دولة الوحدة العربية الى جبهة الصمود والتصدي الى المنظمات الفلسطينية وسوريا وإسرائيل والممانعة وإيران.
غداً الأحد ستنتهي مرحلة ٨ آذار التي أنتجت ١٤ آذار وجددت دولة النزاع، وسيكون اليوم الأخير من التأقلم مع الصيف والشتاء تحت سقف دولة اقتسام مغانم النزاع والاستتباع والاستجداء وتعاظم قوة المكونات والزعماء على حساب الدولة والمؤسسات، وغدا ستدرك مكونات ٨ آذار و١٤ آذار انتهاء زمن التذاكي واستغباء الناس والإصغاء الى دول الوصاية والسفارات والاسترسال في لعبة الأقوياء والضعفاء وتبادل الأدوار داخل الأسرة الواحدة والبلد الواحد واحتراف استقدام النزاعات الإقليمية والدولية الى لبنان، وان تلك المهارات لا تبني الدولة ولا تنهض بالمجتمع والاقتصاد بل قتلت وشردت شابات وشباب لبنان واليوم تأكل مدّخرات اللبنانيين المقيمين والمهاجرين الذين وضعوا ثمار تعبهم وغربتهم في مصارف دولة النزاع و الاستهتار والارتزاق والاستتباع.
غداً ٨ آذار سيتأمل اللبنانيون في بطاقات ائتمانهم المصرفية بعد أسابيع الوقوف أمام المصارف من اجل استعطاء حفنة من الدولارات وسوف يستحضرون من ذاكرتهم نكبة اقتلاع الشعب الفلسطيني عام ٤٨ وكيف حملوا معهم مفاتيح بيوتهم معتقدين بأن عودتهم ستكون بعد أيام أو بعد أسابيع واكتشفوا بعد اثنين وسبعين عاما من اللجوء كيف ذهبت فلسطين والبيوت وبقيت المفاتيح، وغدا ٨ آذار سيعرف عموم اللبنانيين كيف حولتهم دولة النزاع العميقة إلى لاجئين في بيوتهم ووطنهم وكيف بددت حساباتهم المصرفية ومدخراتهم وتأميناتهم الصحية والاجتماعية وأمجادهم الطائفية والمذهبية وكيف اصبح يوم ٨ آذار أشبه بنكبة ٤٨ بعد أن أصبحت بطاقات الائتمان المصرفية أشبه بمفاتيح فلسطين.
غدا ٨ آذار هو يوم الخروج على دولة النزاع العميقة وآثارها المدمرة بعد أن تناوبت كل طوائف لبنان بدون استثناء على الاستئثار بقيادتها وارتكاب ذات الجرائم والحماقات والعبث بالروابط الوطنية وتمتعت بممارسة الاستكبار والاستقواء والاستخفاف بهيبة الدولة الوطنية وتدمير كل أسباب النهوض وقواعد الانتظام العام، فهل سيكون غداً الأحد يوم نهاية نكبة ٨ آذار.