حتى الآن، نجح حزب الله والجيش السوري في السيطرة على بعض المناطق الجردية بين لبنان وسوريا. وعلى رغم تقدّمه في الميدان، يعلن أعداؤه من «جبهة النصرة» وحلفائها، وخصومه الآذاريون «انتصاراتٍ افتراضية» تتناقض مع هزائمهم الميدانية
قبل بدء معركة الربيع، شنّ حزب الله «حروباً نفسية» على مسلحي «قاعدة الجهاد في بلاد الشام ــــ جبهة النصرة» وحلفائهم في «جيش الفتح ــــ القلمون». بدورهم حاول «القاعديون» رد اعتبارهم، ولكن على طريقتهم. نشط حساب «مراسل القلمون» التابع لـ»شبكة مراسلي المنارة البيضاء»، الذراع الإعلامية لـ»النصرة»، بالصور والتغريدات «المبشرة الروافض بأن القلمون سيكون مقبرة لهم». وفي موازاة تأسيس «جيش الفتح ــــ القلمون» المُنشأ على غرار «جيش الفتح ـــ إدلب»، أنشأ مؤيدون «قاعديون» حساباً على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ليكون مراسلاً حربياً من جهتهم.
وعلى غرار ما جرى في معركة القصير، كرر «جيش الفتح» السيناريو نفسه بإعلان «الانسحاب التكتيكي من جرد عسال الورد لصد تسلل العدو واستنزافه من جديد». لم يكتفِ «القاعديون» بهذا الحجم الهائل من «الصدقية» مع جمهورهم، فروّجوا لخسائر فادحة في صفوف الحزب: قتلوا «أكثر من 60 عنصراً»، وجرحوا «عشراتٍ آخرين». وحرصاً على الموضوعية، «زفّوا ثلاثة مجاهدين»، وأعلنوا «جرح اثنين آخرين، إضافةً إلى وقوع خسائر مادية بسيطة».
في المقابل، واصل الحزب حربه ميدانياً وإعلامياً. رافقت مجموعاته المتقدمة كاميرات الإعلام الحربي لتنقل مجريات الميدان. أعلن الحزب عدد شهدائه، وشيّعهم في مراسم علنية. رغم ذلك، بقي جمهور المقاومة عرضة لشائعات يومية يفبركها مجهولون. وأبرز ما نشر البارحة، أسر الحزب «أبو مالك التلي»، أمير «النصرة في القلمون»، وهو ما نفته مصادر ميدانية في وقتٍ لاحق.
إلا أن اللافت كان إصرار وسائل إعلام آذارية على تبنّي «الإنجازات الافتراضية» لـ»القاعدة». روّج تلفزيون المستقبل وصحيفته، وموقع القوات اللبنانية، لروايات المسلحين: تصغير لإنجازات الحزب، وتعظيم «خسائره»، و»تمجيد صمود المسلحين» الذي لم يتجاوز حد «التويتر».
حرب افتراضية أخرى اندلعت في القلمون، ولكن بين «أخوة الجهاد»، «النصرة» و»داعش». «أبو ماريا القحطاني»، أحد أبرز قادة «النصرة» في الجنوب السوري، غرّد على حسابه على «التويتر» أن «الدواعش يعملون حاجزاً لجبهة النصرة، يعتقلون مجاهدين ويشتبكون معهم»، مضيفاً أنه بالتزامن مع تقدم حزب الله، «يهجم داعش على مقر جبهة النصرة في الجبة». ونصح «أبو مالك التلي» بقطع رأس «أبو عبد الله العراقي» أحد قادة «داعش» في القلمون، المحتجز لدى «الجبهة». «القحطاني» عاد ونشر خبراً مفاده انشقاق مجموعة من «الدواعش وتسليم أنفسهم للجبهة» في القلمون الغربي. مؤيدو «النصرة» أطلقوا تغريداتٍ كثيرة على «التويتر» حول هذا الموضوع، تحت وسم «#داعش_تهاجم_مجاهدي_القلمون»، اتهم هؤلاء «داعش» بأنها لا «تريد نصراً ينسب إلى مجاهدي القلمون». ولكي يرسم مؤيدو «التلي» صورةً عن اعتدالهم، وحرصهم على توحيد صفهم، تداول «قاعديون» صوراً لقراراتٍ ممهورةً بختم «أبو مالك» وتوقيعه، يسمح فيها لأحد قادة «داعش» ومن معه، بالدخول إلى «قطاع الجبّة وعسال الورد عن طريق فليطة أو الرهوة».
وبالتزامن مع «الفرار» من المواجهة، و»التخبط» الداخلي بين المسلحين، أنشأت جهة مجهولة حساباً على تويتر لامرأة تدّعي أنّها من عوائل «شهداء حزب الله»، تدعو الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إلى «الرأفة بأهالي الضاحية». الحساب المفبرك وتغريداته أعاد مريدو المعارضة المسلحة تغريدها، معتبرين أنها تعبّر عن حال «الشيعة في لبنان».