IMLebanon

الكنيسة المارونية تبارك التظاهرات… شاركوا بكثافة

تُطرَح علامات استفهام عن غاية التحرّك الشعبي الذي بدأ وأهدافه والجهة السياسيّة التي تحرّكه، والخواتيم التي سيصِل إليها، مع طغيان اللون اليساري على المتظاهرين.

من اليوم الأول للانتفاضة الشعبيّة المطلبيّة المحقّة، تدخل بعض الاحزاب السياسيّة والقوى النافذة من أجل تضييع البوصلة وحَرف التظاهرات وتخويف الشعب ورَدعه عن حركته الاحتجاجيّة بعدما دخلت النفايات الى المنازل، وبات اللبنانيون يعيشون مع الجراثيم، ويتنقّلون بين أكوام النفايات وكأنها متاريس رُفعت في الشوارع أيام الحرب الأهليّة.

نفّذ كلّ طرف سياسيّ خطّة لأخذ التحرّك الشعبي الى الجهة التي يريدها، وتقاذفَت الأطراف المسؤولية وسط ضياع السلطة وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات خصوصاً في أزمة النفايات، لكنّ الثابت الوحيد أنّ التظاهرات انطلقت تحت عناوين مطلبيّة، وقد اندَسّ فيها المشاغبون لتخريبها، فيما حاول بعضهم الآخر أخذها الى شعارات كبيرة مثل «إسقاط النظام السياسي»، لكنها مستمرّة وستأخذ أشكالاً مختلفة.

تبارك الكنيسة المارونيّة هذا الحراك الشعبي على اعتبار أنّ السيّد المسيح هو الثائر الأوّل على الظلم والقهر، والداعي الى تحرّر الشعوب ونَيل حقوقها. وبذلك، تسقط كل التهم بأنّ وجهة التحرّك هي يساريّة صَرف، في حين أنّ التحرّك خليط يميني ويساري يضمّ جمعيات مدنيّة ومؤسسات دينيّة، أي انه صورة مصغّرة عن لبنان الذي يعاني تردّياً في الاوضاع المعيشية والإقتصادية.

وفي السياق، تؤكد مصادر بكركي لـ«الجمهوريّة»، أنّ «تظاهر الشعب ومناداته بحقوقه أمر طبيعيّ، ونحن نباركه، شرط ألّا يخرّبه المُندسّون، وتتحوّل التظاهرات الى صدامات مع قوى الأمن الداخلي والجيش، وتعيث خراباً وتعدياً على الأملاك الخاصة والعامة».

وتلفت المصادر الى «أنّ كل شرائح المجتمع اللبناني من مختلف انتماءاتها وتلاوينها الطائفيّة تحرّكت، ومن الخطأ أن يبقى الشعب ساكتاً عن خطف حقوقه وتدمير مؤسساته، فالتظاهر حقّ ديموقراطي يكفله الدستور لكنه يجب أن يبقى تحت سقف القانون»، لافتة الى أنّ «البعض حاول حَرف التظاهرات وأخذها الى مكان آخر، لكنّ الشعارات التي رفعت لا تخيفناً، وخصوصاً إسقاط النظام، لأنّ المتظاهرين يريدون محاسبة السياسيين وإسقاطهم، وليس شكل النظام، فالنظام اللبناني فريد من نوعه ويكفل حرية الجميع ويحمي التنوّع».

الى ذلك، ترفض مصادر بكركي إسقاط الحكومة، مؤكدة أنّ «العنوان الأول يجب أن يكون انتخاب رئيس الجمهوريّة، والضغط الشعبي يجب أن يتركّز على هذا المطلب، لأنه بانتخاب الرئيس تسقط الحكومة حُكماً، وتؤلّف حكومة جديدة ويُوضَع قانون انتخاب جديد تُجرى على أساسه الانتخابات النيابية للانطلاق نحو برنامج إصلاحي داخل المؤسسات المشلولة»، محذّرة من أنّ «إسقاط الحكومة في هذا الظرف مغامرة، ويأخذ البلد نحو المجهول».

تعقد جمعيات وشخصيات قريبة من الإكليروس اجتماعات يوميّة تنظيمية من أجل بلورة مشروع سياسي للتحرّك وتصويب بوصلته وعدم حَرفه نحو مشاغبات وصدامات مع القوى الامنية.

وعلى رغم أنّ المشاركة في الأيام الأولى كانت فرديّة، إلّا أنّ عدداً كبيراً من الجماعات المقرّبة من الكنيسة لم يتحرّك بعد، وينتظر جلاء الصورة والانتهاء من مشكلة المُندسّين، لأنّ احداً في لبنان لا يريد أن تفلت الامور وتذهب في اتجاه مواجهات في الشارع أو حرب اهلية.

تراهن الكنيسة المارونية، بانية هذا الكيان والمؤتمنة عليه، على الشعب اللبناني من مختلف طوائفه لإحداث التغيير بالطرق السلميّة والديموقراطية وليس بالعنف. لذلك، تدعو اللبنانيين الى المشاركة في الحراك السلمي المدني والضغط من أجل تشكيل قوة شعبية ضاغطة، لأنّ جلوسهم في منازلهم ونَدب حظّهم، لن يفيد.

فعندما يحين وقت التغيير على الجميع المشاركة، وإلّا سيبقى الستاتيكو قائماً ولا مجال لقَلب الأوضاع المتردية بعدما ضاق لبنان ذرعاً من انعدام الأمن وغياب النظام وسيطرة الرشوة والفساد وسرقة المال العام.