IMLebanon

الموارنة حضارةٌ في طريق الزوال إن أكملوا مسارهم الانحداري

 

غبطة البطريرك الماروني، السّادة المطارنة، بعد هذا التاريخ المجيد للأمة المارونية نرانا اليوم مجتمعاً ممزقاً منهكاً مبتوراً مقسّماً ضائعاً مُشرّداً. كل هذا يحصل مع قادة رأي أطلقتم عليهم لقب «أقطاب»، وأفعالهم جعلتنا أمّة مهدّدة بالزوال والإنتهاء، وهذا أمر لم نألفه مع قادة رأي أمثال ريمون إده – كميل شمعون – فؤاد إفرام البستاني – الأباتي شربل قسّيس – الأباتي بولس نعمان – البطريرك عريضة – البطريرك الحويك – البطريرك صفير وغيرهم من عظماء الأمّة المارونية. هؤلاء القادة اليوم يُساهمون في سحق الحضارة المارونية التي أنتجتْ لبنان الكبير ويعملون على تدمير معالم أمتنا المارونية ومظاهرها حيث لم نألف لا في التاريخ القديم ولا الحديث تلك التصرفات الهمجية المغرضة.

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، ميّز تاريخنا خير مثل في العطاء والدفاع والأخوّة، وإذا ما نظرنا إلى حال الأمّة المارونية نجدها وللأسف قد تأزمّتْ بالصراع من نفسها أكثر من صراعها مع الآخرين (حرب الأخوّة…)، نجدها قد أصبحتْ متفرّقة مُشتّتة بين هذا الفريق وذاك، وانشغلتْ كثيراً في الماديات والانتماء والآراء المتعصبة والأنانية.

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، إخوّة يبتلعون بعضهم البعض لأجل موقف سياسي مأجور، يبيعون ويشترون، يُسايرون ويتراخون، يُبدِّلون ويتبدّلون، امتلأت صدور المسؤولين حسداً ونقماً وإنعكستْ سلباً على واقع شعبنا المأزوم، الأخ يقتل أخيه على خلفية تصريح من هنا وهناك… يتقاتلون لأجل أفكار بغيضة مستوردة إقتحمتْ عقول سياسييّنا من الخارج فأصبحنا ننتمي إلى أمّة مختلفة لا يمكن أن تكون الأمّة المارونية التي ورثناها عن أجدادنا.

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، خذلنا إخوتنا في عالم الإنتشار، لم نُحرك نحن وإيّاكم يا صاحب النيافة ويا أصحاب السيادة ساكناً لأجلِ تصحيح هذا الخلل، صمتنا أولاً فأضعنا حقوقنا في وطننا (وضع المسيحيين في إدارات الدولة – رئاسة الجمهورية أُفْرِغَتْ من وظيفتها – الوضع الديمغرافي – بيع الأراضي – المجالس النيابية والوزارية لا يدخلها إلا المطواعون…). ثانياً الآن ننتظر ضياع حقنا في إيصال رئيس للجمهورية يتصف بالحكمة والرصانة والإستقلالية وحرية الخيار، ونحن نتسامر ونشاهدهم على الشاشات يستغيثون ولا نُحرك ساكناً، فكيف تليق بنا كلمة «موارنة أحرار شرفاء»؟! وحالياً نرى جموع المسيحيين أُبيدوا من الدول المشرقية ولم يحدث سوى إلقاء بعض الشعارات والبيانات والعظات والمواقف وتغيير صورنا على مواقع التواصل الاجتماعي مندّدين صُورياً… أين كرامة الأمة المارونية؟ إلى متى الصمت عن هكذا نوع من القادة؟ ألا إن كرامتنا لا تعني شيئًا؟! وقد صدق من قال في أروقة الأمم المتحدة وعلى مسمعنا «هؤلاء من نوع الكذّابين والغدّارين…»، نعم لسنا نحن من غدر المجتمع الدولي، نحن لسنا من باع وإشترى ورهن الوطن، ولن نرضى الذل بعد اليوم، نحن لم نخسر النضال هناك قادة رأي خسّرونا سنين النضال وها نحن نعيش الجحيم حالياً.

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، إنّ أمّة مارونية مشتتة ومتفرّقة القوى مُضادة الاتجاهات مختلفة الأهداف والرؤى لا يمكن أن تكون قوية ولا أن تحمل ديناً ولا تستحق أنْ يطلق عليها لقب «موارنة شرفاء»، بعد إدارة التبعية والتعصب والإستسلام والإرتهان والأفكار الخبيثة التي توّلدت داخل هذه الزعامات تجاه بعضنا لم نعُد نليق أن نكون موارنة.

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، هذا الصراع داخل الأمّة المارونية أنهك جسدها المتآكل بالأصل إثر طعنات الغدر من زعماء فاسدين رهنوا الرئاسات والوزارات والمقاعد النيابية وها هم اليوم يقدمون العروض تلو العروض من أجل كسب مركز على حساب الأمّة المارونية. كثرة الخلافات فيما بينهم منعت وأعاقت إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فهل نملك نحن وإيّاكم القدرة على ضبط هذا الوضع والتخلّي عن زعامات تملّكها الفكر الأناني والتفكير في المصالح الخاصة على حساب المصلحة العليا؟!

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، هل ستظل أمتنا المارونية مع هؤلاء متفرّقة القوى ومتضادة الرؤى، فأعظم معوقات النهوض ومسببات الفشل والإحباط هو الإختلاف العريض حين يتحوّل إلى شتات وفرقة وكيدية وإنهزام وإرتهان وإستسلام.

غبطة البطريرك، السّادة المطارنة، إنها دعــوة صادقة أطلقها بإسمي وبإسم كل ماروني شريف حــر متحرر من عبودية الأحــزاب الحالية المرتهنة الإرادة (أغلبية المطارنة تعرفنا جيِّداً) لضبط الخلاف والتسامي عن الجــدل العقيم والنظــر إلى الأصول المارونية الجامعة والمصالح المشتركة وحفظ الآخــاء والأخلاق وحفظ القيم المارونية التي تربيّنا عليها في بيوتنا وقرانا ومدارسنا وجامعاتنا ونشر الـــود والسلام بين كل اللبنانيين على قاعدة حفظ الحقوق لنقيم أمّة مارونية صالحة تصلح كبقية الأمم وتتقدم في جميع شؤونها وفي طليعة هذه الشؤون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يُترجم الأقوال والخطط إلى أفعال تُخصِّب المارونية السياسية وتُعيد للموارنة نهجهم السليم وتقضي على هؤلاء القادة السخفاء، كي لا يُصبح الموارنة حضارة في طريق الزوال إنْ أكملوا مسارهم الإنحداري ، هل تلّبون نداءنا الطاهر المتجرّد من كل مصلحة إلا مصلحة الموارنة ولبنان؟؟؟؟ لستُم معفيين من المسؤولية في هذا الظرف الحرج، ولستم في صدد تحمُّلْ وزر الماضي، إنّ التخطيط السليم من أصحاب الاختصاص هو الطريق الأسلم للخلاص.