كتب عوني الكعكي:
فعلاً أكاد لا أصدّق أنّ مسألة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان أصبح من المستحيلات..
المرّة الأولى كانت عند انتهاء عهد التخلّي عن موقع الرئاسة الى من يهمه الأمر أي الى حزب الأمر الواقع، وبالتحديد عندما انتهى عهد اميل لحود الذي -وللأسف- لم يكن الرئيس يومذاك إلاّ صورة على الحائط لأنّ الذي كان يحكم معروف، وطبعاً بعد السوريين جاء وكلاء سوريا في لبنان وأعني هنا «الحزب» وجماعته.
انتهى عهد اميل لحود، ويكفيه فخراً ان أمل لبنان والرئيس الذي أعاد بناء لبنان قُتِل في عهده، وطبعاً معروف من الذي قتله والمحكمة الدولية استطاعت أن تصل الى الحقيقة، وحدّدت بالأسماء الذين ارتكبوا أكبر جريمة في حق لبنان وهي اغتيال أهم رئيس وزراء مرّ في تاريخ لبنان وأعاد بناء ما هدمته الحرب الأهلية اللبنانية.
وكان أوّل تعثّر لانتخاب رئيس للجمهورية أيام اميل لحود، إذ بعده بقينا حوالى ستة أشهر من دون رئيس حتى تمّت تسوية في الدوحة، وتمّ انتخاب الرئيس ميشال سليمان.
المصيبة أنّ الرئيس ميشال سليمان، وحسب طبيعته الهادئة، «أخذ» وقته في معالجة الأمور ظناً منه أنّه يريد أن يصل الى برّ الأمان من دون حروب، ولكن بعد مرور 3 سنوات من عهده تبيّـن له أنّ «الجماعة» لا يريدون بناء دولة، وهنا وقعت الواقعة، إذ يكفي أن قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» السيّد محمد رعد ردّاً على اتفاقية هيئة الحوار الوطني (إعلان بعبدا): «حطها في الماء وابْلَعْها».
على كل حال، انتهى عهد الرئيس ميشال سليمان وهناك تعثّر بإعادة بناء الدولة والأسباب معروفة… بقينا مدّة سنتين وخمسة أشهر في فراغ، من 25 أيار 2014 لغاية 31 ت1 2016 من دون رئيس لأنّ «الحزب العظيم» أصرّ على المجيء بالجنرال ميشال عون.. وهكذا تسلم عون الرئاسة ومعه صهره جبران باسيل حيث بتنا لا نعرف من هو الرئيس، خصوصاً أنّ الجنرال أصبح في سنّ متقدّمة، وصحته لم تساعده على الحكم، فاستغل الصهر الوضع و»عمل ما لا يعمل».
على كل حال، منذ انتهاء عهد الجنرال ميشال عون الى يومنا هذا، وقد مرّ عام كامل على انتهاء مدة ولاية عون وصهره، لا نزال نعيش من دون رئيس.. والمصيبة الكبرى اننا نعيش اليوم من دون رئيس للجمهورية، كما نعيش أيضاً بدون حاكم أصيل لمصرف لبنان، وبعد شهرين تنتهي ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، وهكذا تصبح المراكز الرئيسة في لبنان شاغرة من دون من يتولاها بالفعل.
السؤال هنا: هل هذا في مصلحة لبنان أولاً؟ وهل هذا في مصلحة المسيحيين ثانياً؟
طبعاً كلا..
السؤال ما قاله البطريرك الراعي حول تفريغ المواقع المسيحية، وهو كلام حذّر البطريرك من خطورته.
لذلك عندنا سؤال نوجّهه الى جميع زعماء الموارنة: لماذا لا تتفقوا على رئيس للجمهورية وحاكم لمصرف لبنان وقائد للجيش؟ أليْست هذه المواقع للطائفة المارونية الكريمة؟ وما الفائدة من الاختلاف على هذه المواقع؟
لو كان هناك شَعْب يحاسب لكان هذا الشعب رماكم في «البحر» وتخلّص من فشلكم، ولكن للأسف فإنّ الطائفية البغيضة تتغلب على العقل وعلى المنطق أيضاً.