IMLebanon

مشروع مارشال لبناني

في لبنان الآن، نشاطات على جانب من الأهمية كبير، وفي مقدمتها، مشروع مارشال من أجل مستقبل أفضل للشرق الأوسط.

وهذا المشروع يتناول مستقبل النظام السياسي، في خضم القضايا السياسية المصيرية، وفي مقدمتها موضوع الاستحقاق الرئاسي.

طبعاً، يشكّل الاستحقاق، مطلباً أساسياً، لاطلاق الدولة، من بين أنقاض الاهمال والأغراض الآنية والعامة باعتبار أن المصير السياسي، مرتبط بوجود رئيس جمهورية.

إلاّ أن قيامة الدولة تبقى رهناً بمكونات أخرى، داخل موازين القوى، التي يقودها الباحث الكبير سام مناسا يوم السبت، وسط موازين اقليمية صباحية.

وهذه هي قصة طويلة عاشتها المانيا، في تجربتها الرائدة، بعد الحرب العالمية الثانية، وما تركته، عبر مشروع مارشال عربي للبنان وللدول الأخرى في الشرق الأوسط.

وهنا تبرز نقطة أساسية، في رسم مستقبل المجتمع المدني وسط هذا العالم الموغل في ما يحيق به، تمهيداً لانبثاق الدولة الحديثة في المنطقة، بغية رسم عقد اجتماعي جديد.

في حقبة القرن الثامن عشر، أطلق المفكر الفرنسي الشهير جان جاك روسّو، رابطة أساسية لتنظيم المجتمع الدولي، ارست قواعد وأسساً سرت نتائجها على مدى أجيال، ولا يزال هذا الانجاز راسخاً دولياً، وفي فرنسا خصوصاً، ما يجعل المفكر سام مناسا، يطرحه من بيت المستقبل السبت المقبل، عبر مناقشات جيو استراتيجية.

ولعلّ مشاركة الرئيس أمين الجميّل، وهو رئيس سابق للجمهورية اللبنانية ١٩٨٢ – ١٩٨٨ تضفي على المؤتمر أهمية بالغة ودقيقة، خصوصاً في هذه الحقبة، والبلاد مشغولة بهموم الجمهورية، وأفول شمس القيادة الحكيمة، في زمن يتطلب حداثة في المفاهيم، واستقراراً في التحديات الهادفة الى إنضاج ظروف القيادة.

والمؤتمر ينعقد في ظلّ الحاجة الى شراكة عالمية، تبزغ بعد مناقشات، لا لمجرد الادلاء بآراء خاصة أو عامة.

***

يعتقد فريق لا يُستهان به من أهل الفكر والحداثة، ان لبنان الغارق في بحر من الأفكار والآراء انه لا بد له من هكذا مؤتمر، ليضع الأمور المتشعبة على طاولة الحوار، وصولاً الى نتائج لا أحد بإمكانه بلورة مفاهيمها، فالمفكّر سام مناسا الذي يعمل ويجهد ويختفي وراء تواضعه لأن همّه الانتاج لا سواه، ورائده الحياة لا الجمود.

وهذا الأمل يندرج عملياً، في لبنان أساساً، بعد الاضطرابات، وما اكتنفه من ضياع وقلق في الرؤى السياسية والعامة، والحاجة الى استئصال الفساد في الحقول العامة والخاصة.

وهذا ما اكتشفته المانيا يوم كانت مقسّمة، وعرفته جيداً بعد سقوط جدار برلين، حيث بقيت الأحزاب قائمة، ولكل حزب مؤسسة اجتماعية ترعى القضايا الانسانية، ومنها مؤسسة فريدريش ايبرت، ومؤسسة كونراد اديناور، وكل واحدة منها استمدّت اسم رئيس جمهورية أو مستشاراً لألمانيا الغربية يومئذ.

أدركت ألمانيا المقسّمة الى شرقية وغربية، انها لا بد من أن تعود موحّدة بعد تجاوز عقدة هتلر، ولذلك فقد اختارت مدينة صغيرة اسمها بون، عاصمة مؤقتة لها.

وعندما سقط جدار برلين واستعادت وحدتها، عادت برلين العاصمة الواحدة والموحّدة لدولة المانيا.

وما يفعله بيت المستقبل الآن، هو الذي يمهّد لقيامة الدولة، والقضاء على دولة داعش والنصرة وسواهما، لأن لبنان دولة لا دويلة.