حتى الساعة، ما زلت اتمنى الاّ يكون ما نشرته الزميلة الاخبار حول موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري عن تبني رئيس تيار المستقبل ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية المنسوب الى مصادر قريبة من بري، يعبّر حقيقة عن موقف رئيس السلطة التشريعية الملتزمة بنص الدستور والقوانين والشرعية، لان في مضمون ما نشرته «الاخبار» عودة غير موفقة الى لغة الحرب والقتل والتحريض الطائفي والمذهبي من رجل امضى حوالى ربع قرن رئيساً لثاني اهم سلطة في لبنان، واكثرها التصاقاً بحياة اللبنانيين وحاجاتهم ومصالحهم، وكان يعتبر من اكثر القيادات اعتدالاً وانفتاحاً على خصومه قبل حلفائه، فاذ به اليوم، وعلى لسان «مصادر» اولاً ولسان احد اقرب المقربين منه وزير المال علي حسن خليل ثانياً، يعمل الى التهديد بحرب اهلية والقتال دفاعاً عن الشيعة وعن حزب الله، لان ما يقوم به ميشال عون وسعد الحريري هو ثنائية سنية – مارونية مسيحية، في عودة الى ميثاق 1943 الذي كان سبباً في اندلاع الحرب الاهلية.
هذا الكلام الكبير، ارفض ان يكون صادراً عن بري او ان يكون بري راضياً عنه، لانه لا يخرج عن كونه هلوسة سياسية، ومفاهيم خاطئة للواقع اللبناني الحالي، وخصوصاً الواقع المسيحي، فمنتهى احلام المسيحيين اليوم، ان تتحقق بنود الدستور كاملة. وفي مقدمها قيام اللامركزية الادارية الموسعة. وليسوا بوارد البحث عن ثنائيات مذهبية، ولو انهم كانوا بهذا التوجه، كان المسيحيون وفي مقدمهم حزب القوات اللبنانية، انضموا الى التيار الوطني الحر في تحالفه مع حزب الله، او كان العكس وانضم التيار الوطني الحر في تحالف عريض مع باقي المسيحيين الى تحالف مع تيار المستقبل الاقوى شعبياً والاكثر انتشاراً، وكانت الظروف في العام 2005 مناسبة اكثر من اليوم، الا اذا كان الرئيس بري لجأ الى هذا المستوى من التصعيد الكلامي الخطير، بهدف التذكير بالترويكا التي اوجدتها الوصاية السورية، وفرضت على لبنان حكماً بثلاثة رؤوس، هو السبب في وصول لبنان الى هذا الدرك من السوء والفساد والفوضى والانهيار، ولو ان بري يلجأ الى استفتاء اللبنانيين، جميع اللبنانيين وفي مقدمهم الشيعة، وسألهم اي ميثاقية تفضلون «ميثاقية الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، وكان ثالثهم احمد الاسعد، وصبري حمادة، وعادل عسيران، وكاظم الخليل، والعديد من عيون الشيعة، او ميثاقية اليوم التي تسبتعد وتضطهد مكوناً اساسياً من الذين صنعوا هذا الوطن، لكان جوابهم طبعاً ميثاق الخوري – الصلح، الا اذا كان الهدف من هذا التصعيد غير المبرر، ضمان استمرار المحاصصة ومقولة «على السكين يا بطيخ» ومنع الاقتراب من رئاسة مجلس النواب.
* * *
المستغرب بعد 16 سنة من التحالف والودّ والغرام، بين العماد ميشال عون، وبين حلفاء سوريا في لبنان، من الحزب القومي، الى حزب البعث، الى حزب الله وحركة امل، وتيار المردة، وبعض النواب المستقلين، ان يتحول عون عند الاستحقاق الرئاسي الى انسان مشبوه، يريد نسف الصيغة اللبنانية، ويخضع للتقويم عندهم. وخصوصا عند حركة امل وحزب الله، ايهما افضل عون او النائب سليمان فرنجية، وتكشف حركة امل النتيجة امس في جريدة الاخبار، ان سليمان فرنجية افضل من عون، وبعد سنوات من مطالبة المسيحيين، ان اتفقوا ونحن نلتزم بما تتفقون، تكشف ايضاً حركة امل، ويوافقها الباقون طبعاً، عن مدى انزعاجهم وخشيتهم ورفضهم لتفاهم عون وجعجع.
هل تتذكرون ايها اللبنانيون، اغنية سقط القناع. نعم…. لقد سقط القناع.