إختلاق الشروط تهديد لإنجاز النسبية وتفاهم بعبدا
على أهمية التوافق الذي حصل بشأن قانون النسبية على أساس 15 دائرة، إلا أن تمسك «التيار الوطني الحر» بشروطه المستجدة أثار مخاوف على ما تم إنجازه، وبالتالي العودة إلى نقطة البداية وتبخر الآمال المعقودة على طي صفحة القانون الانتخابي قبل 20 الجاري، موعد انتهاء ولاية مجلس النواب. ووفقاً لما تقوله مصادر نيابية بارزة لـ«اللواء»، فإن عودة «التيار العوني» إلى لغة الشروط والمطالبة بتعديلات دستورية، من شأنها تهديد كل ما تم تحقيقه حتى الآن في ما يتعلق بالتوافق على القانون الجديد الذي جاء نتيجة جهود ومشاورات مضنية لا تزال مستمرة حتى اكتمال صورته النهائية، لكن ما أثاره الوزير جبران باسيل من مطالب يدرك قبل غيره استحالة تنفيذها لتعارضها مع اتفاق الطائف، رسم تساؤلات عديدة عما إذا كان التيار «البرتقالي» جاداً في مسعاه للتوصل إلى قانون جديد، أم أن هناك من يريد اختلاق عراقيل أمام النسبية للعودة مجدداً إلى قانون الستين لفرضه كأمر واقع تفادياً للفراغ؟
وتشير إلى أن مطالبة «التيار الوطني الحر» بالمناصفة في مجلس النواب، يتعارض مع ما ينص عليه الدستور بإلغاء الطائفية السياسية، وهذا من شأنه أن يعيد أجواء الانقسامات على الساحة الداخلية، في ظل اتساع حدود جبهة الرفض لما يطالب به الوزير باسيل وفريقه السياسي، وهذا بالتأكيد سيزيد من حجم العراقيل أمام إنجاز قانون النسبية بصيغته النهائية، ليُصار إلى عرضه على جلسة مجلس النواب في 12 الجاري، خاصةً وأن الشروط الجديدة التي وضعها «الوطني الحر» أحدثت «نقزة» عند الطرف الآخر وأثارت شكوكاً عن مدى الجدية في ترجمة ما تم التوافق عليه بإخراج البلد من أزمته، خاصةً وأن أصواتاً بدأت تتعالى محذرة من أن يكون ما صدر عن باسيل من شروط جديدة بمثابة خطة مدروسة للعودة إلى أجواء قانون الستين، الأمر الذي يستوجب من وزير الخارجية ومن خلفه تياره السياسي، العمل على تبيان الحقيقة واتخاذ موقف واضح مما يجري لناحية التمسك بالخيار التوافقي الذي جرى الإجماع عليه بشأن قانون النسبية، وتالياً الكف عن وضع شروط جديدة لا يمكن القبول بها، لأنها ستكون أشبه بقنبلة موقوتة بتفخيخ القانون الجديد من خلال هذه الطروحات التي لا يمكن أن تحظى بموافقة أطراف أساسية في البلد وفي مقدمها «تيار المستقبل» و«حركة أمل» و«حزب الله».
ولا تزال المصادر النيابية تعوّل على جهود رئيس الحكومة سعد الحريري، بالرغم من عدم نجاح الاجتماع الخماسي في إحراز نتائج إيجابية على صعيد حل العقد أمام القانون الجديد، في العمل من أجل ترطيب الأجواء وإزالة ما تبقى من عقبات لا زالت تحول دون إعلان التوافق الكامل على النسبية بكافة تفاصيلها، مشددة على أن الرئيس الحريري يضع كل ثقله في هذا الملف ولن يسمح بحصول فشل في المساعي التوافقية الجارية، من أجل أن يفي بالتزاماته بأنه لن يجري الاستحقاق النيابي المقبل إلا وفق قانونٍ جديد يؤمن عدالة التمثيل ويوفّر للناخب الحرية التامة في اختيار ممثليه، وهذا الأمر ينبغي أن تدركه بقية الأطراف السياسية وتعمل على تسهيل الطريق أمام التوصل إلى الصيغة المناسبة لإنجاز القانون العتيد، حتى يتمكن مجلس الوزراء من إقراره وإحالته إلى المجلس النيابي في أسرع وقت، معربة عن اعتقادها أن «حزب الله» الذي كان له دورٌ أساسيٌ في إقناع باسيل وتياره بالنسبية، لن يدّخر جهداً من أجل الضغط على حليفه العوني للتنازل عن هذه الشروط التي لا تسهّل الحل وسلوك طريق الحوار الجاد الذي يفضي إلى تهيئة الأجواء أمام التوصل إلى الحل المنشود من خلال هذا القانون الذي حاز إجماعاً سياسياً لا يجوز التفريط به لمصلحة مشروعات طائفية تخريبية لن يجني منها لبنان إلا مزيداً من الانقسام والتشرذم، مع ما يشكله ذلك من إساءة بالغة للعهد ورموزه، في الوقت الذي يعمل رئيس الجمهورية ميشال عون كما تقول أوساط وزارية قريبة منه لـ«اللوء»، بجهد لتوفير كل المناخات الملائمة للتوافق الناجز على قانون النسبية.