قمّتا مكة العربية والخليجية واجتماع منظّمة المؤتمر الإسلامي: رسائل تحذير لإيران لتغيير سلوكها
لبنان ملتزم بموقف أشقائه العرب ومتضامن مع «مجلس التعاون»
بالنظر لحراجة المرحلة فإن القرارات التي ستتمخض عن القمم الثلاث ستكون مهمة لناحية الخروج بموقف عربي وإسلامي متشدد تجاه ايران
تتسارع وتيرة التحضيرات المتصلة بالقمة العربية الطارئة التي دعت إليها المملكة العربية السعودية، بالتزامن مع انعقاد القمة الخليجية في الثلاثين من الجاري، على أن يليهما اجتماع لمؤتمر القمة الإسلامية، في مكة المكرمة، في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقة الخليج العربي، بعد الاعتداءات التي طالت مصافي النفط السعودية، وقبلها استهداف عدد من السفن في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث سيترأس رئيس الحكومة سعد الحريري الوفد اللبناني الذي سيشارك في القمتين العربية والإسلامية، بعد التوافق الذي حصل بشأن هذه المشاركة مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
وتكتسي هذه الاجتماعات أهمية بالغة، بعد التطورات العسكرية المتسارعة في المنطقة، بالتوازي مع اشتداد وتيرة الضغوطات الأميركية على إيران، بهدف دفعها إلى وقف استفزازاتها لجيرانها الخليجيين، خاصة وأن أصابع الاتهام قد وجهت إلى طهران في الاعمال الإرهابية التي حصلت في الآونة الأخيرة، ما سرّع في الدعوة السعودية للقمم العربية والخليجية والإسلامية، انطلاقاً من السعي لموقف عربي وإسلامي حازم إلى جانب الرياض والدول الخليجية في مواجهة المحاولات الإيرانية للعبث بأمن المنطقة وتعريض المصالح العربية للخطر.
وترى في هذا الإطار، أوساط حكومية أنه من الطبيعي أن يكون الموقف اللبناني في القمة العربية وفي اجتماع القمة الاسلامية، متناغماً ومتطابقاً مع موقف السعودية والدول الخليجية في رفض الاستهدافات الإيرانية للمصالح العربية في الخليج، مشيرة إلى أن مصلحة لبنان في تبني الخيار العربي الذي لا يمكن أن يقبل بأي محاولة من جانب إيران لتهديد النظام الأمني العربي. ولهذا فإن الالتزامات الوطنية والقومية تحتم على لبنان أن يكون إلى جانب أشقائه العرب، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي التي ما قصرت يوماً عن مساعدته، ومد يد العون له للخروج من أزماته السياسية والاقتصادية، مشيرة إلى أنه وبالنظر إلى حراجة المرحلة، فإنه يتوقع أن تكون القرارات التي ستتمخض عن القمم الثلاث التي ستشهدها مكة المكرمة، على درجة كبيرة من الأهمية، لناحية الخروج بموقف عربي وإسلامي متشدد تجاه إيران، وتوجيه رسالة حاسمة بمضامينها، بحيث أنه من غير المسموح تعريض أمن الدول الخليجية للخطر، على ما يحصل من استفزازات إيرانية، من خلال استمرار إطلاق الصواريخ الحوثية التي تأتمر بأوامر إيرانية إلى الأراضي السعودية، إضافة إلى استهداف مصالح دول خليجية أخرى، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، إذا لم يسمح لإيران بتصدير نفطها.
وتشير الأوساط لـ «اللواء»، إلى أن هناك توافقاً عربيّا على عدم السماح لإيران في التمادي أكثر في تهديد أمن الدول الخليجية، على غرار محاولاتها الأخيرة، وهو ما دفع دول مجلس التعاون إلى السماح للقوات الأميركية بإعادة نشر قواتها في الخليج، ما يؤشر إلى أن الخيار العسكري لا يبدو مستبعداً إذا لم ترضخ إيران للشروط الدولية وتكف عن التحرش بالدول الخليجية، ما يعني أن كل الخيارات وضعت على الطاولة، حيث يبدو أن الأميركيين مصرون على مواجهة محاولات إيران زعزعة الاستقرار في المنطقة، بعد التداعيات التي خلفتها العقوبات الأميركية والدولية، الأمر الذي قد يدفع طهران للهروب إلى الأمام بالدخول في مواجهة عسكرية ستزيد من حجم خسائرها على مختلف المستويات.
لكن في المقابل، ورغم أجواء الحرب التي تخيّم على المنطقة، فإن ما يجري بحسب خبراء ومحللين، ما هو إلا السيناريو الذي يجري إعداده من جانب المعنيين، لعودة الأميركيين والإيرانيين إلى طاولة المفاوضات بشأن الملف النووي، في ظل حديث عن وساطة بين طهران وواشنطن، تتولاها أطراف عربية ودولية، حيث أن الإيرانيين والأميركيين على حد سواء، وإن كانوا يتحضرون للحرب، لكنهم لا يريدونها، وبالتالي فإنه من غير المستبعد أن يصار إلى إعادة إحياء المفاوضات بشروط جديدة ستكون بالتأكيد مختلفة عما سبقها.
الا ان المحاولات العربية والغربية لنزع فتيل الأزمة تبقى رهن المرونة التي يفترض ان يبديها الطرفان، من دون ان تتضح بعدما إذا كانت الظروف باتت ناضجة لعقد مفاوضات بينهما.
وبحسب مصادر ديبلوماسية لبنانية فإن «أيا من البلدين ليس في وارد الدخول في حرب، فعلى المقلب الاميركي، الضغوط من الحزبين الجمهوري والديمقراطي كبيرة على مستشار الامن القومي جون بولتون للتراجع عن نهجه العدائي تجاه طهران خصوصا وأن الرئيس ترامب لا يوافقه الرأي. أما طهران فلن تدخل في حرب خاسرة مع واشنطن، لذلك تلجأ الى أسلوب المناوشات المتقطعة والمحدودة، التي لا تستدعي ردا عنيفا قد يؤدي الى حرب مفتوحة».
وفي اعتقاد هذه المصادر، ان نجاح المفاوضات يبقى متعثراً لسببين، رغم ان الوساطات قائمة بين الطرفين ودخلت أكثر من دولة عربية وغربية على الخط.
الاول أن إدارة ترامب ستطبق أسلوب التفاوض نفسه الذي تعتمده في مفاوضاتها مع كوريا الشمالية، القائم على انتزاع الضمانات ومطالبها كافة قبل أن تعمد الى رفع العقوبات، إلا أن هذا الاسلوب فشل مع بيونغ يانغ، وسيفشل مع طهران التي ترفض أصلا وضع نفوذها الاقليمي واسلحتها البالستية على الطاولة.
أما السبب الثاني، فهو أن موعد الانتخابات الاميركية الرئاسية يقع بعد عام ونصف، في ظل ارتفاع حظوظ جو بايدن أحد اركان الحزب الديمقراطي ونائب الرئيس السابق باراك أوباما، وأحد مهندسي الاتفاق النووي. وبالتالي فإن فوز بايدن بالرئاسة أو أي مرشح ديمقراطي آخر، سيشكل شبكة خلاص لطهران التي تعرضت لضغوط غير مسبوقة في عهد ترامب، والى حين حلول موعد الانتخابات، ستبقى المناوشات قائمة وستسخّر إيران كل إمكاناتها للصمود، مستعينة بـ«إبر المورفين» الاقتصادية التي يمدها بها حلفاؤها.