Site icon IMLebanon

الجائِحَة الإعلامِيَّة عَهْدٌ إعلامي لِزَمَن الأزَمات: الشغور نموذجاً…!

 

 

لقد حَوَّلَتْ الازمات الصحية والمالية العالمَ من قريةٍ كَونِيَّةٍ تتواصَلُ وتتفاعل، الى حَجْرٍ رُعْبِيٍّ مَأزومٍ، تَتَآكَلُهُ المخاوِفُ ومَسكون بِهَمِّ النجاةِ من الإعصارِ الشغوري القاتِل.

إنَّ تقَانَةَ الإعلامِ الشعبي، والإنغِماسَ اللّاإراديِّ في حُمَّى التَواصلِ المَفْتوحِ في زَمَنِ الأزَمَاتِ الصِحِّيَّةِ الضاغِطَة، يَتَطَلَّبُ مِنَ هُواةِ الدَردَشَةِ والتدوينِ والتغريدِ والتراسُل، أَنْ يَتَبَصَّروا عَميقاً في خطَرِ ما يقومونَ بهِ من هواية النشر، بَعْدَ أَنْ أَمعَنُ البعضُ بانتهاكِ الخصوصيّاتِ وخَدْشِ الأذواقِ وتَجريحِ الكراماتِ وعدمِ حِفظِ قواعِدِ اللَّياقات، وإشاعةِ القَلَقِ مِنْ خِلالِ التَسَرُّعِ بِتَصديقِ ما يَقرأونَ ويَسْمَعونَ، والإسراعِ بِإعادَةِ النَشرِ مِنْ دونِ تَنَخُّلِ ما يَتِمُّ تَصديرُهُ مِنْ مُستَوْرداتِ لَفْظِيَّة ومَشهَدِيّات مُصَوَّرَة وتَسجيلاتٍ صَوتِيَّة. وهذا ما يَزيدُ مِنْ حَالاتِ الإحْباطِ ويَدْفَعُ الى يَأْسٍ عَميقٍ، بسبَبِ ما قَدْ يُخَلِّفُهُ التَسَرُّعُ من انعِكاساتٍ على المُتَلَقِّينَ ومُسْتَخْدمي وسائلِ التواصلِ في زَمَنِ التباعُدِ السياسي والتنازع العقيدي.

إِنَّ أبْرَزَ البُنودِ الناظِمَةِ لـ{عَهْدٍ إعلامِيٍّ} مُقْتَرَحٍ وضَابِطٍ لِعَمَلِيَّاتِ التواصِلِ وأَخلاقِيَّاتِ الميديا الشعبية، لا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَمَحْوَرُ حَوْلَ مبادِئَ رَئيسَةٍ، أَهَمُّها:
١- الحِرصُ على سلامةِ المُستَعْلِمِ، وحِمايتُهُ.
٢- التأَكُّدُ من صحَّةِ كُلِّ ما يَتُمُ نَشرُهُ، قَبلَ النَشْرِ والتوْزيع.
٣- الإبتعادُ عَنْ الأخبارِ الزائِفَةِ والملفقة والمزورة.
٤- مَعرِفَةُ كَيفيَّةِ اكتشافِ الأخبارِ المُضَلِّلَةِ، وعدمِ الإسهامِ بتَسويقها.
٥- إعتمادُ مَصْدَرِيَّةٍ خَبريَّةٍ ذاتِ صِدْقِيَّةٍ.
٦- تَحديدُ المَرجَعِيَّةِ الإعلاميّةِ المُتَخَصِّصة، لِكُلِّ وَضْعِيَّةٍ صِحِّيَّةٍ مأزومة ومَعلومَةٍ منقولة.

٧- عَدَمُ الإجتهادِ بِتَقديمِ حلولٍ واقتراحات، لأنَ دِقَّةَ الظَرفِ لا تَحتَمِلُ طَرحَ تَجارب إختبارِيَّة، كإسناد المعلومة الى (خبير استراتيجي) للإحتماء برأيه والإختباء وراء دوره وتخصصه.
٨- ان المسؤوليّةَ الأخلاقيةَ والإجتماعيّةَ، تَتطَلَّبُ تَعزيزَ المَعنَوِيَّاتِ وتَقوِيَةَ المَناعَةِ الإعلامية لدى مُستَخْدمي وسائلِ التواصلِ، فنعرِّفهم بالقضية قبل فضحها ومعالجتها.
٩- إن حُرّيةَ الإنتفِاعِ مِنَ (المعلومة الخام) التي حصلَ عليها المُدَوِّنُ، لا تُخَوِّلُهُ إعتبارَها (سَبْقاً إعلامِيَّاً)، نَظراً لخُطورَةِ ما قَدْ تَتَسَبَّبُ بِهِ من إنعِكاساتٍ مَفْتوحَةٍ على مَخاطِرَ مُجُتَمَعِيَّةٍ حَادَّةٍ، واعتبارُ انَّ الحِرصَ على المصلحةِ العامّةِ هو أهمُّ من تحقيقِ أَيِّ إنجازٍ خَبَرِيّ، أَوْ تَسويقٍ مُتَسَرِّع.

هذهِ القواعدُ المِهَنِيَّةُ التي تُشكِّلُ (مُسَوَّدَةَ تَفْكيرٍ)، لِلتشارُكِ حولَ بنودِها، تُضفي شَيْئاً من الإلتزامِ التعاقُديِّ الحُرِّ بينَ الإعلاميينَ المحترفينَ والمُدَوِّنينَ والمُغَرِّدينَ والمُدَردِشينَ والمُتراسلين، وبينَ (القارئينَ – الزبائنَ) وتزيدُ من رصيدِ صاحبِ الحسابِ التواصلي، ومن تراكُمِ الثِقَةِ المُفتَرَضَةِ لدى المِنصّاتِ والمَواقِعِ، التي أَضحَتْ شريكةَ الناسِ في مُختلَفِ أحوالِهم و تَقَلُّباتِها.

وإِنْ لا بُدَّ من لَفْتَةٍ إيجابيَّةٍ في عَمليَّةِ تقويمِ الاداءِ الإعلامي الرسمي المرافِقِ لأزمَةِ (الشغور الرئاسي)، فإنّ التقويمَ والتقديرَ واجِبَانِ للحكومةِ، حَيثُ التي اعتبرت نفسها في حالة تقدير دائمً، وحَدَّدَتْ لأوَّلِ مَرَّةٍ في تاريخ التعاطي الرسمي مع الأزماتِ (ناطِقاً رَسمِيّاً) و (مَرجَعِيَّةً رَسميّة) مُناطاً بِهِما حَصْراً إعطاءُ كُلِّ ما يُمكِنُ نَشْرُهُ وما تَجِبْ مَعرِفتُهُ من معلوماتٍ مؤكَّدَةٍ بَعيداً عنِ التأويلِ والتنَبُؤِ. وهذا ما أضفى ثقةً صدقيّةً على المعلومات والبياناتِ التي تصدرُ تِباعاً عن المرجعيَّةِ الطبيَّةِ المسؤولة.!

كل هذه التصويبات، سَقطَتْ تَهاوِياً الى القَعْرِ، بعدَ أَنْ كَثُرَ المُتنافسونَ لوضع فَمِهِم على الكلام، فسقطَ الإعلامُ الدستوري، بِوَجهَيْهِ الاخباري والتحليلي، ولمْ نعُدْ نعرفُ أين الحقيقة ؟ ولا مَنْ يتكلم صَحّ ؟ ولا مَنْ هو الدخيلُ المُتطَفِّل الطامح بِتسلُّقِ شجرةِ الشُهرة على حِسابِ الناس – الضحايا؟!
نحنُ في مجتمعٍ غابة، لَيسَ فيه مَنْ يحمينا من أخطار بعض الإعْلامِ وتُجَّارِ الموتِ والقتلِ غير الرحيم.!