Site icon IMLebanon

اللقاء بين عون وجعجع في 12 أيار الجاري  

تبدو الأجواء الداخلية تفاؤلية رغم كلّ ما يُحضّر على الحدود اللبنانية- السورية لجهة القلمون من مواجهات مرتقبة بين الجيش اللبناني وعناصر التنظيمات الإرهابية. فكلّ شيء يشير الى أنّ «التيّار الوطني الحرّ» و«حزب القوّات اللبنانية» يسيران على الدرب الصحيح، وينتظر المسيحيون بالتالي تحقيق الأحلام الوردية التي طالما تمنّوها بعد لقاء رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ورئيس «القوّات» الدكتور سمير جعجع. فهل سيكون هذا اللقاء، و«إعلان النوايا» بين الصديقين اللدودين على مستوى الآمال المرتقبة منه؟!

تأمل أوساط سياسية ألاّ يُعكّر أي شيء طارىء هذا اللقاء المرتقب بين عون وجعجع في الأسبوع المقبل (قد يحصل في 12 أيّار الجاري) لا سيما أنّ دولاً خارجية عدّة تُعوّل عليه لإراحة وضع المسيحيين الداخلي في ظلّ ما يتعرّض له مسيحيو المنطقة من تهجير وقتل وتدمير لممتلكاتهم والاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم. فطيّ صفحة الماضي «الأليم» بين التيّار والقوّات، وعدم العودة اليه مجدّداً مهما كان الثمن، هذا ما يتمنّاه مناصرو كلّ من هذين الطرفين، وإن كان الأمر لا يريح بعض الأطراف الخارجية التي يهمّها رؤية الصراع المسيحي من جهة، والإسلامي من جهة أخرى، مستمرين الى حين تحقيق مصالحها في المنطقة.

على ضوء الآمال المعلّقة على هذا اللقاء، تتمنّى الأوساط نفسها أن تكون مرحلة ما بعد الاجتماع، «فاتحة خير»، تُقفل الباب على الشغور الرئاسي الذي استمرّ نحو عام حتى الآن، كما على تكرار هذه التجربة التي «جمّدت» الموقع المسيحي الأول لفترة طويلة، فضلاً عن حروب الإلغاء الماضية. وتأمل بالتالي بدء مرحلة جديدة مبنية على أساس التفاهم والإحترام وحماية حقوق المسيحيين، والإلتزام بالوعي لعدم الإساءة الى المسيحيين مجدّداً. وكشفت أنّ الأجواء مريحة جدّاً وأنّ لا شيء سيحول دون عقد اللقاء المرتقب، لا المواجهات الحاصلة على الحدود، ولا تدخّل «حزب الله» في المعارك في سوريا، أو في ردع الإرهابيين في المناطق الحدودية اللبنانية الى جانب الجيش اللبناني.

فإذا تمّ التوقيع من قبل الطرفين على ورقة «إعلان النوايا»، والتي أفادت المعلومات أنّها تقع في 4 صفحات فولسكوب وتحتوي على مقدّمة و16 بنداً وخاتمة، تتضمّن عناوين عدّة أبرزها: طيّ صفحة الماضي بين الطرفين وعدم العودة اليه مهما كان الثمن، إنتخاب رئيس قوي للجمهورية وتحديد مفهوم هذا الرئيس القوي الذي يطمح له الطرفان المتحاوران، السعي الى وضع قانون إنتخاب على أساس المناصفة الفعلية، إنجاح أي إتفاق حول أي ملف عندما يُمكن ذلك، إعتماد منطق التنافس بدلاً من الإختلاف، سيادة سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، إقرار قانون إستعادة الجنسية للمغتربين اللبنانيين، إقرار اللامركزية الإدارية الموسّعة، ووقف التشنّج في الخطاب الإعلامي. إلاّ أنّ المطلوب بعد الإلتزام بهذه البنود، أن تُصبح «متطبّعة» في النفوس والعقول، لا أن تبقى حبراً على ورق في النصوص.

فما تخشاه الأوساط نفسها هو العودة الى نقطة الصفر، عند كلّ مطبّ أو أزمة، أو تكرار قصة «قايين وهابيل»، عند كلّ استحقاق، وفي كلّ مرة يعتقد فيها أحد الطرفين أنّه «على حقّ». فبدلاً من أن يحسد قايين أخاه هابيل لأنّه قدّم أفضل ما عنده للرب (وفي حالتنا هنا نقصد الشعب)، ما الذي يمنع الطرفين المتصارعين من تقديم أفضل ما لديهما لهذا الشعب، وأن يتنافسا على خدمته واستعادة حقوقه المهدورة منذ سنوات؟!

إنّ الخط الأحمر الوحيد الذي يجب أن يُحترم، وأن يتفق عليه، ليس فقط الجانبان المسيحيان بل الجميع، هو «مصلحة الوطن والشعب عموماً والمسيحيين خصوصاً، والجيش»، وما عدا ذلك فإنّ الأطراف جميعها تكون لا تعطي الأولوية سوى لخطوطها وألوانها، رغم كلّ النصوص الموضوعة والنوايا المتفق عليها.

فـ «داعش» الفعلي، على ما تضيف الأوساط السياسية، موجود في الداخل وليس على الحدود فقط. ففي كلّ مرّة يحارب مسيحي أخاه المسيحي على المستويات كافة، ويعطّل مسار الإستحقاقات الداخلية، ويعرقل مصالح المواطنين والعمّال، يكون «داعشياً» بحقّ الآخرين. كما أنّ الدول الكبرى المسيحية التي تلتزم الصمت أمام مشاهد العنف والتهجير في دول المنطقة، هي «داعشية» بامتياز بدورها، لأنّها تسكت عن الحقّ ولا تدافع عنه.

وتأمل الأوساط نفسها أن يُصار فعلاً الى «لبننة الإستحقاق الرئاسي»، وأن يتمّ الإتفاق بين الطرفين المسيحيين على إسم الرئيس المقبل بغضّ النظر عن آراء الدول والأطراف الخارجية التي غالباً ما «تصنع» رؤساء جمهورية لبنان، مشيرة الى أنّ مثل هذه التمنيات قد تُعطي اللقاء المنتظر أكبر من حجمه، ولكن على الأقلّ هذا ما تتمناه لما فيه خير المسيحيين.

وتتساءل عما سيكون عليه الوضع بعد حصول اللقاء بالنسبة لما يحصل على الحدود اللبنانية من جهة، وبالنسبة للحوار الإسلامي- الإسلامي القائم حالياً بين «حزب الله» و«تيّار المستقبل»؟ وهل ستحذو ورقة «إعلان النوايا»، حذو «ورقة التفاهم» الموقّعة بين «التيّار الوطني» والحزب، والتي أبدى العماد عون تمسّكه بها في أحلك الظروف؟! وتؤكّد بأنّ لا شيء سيُهدّد هذه الورقة، لا الخلافات الداخلية، ولا أي ضغوطات خارجية، علماً أنّ بعض الدول الكبرى والإقليمية شجّعت على هذا التفاهم بين التيار العوني والقوّات.

وتتمنّى الأوساط أن تتحوّل ورقة «إعلان النوايا» هذه الى «مفخرة للمسيحيين»، بعد أن شوّهوا تاريخهم على مرّ العقود الماضية، رغم أنّهم كانوا أساس وجود هذا الوطن، وبعد اتهامهم من الشريك الآخر في البلاد، بعرقلة استحقاق رئاسة الجمهورية لعدم الإتفاق فيما بينهم. التمنيات المعلّقة على هذه الورقة كبيرة، فهل تخذل المسيحيين أم تكون على مستويات التحديات التي يواجهونها في لبنان والمنطقة؟!