Site icon IMLebanon

هذا ما حققه اللّقاء بين فرنجية وباسيل

 

لعلّ اللقاء الذي عقده رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية برعاية رجل الأعمال علاء خواجة، كان الأكثر دلالة من بين الاجتماعات المعلنة والمستترة التي أجراها باسيل خلال الفترة الأخيرة، كونه جمع مرشحاً أساسياً إلى رئاسة الجمهورية وناخباً محورياً على الساحة المسيحية.

من المعروف انّه وبعد اجتماع إنهاء القطيعة الذي رعاه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بين فرنجية وباسيل، لم يطرأ تقدّم جوهري في علاقة الرجلين، ولم يحصل الانتقال المفترض من كسر الجليد على المستوى الشخصي إلى حياكة خيوط تفاهم سياسي، بل انّ الأمور عادت لتسوء مع الدخول في مرحلة الاستحقاق الرئاسي، على وقع الرفض القاطع من قِبل باسيل لخيار انتخاب فرنجية، على رغم محاولة السيد نصرالله إقناعه بضروراته الاستراتيجية.

 

وإذا كان باسيل يشدّد على أنّ التيار هو ممر إلزامي للوصول إلى قصر بعبدا انطلاقاً مما يمثله شعبياً، الّا انّ فرنجية يعتبر في المقابل انّ الميثاقية المسيحية لا يمكن اختصارها بـ«التيار الحر» او بـ«القوات اللبنانية»، في ظلّ وجود خط ثالث يضمّ قوى وشخصيات مسيحية أخرى، بعضها منضوٍ في مجلس النواب وبعضها الآخر خارجه، ويمكنها ان تشكّل غطاء كافياً لانتخابه.

 

ومع انّ جانباً من التسريبات أفاد بأنّ باسيل وفرنجية لم يناقشا الملف الرئاسي بتاتاً، غير انّ هناك من يستبعد الّا تكون قد تمّت مقاربة هذا الملف بشكل او بآخر خلال لقاء بين شخصيتين معنيتين مباشرة وعضوياً به، في لحظة استفحال أزمة الفراغ الرئاسي وما ترتبه من تداعيات، وبالتالي لا بدّ أنّ «ظلّ» هذا الاستحقاق حضر إلى جانبهما.

 

ويشير المطلعون، إلى انّ اجتماع فرنجية – باسيل نجح على الاقل في تثبيت مبدأ فصل الخلاف السياسي عن العلاقة الشخصية، «وهو امر لا يخلو من الأهمية والرمزية، لأنّه في لبنان غالباً ما يكون للاعتبارات الشخصية حيزها وتأثيرها في صنع القرار، وبالتالي فإنّ تحسن العلاقة الثنائية بين المتعاطين في الشأن العام قد يترك لاحقاً انعكاسات على المسائل السياسية».

 

ويلفت هؤلاء، إلى انّه وبمعزل عن نسبة «الدوز الرئاسي» في اللقاء، فإنّ مجرد انعقاده أعطى رسالة بأنّ فرنجية «غير معقّد» من الجلوس مع أحد، وانّه كمرشح رئاسي مستعد للانفتاح على الجميع بلا قيود او شروط، «وكذلك أظهر بأنّ باسيل قادر على الجمع في سلوكه بين ثبات الموقف ومرونة التواصل».

 

ويؤكّد العارفون، انّ لقاء فرنجية – باسيل، اياً يكن راعيه، يريح «حزب الله» ويخفف عنه جزءاً من أعباء محاولة ردم الهوة بينهما، وذلك خلافاً للاستنتاجات التي ذهبت في اتجاه تفسيرات مغايرة.

 

وببنما يقفل العام الحالي أبوابه على مراوحة في الاستحقاق الرئاسي بفعل توازن الفيتوات المتبادلة، يؤكّد العارفون، انّ فرنجية سيستقبل العام الجديد بمزيد من الثبات في ترشيحه، والإصرار على رفض الطرح الداعي إلى التفاهم حول مرشح ثالث، وذلك لاقتناعه بأنّ فرصه مرتفعة خلافاً لرأي خصومه وجزء من المراقبين.

 

ولئن كان هناك من يأخذ على فرنجية ضعف تمثيله المسيحي كعائق اساسي امام وصوله إلى بعبدا، يلفت داعموه إلى انّه «منبثق من البيئة المسيحية ومقبول وطنياً»، ترجمة لمعادلة بكركي التي اقرّها لقاء الاقطاب عام 2014 برعاية البطريرك بشارة الراعي وحضور العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل ورئيس «المردة» سليمان فرنجية ورئيس «القوات» سمير جعجع.

 

وفي حين يروّج معارضو فرنجية بأنّ الخارج لا يحبذه ويميل إلى دعم قائد الجيش العماد جوزف عون، ثمة من يلفت إلى انّ المؤثرين اقليمياً ودولياً يعلمون انّهم لا يستطيعون لوحدهم فرض رئيس الجمهورية، وانّ إنجاز عملية الانتخاب يتطلّب تسوية مع «حزب الله» تراعي مصالح الطرفين.

 

وبناءً عليه، يشير أصحاب هذا الرأي إلى «انّ القوى الإقليمية والدولية تضع في الحسبان كل الاحتمالات، ومن ضمنها فرنجية الذي تتمثل قوته في انّه يمكن أن يشكّل تقاطعاً بين الداخل والخارج، من دون أن يشعر احد بالهزيمة السياسية على الضفة المقابلة، في حين انّ هناك أسماء أخرى لا تمرّ الّا اذا كان الحزب خاسراً او قابضاً لثمن كبير، وكلا الفرضيتين ليستا واردتين».