IMLebanon

لقاء القصر لم يكن على قاعدة «اللهم فاشهد اني قد بلّغت»  

 

هل رفع رئيس الجمهورية المسؤولية عن نفسه بعقده اللقاء الحواري التشاوري الذي ترأسه في قصر بعبدا الرئاسي أمس؟ أساساً: هل ان تلك كانت الغاية من اللقاء؟ أو ان الرئيس أراد إشراك معظم الأطراف ذات الصلة في قرار وطني بامتياز، في مبادرة غير مسبوقة لبنانياً، من شأنها أن تعزز الشراكة الوطنية ليس فقط بين الأطياف الدينية إنما أيضاً بين القطاعين العام والخاص أولاً، ثم بين القطاعات كلها، حتى يأتي القرار مدعوماً بأكبر قواعد رسمية وشعبية.

البعض أخذ على الرئيس عون أنه اشرك من لا دور لهم في قرار هو من صلب صلاحيات رئيس الجمهورية. وهذا لا يجوز حرصاً على تلك الصلاحيات التي تقلّصت الى أبعد الحدود. وهذا كلام أقل ما يُقال فيه انه لا يعتد به… وهو الى ذلك خبيث وتحريضي! والعكس صحيح ذلك أن المبادرة جاءت في توقيتها وفي موقعها.

بداية، وكما كتبنا هنا يوم إطلاق الدعوة الى «حوار السلسلة»  لم يكن لدى رئيس الجمهورية كبير أوهام ولا صغيرها بأنّ الروح القدس سيحل على «الشباب» فيتنازلوا عن مواقفهم المعلنة ويلتقوا في منتصف الطريق للتوافق على «سلسلة الحد الأدنى».

ثم إن لدينا ما يؤكد الى حد الجزم بأنّ المعطيات المتوافرة لدى فخامة الرئيس حول تداعيات إقرار السلسلة تنذر بمحاذير كبيرة. وعلى حد قول وزير مقرّب، ومعني بالسلسلة فإن إقرارها ووضعها موضع التنفيذ بالصيغة التي وردت فيها قد يضعان لبنان على فوهة هاوية بلا قرار، ما يعرّض هذا البلد، ربما، الى حال شبيهة بما آلت إليه أوضاع اليونان من حيث إمكان التدهور الإقتصادي والمالي كذلك. والمعطيات هذه مرفقة بالأرقام والدراسات الموثقة ما يدعو الى حتمية إتخاذ الكثير من تدابير الحيطة والحذر الواجب اعتمادها تلافيا للتداعيات التي لا يتحملها الإقتصاد الوطني بأي حال من الأحوال وهو الذي يعاني الكثير من الأزمات الكبرى التي قد لا يكون الطلوع منها متيسراً في المستقبل المنظور.

هل تصرّف الرئيس على قاعدة «اللهم فاشهد اني قد بلّغت»؟ لا، بالطبع. صحيح أنه وضع المعنيين وذوي الصلة بالسلسلة في الأجواء القائمة والمعطيات المتوافرة ولكنه ليس من الذين يستسلمون.

واضح ان السلسلة الى التنفيذ، هذا قرار عام لم يعد ممكناً التراجع عنه بأي شكل من الأشكال، إضافة الى انها حق مكتسب لفئات الموظفين والمتعاقدين والمتقاعدين. ولكن حق الوطن على الرئيس أولاً والحكومة ثانياً والجميع لاحقاً هو بتدارك التداعيات.

وفي تقديرنا ان لا مفرّ من الخطوات الإستدراكية التي تواكب التنفيذ، بل تصححه، كما بات معروفاً. وهذا ليس بالأمر المستحيل إذا صفت النيات وصدقت الأقوام، وتنكّب كثيرون عن البروباغندا عشية موسم الإنتخابات النيابية.