سارع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع إلى التصويب على الطريقة التي جرى استخدامها لتعيين أعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، سائلاً “ما نفع مجلس إدارة جديد إذا كان سيأتي على غرار مجالس الإدارة السابقة بالتعيين المباشر ومن دون اللجوء إلى الآلية التي كان مجلس النواب قد اقترحها. بداية عوجاء ستؤدي حتماً إلى نتائج عوجاء”. وقد تبعه نواب التكتل الذين وصفوا العملية “بالجبل الذي تمخّض فوَلدَ فأراً”.
إكتفى جعجع بحصر انتقاده بالآلية من دون الاقتراب من أهواء الأعضاء المعيّنين السياسية، وتحديداً اولئك الثلاثة المسيحيين، (كريم سابا، حبيب سرور، وشادي كريدي)، ولو أنّه يعرف جيدًا أنّ الثلاثة عونيو الهوى، لا بل حتى أنّ أحدهم يشغل منصباً حزبياً، ما أشعل “غروبات الواتساب”، لا سيما تلك التي تضم مجموعات مسيسة وحزبية، بعدما تمّ “نبش” ماضي ومستقبل “النجوم” الجدد الذين انضموا إلى الإدارة.
هكذا تبيّن مثلاً أنّ شادي أنطوان كريدي (ماروني) ابن بلدة العاقورة، يشغل منصب منسق لجنة الاستثمارات في “التيار الوطني الحر” وعضوية اللجنة المركزية. كريم سابا (أرثوذكسي) من كوسبا الكورة. وهو منتسب أيضاً الى “التيار الوطني الحر”. ويتردد أنّه عمل خلال الانتخابات النيابية الأخيرة ضمن ماكينة رئيس “التيار” جبران باسيل. حبيب سرور (كاثوليكي) من زحلة، مستقل ولكن يُقال إنّه خضع “للاختبار السياسي” في اللقلوق، وقد سارع الوزير السابق سليم جريصاتي وضمن احدى مجموعات “الواتساب” السياسية إلى تأكيد استقلاليته.
ومع ذلك، بدا لافتاً صمت “الحزب التقدمي الاشتراكي” على سلّة التعيينات وهو الذي كان يتحضّر لتوجيه إحداثيات انتقاداته على القرار الذي سيتخذه مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ الحزب يتابع بالتفاصيل ملف الكهرباء ويحرص على أن يكون له موقف من كل شاردة وواردة تخصّ القطاع… وإذ به يعود أدراجه ويعيد حساباته.
يظهر بالتدقيق المفصل أنّ طارق عبد الله (سنّي) مسؤول في “الحزب التقدمي الاشتراكي” (رئيس فرع) فيما سامر سليم (درزي) يصنّف في خانة أصدقاء الاشتراكيين. يؤكد مسؤولون اشتراكيون أنّه لم يسألوا ولم يُسألوا عن التعيينات وهم تفاجأوا بما خرج من مجلس الوزراء حيث يبدو أنّ وزير الطاقة التزم معايير الكفاءة، ما أوصل هذين الاسمين إلى المراتب الأولى وبالتالي تعيينهما من دون أي اعتبارات سياسية، خصوصاً وأنّ طارق عبد الله (مهندس في “خطيب وعلمي”) تقدم بطلبه بمبادرة شخصية منه.
بالنتيجة، صار لمؤسسة كهرباء لبنان مجلس ادارة جديد، لا يزال حتى اللحظة كمال حايك هو رئيسه عملاً بمبدأ تسيير القطاع الى حين تعيين رئيس مجلس ادارة جديد. تتحدث مصادر وزارية أنّ التوجه هو لتعيين رئيس مجلس ادارة وفق الآلية التي تمّ اقرارها في مجلس النواب. أقله هكذا تمّ ابلاغ الوزراء خلال الجلسة. وقد أكد وزير الطاقة ريمون غجر أنّ “رئيس مجلس الإدارة له آلية مختلفة”، مشيراً إلى أنّ حايك سيبقى في موقعه الى حين تعيين بديل عنه.
بالنتيجة، يفترض أن تكون الحكومة قد انطلقت في سلّة تعييناتها التي تريد عبرها أن توجّه إشارات إيجابية نحو الخارج حول نيّتها الانتقال من الأقوال الاصلاحية إلى الأفعال. ويتردد أنّ السلة الثانية من التعيينات الادارية ستشمل ثلاثة مواقع: رئاسة مجلس ادارة تلفزيون لبنان، مدير عام وزارة الصحة ومدير عام وزارة المال.
في المركز الأول، تصرّ وزيرة الاعلام منال عبد الصمد على التزام آلية محددة لاختيار رئيس مجلس ادارة، لكن أوساطاً حزبية موالية تجزم أنّ الموقع محسوم لمصلحة داليا داغر فيما يتردد أنّ مقربين من “التيار الوطني الحر” أبلغوا بطريرك الكاثوليك يوسف العبسي بهذا الخيار. أما في المركز الثاني، فيتردد أنّ أبرز المطروحين لهذا الموقع هي دينا مداح (زوجة الوزير السابق صالح الغريب) مديراً عاماً لوزارة الصحة. أما الموقع الثالث فيبدو أنّه حسم لمصلحة كارول أبي خليل (قريبة الوزير السابق سيزار أبي خليل).
هكذا، ينتظر أن يشهد الأسبوع المقبل سلة تعيينات لثلاث سيدات، رغم أنّ مصادر سياسية تنفي حصول التفاهم النهائي.