IMLebanon

إنتخابات المتن… النتائج حدّدت موازين القوى

يعيش «التيار الوطني الحر» تجربة جديدة على مستوى الأحزاب اللبنانية، تمثلت في الانتخابات التمهيدية التي جرت أمس، لتحديد أسماء المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات النيابية المنوي إجراؤها العام المقبل. وقد اقترع 1458 ناشطاً في المتن الشمالي، وفاز النائب ابراهيم كنعان بـ484 صوتاً، بفارق كبير عن بقية المرشحين.

على رغم إفساح «التيار» المجال أمام محازبيه لاختيار مرشحيهم والعودة إلى القواعد الشعبية والتنظيمية، بدلاً من أن «تهبط» عليهم أسماء المرشحين، فقد سجّلت العملية الانتخابية اعتراضاتٍ بالجملة ارتفعت أصواتها داخل أروقة «التيار»، ضدّ القانون المعتمَد في هذه الانتخابات حيث اعتبره البعض مفصَّلاً على قياس النافذين.

فُتحت صناديق الاقتراع عند الثامنة صباحاً في مدرسة «السان جورج» في الزلقا وسط إجراءاتٍ أمنية اتّخذها عناصرُ الانضباط التابعون لـ»التيار»، لحفظ سير العملية الانتخابية وضبط حركة الناخبين.

لكنّ هذه الخطوة لم تمنع وقوع إشكال خلال ساعات الصباح الأولى بين النائب نبيل نقولا وأحد عناصر الانضباط المتمركز على باب قلم الاقتراع بعدما منع دخول مرافقه، ما أدّى الى مشادات كلامية، ما لبثت أن فُضّت، مع حضور النائب ابراهيم كنعان واصطحاب نقولا الى الداخل للإدلاء بصوته.

وفي هذا السياق، أوضح أحد المحازبين لـ»الجمهورية» أنّ «الاشكال كان مفتعلاً، والكاميرات سجّلت اللقطات»، مؤكداً أنّ «الإشكال ناتج عن مشكلات سابقة كانت قد حصلت في الانتخابات البلدية»، واصفاً ما حصل بأنه «لعبة غير أخلاقية».

وقد إنتخب 75 في المئة من أصل 1859 منتسباً في المتن الشمالي، لاختيار ٨ مرشحين على المقاعد الأربعة كمرحلة اولى هم: ابراهيم كنعان، نبيل نقولا، الياس بو صعب، ابراهيم الملاح، ادي معلوف، ناجي طعمة، شارل جزرا، وطانيوس حبيقة، وقد توزع الناخبون على ٧ أقلام. لكلّ مرشح ماكينته الانتخابية، ومندوبون داخل الاقلام، وبدا واضحاً حضور غالبية المرشحين لمتابعة الانتخابات على الارض.

جوّ من الديموقراطية ساد في ملعب المدرسة بين أهل البيت الواحد، حيث كان المرشحون يتبادلون الاحاديث بعضهم مع بعض، ويتجوّلون داخل الاقلام مواكبين الأجواء.

وفي هذا السياق، اشار كنعان لـ«الجمهورية»، الى أنّ «هذه الخطوة بداية لديموقراطية حزبية، ونتمنى أن تتطوّر هذه الروح في المستقبل لتلامس الأحزاب كافة». وأضاف: «جميعنا نتنافس للأفضل وننتظر النتيجة التي سنتقبّلها مهما كانت».

بدوره، أكد ملّاح «أهمية هذه الخطوة وفرصة إبداء الرأي التي تصبّ لمصلحة التيار»، مشدِّداً على أنه «يعمل على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والانمائي من خلال عضويته في جمعية الصناعيين، وبما أنّ السياسية مرتبطة بالاقتصاد والانماء، فسيعمل إن فاز في هذا الإطار ضمن فريق «التيار» لمصلحة التكتل».

أُنجزت الانتخابات التمهيدية كمرحلة أولى، وفق نظام «One man one vote»، بمعنى أنّ كلّ محازب يصوّت لمرشح واحد في دائرته الانتخابية بصرف النظر عن مذهب المرشح وطائفته، وكان واضحاً غياب مرشح أرمني في المتن الشمالي. أمّا في المرحلة الثانية بعد ثلاثة أشهر، فسيُجرى استطلاع للرأي حيث يتمّ تصنيف المرشحين المؤهّلين تراتبياً. وستُطرح الأسماء على الرأي العام الخارجي لتحديد مدى قبولها.

في الشكل، أتت هذه الخطوة سبّاقة لـ«التيار»، لكنّ تفاصيل هذه المشهدية لم تكتمل إثر ارتفاع الأصوات الرافضة القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات التمهيدية، وقال أحد المحازبين لـ«الجمهورية»، إنّ «هذا القانون يظلم بعض الأشخاص، وهو مفصَّل على قياس النواب وأصحاب النفوذ الذين يضغطون على القاعدة بخدماتهم. وفي ما يخص المرحلة الثانية فجميعنا نعرف عدم صدقيّة الاستطلاعات في لبنان».

الى ذلك، تحالف معلوف وحبيقة سويّاً وعملا وفق ماكينة انتخابية مشتركة واتفقا على تقسيم الاصوات بينهما لضمان نجاحهما.

وأوضح معلوف أنّ «كلّ ورقة ستنزلق في الصندوق تحمل «الصوت التفضيلي» الذي سيتم على أساسه اختيار المرشحين الى الانتخابات النيابية»، قائلاً: «رغم التحالف، سيجمع حبيقة نسبة أصوات اكثر».

بدوره قال حبيقة إنّ «ثغرات كثيرة حصلت، ولكننا سنتعلّم من هذه التجربة لتصحيحها في الإستحقاقات المقبلة»، لافتاً الى «عدم تكافؤ الفرص بين النواب أصحاب الخدمات والمناضلين الآخرين».

ومساءً صدرت النتائج، حيث نال كنعان 484 صوتاً، بو صعب 169 صوتاً، معلوف بـ 119 صوتاً، حبيقة: 213 صوتاً، الملاح 160 صوتاً، نقولا: 109 أصوات، جزرا: 70 صوتاً وتأهلوا جميعهم باستثناء طعمة الذي نال فقط 50 صوتاً.

في وقت لا يزال «التيار» يعيش ترددات مشكلات الانتخابات البلدية، اضافةً الى التجاذبات التي أدّت الى فصل بعض المناضلين القدامى، أتت هذه الانتخابات لتطرح استفهاماتٍ كثيرة، خصوصاً لجهة طريقة إجراء هذه الانتخابات قبل صدور صيغة القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، وهذه اشارة سلبية يقدمها «التيار» بالنسبة إلى القانون الانتخابي، وهو الذي لطالما دعا الى اعتماد النسبية، لكنّ انتخابات الأمس جرَت من دون معرفة القانون.