لم تحمل الاتصالات الجارية بشأن معالجة أحداث الجبل التي لا زالت تعطل اجتماع الحكومة جديداً حاسماً، بالرغم من سعي رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لفك الطوق عن حكومته، محاولاً من خلال المشاورات التي يجريها مع الأطراف تعبيد الطريق أمام عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً الخميس أو الأسبوع المقبل، لاستشعاره مخاطر تحدق بالبلد في حال بقي التعثر الحكومي قائماً، ناهيك عن أنه يخشى من تداعيات الشلل الحكومي الذي لا يمكن أن يبقى مكتوف اليدين حياله، وهو الأمر الذي تركز عليه مشاوراته مع المعنيين، بالرغم من أن المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، من مصادر حكومية لا تحمل على التفاؤل بإمكانية تحقيق هذا الأمر بسرعة، خاصة وأن مساعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم المتجددة التي استكملها، أمس، بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون لم تتقدم كثيراً، لتمسك رئيس «الحزب اللبناني الديمقراطي» النائب طلال إرسلان بإحالة أحداث الجبل إلى المجلس العدلي، في الوقت الذي يرفض رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط هذا الأمر، وإن أبدى انفتاحه على حلول أخرى، تمهيداً لعقد لقاء مصالحة مع إرسلان برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
وبعدما رفض النائب إرسلان تحويل الملف إلى المحكمة العسكرية، رغم إحالة التحقيق بالقضية إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، فإن اللواء ابراهيم ومن خلال خبرته في هذا المجال يحاول تدوير الزوايا إذا صح التعبير، في إطار البحث عن مخارج جديدة، قد يوافق عليها الطرفان المعنيان كحل وسط لا يشكل انتصاراً لفريق ونكساراً للآخر، لكن حتى الآن لم تلح في الأفق بوادر تحمل على توقع إيجابيات في الأيام المقبلة، باعتبار أن جنبلاط وإرسلان ليسا مستعدين للتنازل عن شروطهما التي تحاصر مهمة اللواء ابراهيم وتجعله غير قادر على إحراز تقدم جوهري يفضي إلى توقع الخروج من هذه الأزمة التي ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، وتمنع الحكومة من الاجتماع خشية انفراط عقدها، سيما وأن هناك مخاوف على مستقبل مجلس الوزراء إذا تم اللجوء على التصويت بشأن إحالة القضية على المجلس العدلي، لأن هناك من سيعتبر نفسه انتصر، سواء جاءت نتيجة التصويت بالإحالة أوعدمها.
وفيما توقعت المصادر أن يتم بحث موضوع عقد جلسة للحكومة بين الرئيسين عون والحريري في الساعات المقبلة، فإن الأنظار تتجه إلى تحركات اللواء ابراهيم التي يفترض بحسب المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن يصار إلى تزخيمها مع القوى المعنية بملف الجبل، بعدما أبدى رئيس «الاشتراكي» استعداده للتجاوب مع المساعي التوفيقية، في حين أن التركيز سينصب على محاولة إقناع النائب إرسلان بتسليم المطلوبين من مناصريه الذين كانوا في عداد موكب الوزير صالح الغريب، وتبين للأجهزة الأمنية مسؤوليتهم بالصوت والصورة عن إطلاق النار في بلدة البساتين. إذ تقول المعلومات في هذا السياق، أن هذه النقطة جوهرية بالنسبة لتمكن المدير العام للأمن العام من إحداث خرق في الجدار. وبالتالي لا يمكن الحديث عن تقدم إذا لم يتم توقيف مطلقي النار من عداد مرافقي الوزير الغريب.
ولا تخفي المصادر القول أن هناك قلقاً على مصير الكثير من الملفات المطروحة على جدول أعمال الحكومة، ومن بينها ملفات «سيدر»، حيث أنه ومع عدم اتضاح الرؤية في ما يتعلق بموعد عودة الحكومة للاجتماع، فإن الثقة بالحكومة ستهتز من جانب الدول المانحة، وإن لقي إقرار الموازنة ترحيبها، لكن الظروف السائدة وعجز المسؤولين عن تطويق تداعيات ما جرى في الجبل، يثير قلق المجتمع الدولي الذي ينظر بحذر إلى تعامل الحكومة اللبنانية مع التطورات الأخيرة، وإخفاقها في تجاوز هذه الأزمة بالطريقة المطلوبة، في وقت أحوج ما يكون لبنان إلى كل ما يعزز أمنه واستقراره، من أجل كسب المزيد من الثقة الدولية لإنهاضه اقتصادياً، وبما يمكنه من الاستجابة لمتطلبات «سيدر» في المرحلة المقبلة .
وينتظر الحكومة بعد التئام شملها مجدداً، ملفات عديدة بعد الموازنة، يأتي في مقدمها التعيينات التي تشكل أولوية لدى الرئيسين عون والحريري اللذين يحرصان على التفاهم بشأنها وفق الآلية الموضوعة، لأن هناك شواغر كبيرة في إدارات الدولة ينبغي ملؤها، لتفعيل عمل المؤسسات وتنقيتها من رواسب الفساد الذي ما عاد يحتمل، وهي مهمة بالغة الصعوبة لا يمكن للحكومة التساهل حيالها.