تكتسب زيارة التعارف التي يقوم بها قائد الجيش العماد جوزيف عون الى العاصمة الاميركية واشنطن في غضون الايام القليلة المقبلة للقاء كبار القادة العسكريين والامنيين المكلفين بملفات المنطقة والمساعدات العسكرية للدول الخارجية، اهمية خاصة في الشكل والمضمون نظرا لحساسية الظروف التي تمر بها البلاد والمنطقة، واحتدام المواجهة الاميركية ـ الايرانية، فضلا عن تفعيل عمليات القضاء على تنظيم داعش الارهابي، و«الزوبعة» المفتعلة اخيرا على الحدود اللبنانية الجنوبية.
وفي هذا الاطار تكشف مصادر مطلعة على انه في الشكل ينتظر ان يلقى العماد عون استقبالا مميزا في وزارة الدفاع الاميركية، على العادة التي درج عليها استقبال قادة الجيش اللبناني، كما ان اهميتها الثانية على هذا الصعيد تأتي في كونها الاطلالة الاولى «للقائد» على الخارج، والتي قصد ان تكون من واشنطن التي تحولت الدولة الاولى على صعيد تقديم المساعدات العسكرية والامنية للجيش، خصوصا ان الاشهر السابقة شهدت عملية شد حبال في مسألة اللغط حول تقديم المساعدة الايرانية، او شراء اسلحة من روسيا، التي اعقبها الغاء العمل بالهبة السعودية التي كانت مخصصة لشراء اسلحة فرنسية باكثر من 90% منها.
اما في التوقيت فهي تأتي في ظل لحظة اقليمية حرجة عنوانها الاستراتيجية الاميركية الجديدة لمكافحة الارهاب في اطار التحالف الاميركي والذي يعتبر لبنان جزءا منه، خصوصا ان الساحة الداخلية تشهد بين الحين والآخر اطلاق اشاعات عن تعاون «من تحت الطاولة» لاستعمال قواعد عسكرية لبنانية من قبل الاميركيين،على ما حصل في مسألة هبوط الـ «سي .180» هيركليوز في رياق، او انطلاق قوات خاصة تابعة للجيش الاميركي من الاراضي اللبنانية لتنفيذ مهمات في الداخل السوري، من جهة، و«التوتر» المقصود الذي ساد الجبهة الجنوبية مع اسرائيل مطلع الاسبوع ودفع باركان الدولة اللبنانية المعنيين الى زيارة المنطقة الحدودية للتأكيد على ثوابت الدولة.
اما فيما خص المضمون فان برنامج المساعدات المقدمة للجيش سواء في العتاد او التدريب، سيشكل الطبق الاساس لهذه المحادثات، حيث سيطلب الجانب اللبناني تعزيز تلك المساعدات وتسريعها لرفع الجهوزية اللبنانية، خصوصا ان عددا من الطيارين اللبنانيين على وشك انهاء دورة في الولايات المتحدة على طائرات «السوبر توكانو». وفي هذا الاطار تكشف المصادر ان قائد الجيش سيستند في مطالبه، اولا، الى الانجازات الامنية والعسكرية التي انجزتها وحدات الجيش ومديرياته والتي حازت تنويه الوفود العسكرية الاميركية التي جالت في لبنان، وثانيا، الى الاداء المميز للعسكريين اللبنانيين وسرعة استيعابهم لتشغيل العتاد المحقق واستعماله باقصى طاقة وهو ما نوهت به اطقم التدريب الاميركية المتواجدة في لبنان، اما ثالثا، فستتم مراجعة لوائح المساعدات لتحديثها وفقا لتطور الحاجات، وعلم في هذا الاطار انه سيتم تقديم حوالي 36 آلية برادلي مصفحة للقوات الخاصة اللبنانية مزودة بمدافع متوسطة لاستخدامها في المعارك ضد الارهابيين، كما سيتم رفع نسبة آلية الهامفي المدرعة المسلمة للجيش والتي ستساعد في تعزيز حماية الجنود خلال العمليات القتالية، رابعا واخيرا سيقدم الوفد اللبناني عرضا دقيقا ومفصلا للعمليات التي جرى تنفيذها في الداخل وعلى الحدود وكذلك سيناقش الخطط الموضوعة لحماية الحدود من اي هجوم.
على هذا الصعيد ومع استكمال بناء مركز تأهيل افواج حماية الحدود البرية في قاعدة رياق الجوية، ينتظر ان تكتمل خطة حماية الحدود الشرقية امتدادا الى الشمال التي يوليها الاميركيون اهتماما خاصا، بدليل الزيارات المتكررة لوفود رسمية اميركية الى الجبهة الشرقية، والتي تكشف المعطيات ان الاجهزة الاميركية المعنية اجرت مسحا كاملا لطول الحدود مع سوريا وتمكنت من تحديد بعض المناطق التي يمكن للارهابيين التسلل منها عبر معابر غير شرعية عبر الجرود قدرت بـ 47 نقطة حدودية، في المنطقة الواقعة بين مجدل عنجر ـ جبل العرب في اتجاه الشمال الشرقي نحو الهرمل والدار الواسعة.
وتكشف المصادر ان طلب القيادة العسكرية يأتي متكاملا مع ما سبق لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ان طالب به المجتمعين في وزارة الخارجية الاميركية الشهر الماضي لتفعيل الحرب على الارهاب، لجهة زيادة حصة لبنان من المساعدات العسكرية، وفي هذا المجال سيشكر قائد الجيش الجهات الاميركية على استعدادها لفتح مخازن السلاح امام الجيش خصوصا لجهة القذائف المدفعية على ما اعلن الجنرالـ «فوتبل» خلال احدى زيارته الى لبنان نهاية العام الماضي، كما ان الوفد اللبناني سيشدد امام الجانب اللبناني ان المؤسسة العسكرية تعمل تحت سقف البيان الوزاري والسلطة السياسية وبالتالي فهي ملتزمة بالقرارات الدولية وتطبيقها بالتعاون والتنسيق مع قوات اليونيفيل الصديقة، كما ان الجيش اللبناني لا ينسق مع اي جهة عسكرية داخلية او خارجية في مناطق انتشاره وعملياته العسكرية وهو غير معني بأي خطط عسكرية لاي طرف كان.
مصادر مواكبة للزيارة اكدت ان الجانب الاميركي يدرك جيدا المعطيات اللبنانية الداخلية والتركيبة الحساسة للمؤسسة العسكرية اللبنانية ،وهو يراعي بالتاكيد تلك العوامل، وان القيادة الاميركية مسرورة من اداء الجيش قيادة وافرادا، وهي تتابع عن كثب تطور القدرات القتالية اللبنانية، ومستعدة لتقديم كل مساعدة مطلوبة، منوهة بانه من المهم جدا للقيادة العسكرية اللبنانية ان تلتقي نظيرتها الاميركية، خصوصا ان ملف المنطقة ولبنان نقل من دائرة وزارة الخارجية ليلحق بوزارة الدفاع ومجلس الامن القومي.
بالتأكيد يعرف الاميركيون جيدا ان قائد الجيش الجديد القادم من عرسال الى اليرزة من المشهود لهم، وان اختياره جاء بمثابة الخيار الانسب في هذا الوقت الحساس، كما ان وجوده على رأس القيادة في فترة الشهر التي مرت شكل نقلة نوعية على صعيد القيادة في ظل التغييرات والتشكيلات الجارية «على السكت» والذي سمع الكثيرون منه انها ستكون وفقا لمعايير محددة تضبطها القوانين والكفاءة بعيدا عن الحسابات السياسية والكيدية.