IMLebanon

المواجهات العسكريّة بين حزب الله والعدو لا تزال ضمن “قواعد الاشتباك” رغم توسّع الاعتداءات… ولكن!! 

 

 

جاءت دعوة وزير الأمن القومي “الإسرائيلي” اليميني المتطرّف إيتمار بن غفير ووزير الدفاع يوآف غالانت الى الردّ والهجوم وإعلان الحرب على لبنان، بعد سقوط أكثر من 100 صاروخ على “إسرائيل” يوم الثلاثاء الماضي، لتثير القلق في نفوس اللبنانيين، لا سيما مع التحليق المستمر لطيران العدو في الأجواء اللبنانية، والقصف الذي استهدف أخيراً البقاع وبعلبك. غير أنّ مصادر سياسية مطلعة طمأنت الى أنّ ما يجري بين حزب الله و “الإسرائيليين”، رغم خطورته وإصابته المدنيين الأبرياء، لا يزال ضمن “قواعد الإشتباك” غير المُعلنة والمعتمدة بين الطرفين، رغم كلّ التهديدات التي يسوقها العدو الإسرائيلي عن شنّ حرب مدمّرة على لبنان.

 

فكلّ ما يقوم به “الإسرائيلي، على ما أضافت المصادر، لا يزال في إطار الردّ على عملية ما يُنفّذها حزب الله ضدّه، ما يعني أنّه حتى الآن لا يزال ضمن قاعدة “تقصفون نقصف، توسّعون نوسّع”… وكان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله قد قال صراحة للعدو الإسرائيلي “تريد توسيع الحرب، نوسّع”… وفي حال حصل توسيع الحرب، عندئذٍ فقط تُكسر الضوابط جميعها. ولكن حتى الآن، لا يزال الطرفان يتواجهان عسكرياً وفق الضوابط الموضوعة، وما يُسمّى ضمناً بـ “قواعد الاشتباك”. من هنا، نجد أنّ العدو يُعلن أنّه جاهز للحرب، والمقاومة تُعلن عن جهوزيتها للردّ. وهذا يعني أنّ “الإسرائيلي” هو الذي سيفرض الحرب في حال اتخذ مثل هذا القرار، الذي تُحذّره منه واشنطن لكيلا تمتدّ شظاياها الى المنطقة ككلّ، الأمر الذي سيجعله بالتالي يُحاسب دولياً على فعلته هذه.

 

وما يُحاول “الإسرائيلي” القيام به من إغتيالات لرجال المقاومة أينما كانوا، هي سياسة عسكرية، على ما أكّدت المصادر نفسها، لا علاقة لها بتوسيع الحرب. وأشارت الى أنّ هناك سيناريوهين لا ثالث لهما يمكن أن يجعل الأمور تنزلق الى مواجهة شاملة هما:

 

1- أن يقوم “الإسرائيلي” بردّ أو باستهداف مباشر وموسّع لحزب الله في مراكزه العسكرية، ما يستدعي ردّ الحزب على مثل هذا الاعتداء. وإذا جاء ردّ العدو أوسع على الردّ، يُمكن الذهاب عندئذٍ الى فكرة توسّع الحرب.

 

2- أن يقوم “الإسرائيلي” باستهداف مراكز حزب الله، لا سيما في الضاحية الجنوبية، ويرتكب المجازر الجسيمة. عندها لن يكون الأمر سهلاً على الحزب، وسيقوم بردّ قاسٍ مماثل، ما يجعل الأمور تنزلق وتتوسّع الى حرب شاملة.

 

غير أنّ المصادر شدّدت على أنّ “الإسرائيلي” لا يزال يضبط الأمور، ويتجنّب الذهاب الى أي من هذين السيناريوهين، لأنّه يعلم أنّه إذا اعتمد أحدهما فإنّه يُعلن بذلك الحرب على لبنان، التي يقول للأميركي بأنّه لا يريدها، كما أنّه سيتحمّل بالطبع تبعات توسيعها لتشمل كلّ لبنان. ولكن عملياً، لن تنزلق الأمور الى حرب موسّعة حتى اللحظة، إذ لا مؤشّرات لذلك. وما نشهده اليوم هو أنّ العدو يقوم بتوسيع رقعة اعتداءاته فقط، على ما فعل أخيراً، لتشمل البقاع وبعلبك، لكن من دون إعلان الحرب الموسّعة على لبنان، لأنّه لا يريد فعلياً الذهاب الى حرب شاملة لن تصبّ لمصلحته، كما أنّ لبنان لا يريد الحرب، على ما يُعلن مراراً وتكراراً على لسان المسؤولين السياسيين فيه.

 

فهذا هو المؤشّر الذي يمنع الحرب، وفق المصادر، رغم كلّ التهديدات التي تصدر على لسان بعض المسؤولين “الإسرائيليين”. غير أنّ الأميركي أعلم الوسطاء الغربيين الذين يُحذّرون من أي سيناريو قد يقود الى إعلان حرب شاملة على لبنان، لأنّها ستصيب دول عديدة في المنطقة، ولن تسلم منها الدول الأوروبية، بأنّ مثل هذا الكلام لا يُعبّر عن حقيقة ما يريده “الإسرائيلي” اليوم. ولكن لا أحد يثق بكلام “الإسرائيلي” لأنّ ما يقوله غير ما يُضمره، كما أنّه يتخذ القرارات بمفرده، من دون أي حساب للموقف الأميركي. علماً بأنّ هذا الأخير لو أراد فعلاً وقف الحرب في غزّة أو في لبنان، لأمكنه فعل ذلك من خلال إتصال واحد.

 

وبرأي المصادر، إنّ صمود المقاومة أكان في غزّة أو في جنوب لبنان لنحو 6 أشهر من تاريخ بدء الحرب، يحصل للمرة الأولى في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي، من دون أن يتمكّن هذا الأخير من تحقيق أي إنجاز، أو أي من أهدافه. ويبدو أنّ العكس هو ما يحصل، فالعدو الذي بدأ الحرب إثر عملية طوفان الأقصى التي بدأت وانتهت في 7 تشرين الأول الفائت، بهدف القضاء على حركة حماس، لا يستطيع اليوم أن يُنهيها، بل عاد ليُفاوض حماس من أجل هدنة مؤقّتة أو دائمة، ومن أجل صفقة تبادل الرهائن والأسرى. كذلك فإنّ حماس تُفاوض اليوم من باب القوّة والحفاظ على الحقوق واستردادها، وليس من باب الضعف والشروط، رغم كلّ الدمار الذي ألحقه “الإسرائيلي” بقطاع غزّة، وما ارتكبه من مجازر أدّت الى استشهاد أكثر من 31 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 73 ألف، وفقدان أكثر من 7500. فعلى الصعيد العسكري لم يتمكّن “الإسرائيلي” من تحقيق أي شيء، باستثناء تحرير أسيرين، وهو ما يُسجّل انتصاراً للمقاومة.

 

أمّا الربط بين جبهة غزّة وجبهة جنوب لبنان، على ما ختمت المصادر، فيبدو حتمياً وإن كان “الإسرائيلي” والأميركي يتحدّثان عن عكس ذلك. فحرب غزّة تؤثّر اليوم بكلّ المنطقة، وفي حال استمرّت ستبقى تداعياتها على لبنان والمنطقة ككلّ. ولدى حزب الله موقف مبدئي بمساندة حرب غزّة، انطلاقاً من أنّ لا شيء يضمن  ألّا يستمرّ “الإسرائيلي” في قتل المدنيين من فلسطينيي غزّة، كما مواصلة اعتداءاته على الجنوبيين في لبنان حتى ولو توقّفت الحرب، إذ لا أحد يثق بـ “الإسرائيلي” حتى لو عقد تسوية أو اتفاقا ما.