IMLebanon

المؤسسة العسكرية تواجه أزمات حادة من البلاغ رقم ١ الى القتال في الزواريب

المؤسسة العسكرية تواجه أزمات حادة من البلاغ رقم ١ الى القتال في الزواريب

انتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية يعيد اللحمة الى الجيش

وفرنجيه يساهم في اعادة التوازن بين لبنان وسوريا

قصة الجيش في لبنان، مع الاحداث، قصة كبيرة لما راودته من مخاطر، وهددته من انقسامات، وما أحاطت به من أخطار التجزئة،

الا ان انتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية أعاد اللحمة اليه.

ولعل أزمة خطف العسكريين واستشهادهم على يد العناصر التكفيرية من منظمة داعش وحركة النصرة، جزءاً لا يقل عن ازمة دفع الرواتب، في الاسبوع الأخير من الحقبة، وقد تكررت في السابق، مما دفع الجيش الى فرض حقوقه، بالطريقة المناسبة، وكأنها انقلاب من دون انقلاب.

الا ان الجيش ظل متماسكاً، قوياً، صلباً، غير هياب، وإن كانت تجربة صموده تعكس نصاعة وجهه على دروب الشهامة، من الفياضية الى واشنطن.

صحيح انه مر في تجربة البلاغ رقم ١ الا ان التفاف الضباط والعسكريين حول اللواء انطوان بركات، بدد احلام الموتورين، في آخر ولاية الرئيس سليمان فرنجيه في العام ١٩٧٦.

ويروي اللواء انطوان بركات قصة انتفاضة الجيش يومئذٍ، لانقاذ الجمهورية من الاهتزاز والانهيار وهذا ما نجح الزميل حسان الخوري في تقديم رواية متكاملة عن قصة تتكرر لكن في ظروف لا تتكامل عناصرها بسهولة.

واللواء بركات قاد انتفاضة ذاتية، عندما رأى الجيش يتهاوى على يد اغرار، فصنع من الضباط الاحرار ابطالا وقادة وحدوا مؤسسة كانت ولا تزال مدرسة في الانضباط، وعلماً من اعلام السيادة في وطن حاول الاغراب تدميره، وعمل تجار الولاء الزائف على محاولة حرفه عن اصالته.

واللواء بركات يشهد له التاريخ، كيف عمل بشهامة القائد، وبسالة العسكري، على المصالحة والمصافحة بين ضباط الشعبة الثانية ورجال المكتب الثاني، وضباط الاصالة والشهامة، بعد فوز الرئيس سليمان فرنجيه بالرئاسة الاولى في العام ١٩٧٠.

وظل في كل الفصول والامور ينأى بنفسه عن رئيس احبه، وصولاً الى اعلان انتفاضة الفياضية في وجه ضباط الجيش السوري الذي حاول الهيمنة على البلد، لكن الضابط الزغرتاوي ظل على دروب الشهامة، مشدوداً الى رئيسين اعطتهما زغرتا للبنان، واحد اكمل ولايته، على الرغم من المؤامرات، وثانٍ استشهد بعد سبعة عشر يوماً على انتخابه.

الا ان الوزير الراحل طوني فرنجيه مثل دوراً أساسياً في صناعة الارث الوطني الذي حافظ عليه اللواء بركات.

البداية كانت طويلة، الا ان الولاء بركات جعلها قصيرة، قياساً الى انجازاته الموضوعية والاخلاص.

ضاق ذرعاً بمداخلات الغرباء، وانتفض بسرعة على تصرفات الاقرباء في الوطن الواحد. وبين المعارضة للمداخلات الغريبة، والمونة من تصرفات الاقرباء، حدثت روايات ناصعة، وأحكام قاتمة. ويقول بركات انه في ١٥ تشرين الثاني ١٩٧٤، حمل الرئيس الراحل سليمان فرنجيه الملف الفلسطيني الى الامم المتحدة، بتكليف من مؤتمر القمة العربية في الرباط، وتكلم باسم العرب شارحاً القضية الفلسطينية امام العالم. وقد تألف الوفد اللبناني المرافق من رئيسي الجمهورية السابقين كميل شمعون وشارل حلو، ورئيس المجلس النيابي السابق صبري حماده، ورؤساء الوزراء السابقين عبدالله اليافي ورشيد كرامي وصائب سلام ومن السادة: وزير الخارجية فيليب تقلا ومدير عام القصر الجمهوري الدكتور بطرس ديب، والعقيد انطوان الدحداح مدير عام الامن العام، ورامز الخازن مدير عام وزارة الاعلام على رأس وفد اعلامي كبير، والسفراء ادوار غزة، ونجاتي قباني، ونديم دمشقية، وسهيل شماس، وخليل حداد، بالاضافة الى عدد من المرافقين الآخرين من شخصيات.

في نيويورك كلف الرئيس فرنجيه سلفه الرئيس شارل حلو ان يجمع الرؤساء في جناحه وفي مقدمتهم الرئيسان كميل شمعون ورشيد كرامي، ويوم الاحد دعاهم الى الغداء في القنصلية اللبنانية، وعندما حضر الرئيس كرامي دخل القاعة ورفع يديه بالسلام عليهم، وجلس بين الحضور، فانتشرت في بيروت اخبار مصالحة بين شمعون وكرامي، لكنها بقيت أملاً يراود الجميع.

ثم عرف الرئيس فرنجيه ان اميركا احضرت الكلاب البوليسية لتفتيش حقائب الرؤساء، لأن وشاية زعمت ان في حقائب الرئيس صبري حماده كمية من حشيشة الكيف، ثم تبين لاحقاً أنها كذبة.

بعد مدة ذهبت الفَكرة الداخلية، وحلت مكانها السَكرة الخارجية، عن ان قمة عرمون عقدت اجتماعا اسلاميا، في بداية مزاعم عن وجود اسلحة كلف الجيش بمساندة المسيحيين ضد المسلمين، ونجم عن ذلك معارضة عنيفة من الرئيس رشيد كرامي والاستاذ كمال جنبلاط، وسط مطالبة للتحقيق مع قائد الجيش.

ويروي اللواء بركات القصة بالوقائع الآتية: لقد تحدث وزير الداخلية الرئيس كميل شمعون عن انزال اسلحة في صيدا وطرابلس، قائلاً: لنفترض ان على متن الباخرة سلاحاً، فهل هو اول سلاح يأتي؟ في صيدا أنزلت ثلاث مرات شحنات اسلحة، كذلك في طرابلس… لماذا نرى هذه ولا نرى تلك؟… واضاف: تعطى للجيش اوامر من وزارة الداخلية فتتبعها اوامر مضادة من وزارة الدفاع. يعطى امر من وزارة الداخلية بأن يؤمّن طريق المطار، وبعد يومين يأتي امر معاكس من وزير الدفاع. قبل ان نلوم الجيش علينا ان نلوم انفسنا.

أما حزب الكتائب فاصدر بيانا اعلن فيه انه مع وقف تدفق السلاح على لبنان، وتساءل عن الموقف الدولي من عملية التسليح لدى الطرف الآخر، وطلب الرئيس كرامي ببسط نفوذ الدولة على كل المناطق اللبنانية، وأكد ضرورة قيام الجيش بواجبه لأن غيابه تسبب في الكثير من المضاعفات والنكبات الحالية.

أدلى الفلسطينيون بدلوهم، فجاء في بيان صدر عن اجتماع ضم عددا من قادة المقاومة وممثلي الاحزاب والقوى الوطنية والتقدمية، ووزعته وكالة وفا الفلسطينية في ٩ كانون الأول ١٩٧٥ إن الشعبة الثانية في الجيش هي الفريق الثالث.. وهي كانت وراء ازمة صيدا واغتيال معروف سعد… وتسليح جبهة حراس الارز وتدريبها… وتسهيل عمليات تهريب الاسلحة لبعض القوى الانعزالية الضالعة في المؤامرة عن طريق الشواطئ اللبنانية….

ويتابع اللواء بركات روايته:

كان مصير الوطن على المحك، وتنامى في داخلي احساس قوي بأن تطور الاحداث لن يكون في مصلحتنا، وزاد من قلقي وهواجسي ما سمعته من السفير الاميركي جورج غودلي خلال حفل عشاء اقامه النائب انطوان الهراوي في بلدة نيحا البقاعية حيث قال لي، وكان قد أفرط قليلاً في الشراب: انتم المسيحيون انتهيتم. الغلبة للآخرين.

لمزيد من التوضيح عقّبت على كلام السفير غودلي بالقول: أنتم مخطئون بحق قوم طحن الصخور، قهر الطبيعة القاسية، وحافظ على ايمانه وحريته، واني اقترح عليك مقابلة فخامة رئيس الجمهورية حيث ترى بأم العين صخرة من صخور لبنان الذي حدثتك عنها. على كل، سوف اطلع الرئيس على ما دار بيننا. فرد قائلا: انك اللبناني الوحيد الذي تحدث معي بهذا الشكل. صباح اليوم التالي نقلت للرئيس فرنجيه ما دار من حديث مع السفير فعقّب مبتسماً: هل تنقل اليّ حديث سكرانين، فأجبته: لا يا فخامة الرئيس، كنت مع سكرانين.

قلت هذا الكلام للسفير غودلي لمعرفتي الاكيدة بأن الرئيس فرنجية الذي يتمتع بأعلى درجات العنفوان والكرامة والشهامة، يضع مصلحة لبنان فوق كل الاعتبارات، وقد أثبتت التطورات لاحقاً صحة ما قلته.

فتحت هذه المعركة، أبواب الصراع الداخلي على مصراعيه. وأصبحت ثكنة شكري غانم عرضة لهجوم شاسع.

ويقول اللواء بركات انها المرة الأولى في حياته التي ابتعد فيها عن المواجهة في الساعات الحرجة.

وفي احدى لحظات ابتعادي، لاحت أمام عيني أوسمة الحرب الثلاثة التي نلتها في السنوات ١٩٥٨، ١٩٦٢، ١٩٧٣، وفي كل منها كان لبنان في خطر.

ويتابع: وتذكرت بصورة خاصة يوم ١٤ حزيران ١٩٥٨، حين كنت ملازماً أولاً، وواجهت امتحاناً صعباً من الأبنية المجاورة التي أفاضت على عناصري بالنيران، كما تذكرت انهيار الأسلحة الفلسطينية، على الضباط اللبنانيين، واتساع المجازر وحمامات الدم على اللبنانيين عموماً وعلى المسيحيين خصوصاً.

ويواصل اللواء بركات روايته:

قلت لسائقي: عد بي الى الثكنة.

لم يكن الأمر يحتمل التأجيل.. في السابق كنت أتروّى في القيام بأي حركة خوفاً من أن تؤدي الى الانقسام في الجيش، وبالتالي في البلاد كما حدث في قبرص نتيجة الحركة التي قام بها العسكريون. أما الآن فالسرعة في التحرّك كانت السبيل الوحيد لانقاذ الثكنة، لأن سكان قضاء بعبدا بدأوا يتخوّفون من سقوطها بيد الانقلابيين أو جيش لبنان العربي، واستخدام ما فيها من المعدّات ضدّهم كما حدث في باقي المناطق اللبنانية.

ولم تكن مهاجمة الثكنة السبب المباشر الذي جعلني أسرع في القيام بحركتي. البلاد في خطر، الجيش بدأ يتفتّت.. المصير قاتم ومجهول.. وخيوط المؤامرة بدأت تتشابك في الداخل.. لقد دقّت الساعة.. القيادة والضبّاط يتململون.. والمطلوب واحد: عمل عسكري حاسم، ينقذ البلاد والجيش معاً.

أمام ذلك الواقع كنت أرى الحل في القيام بخطوة أولى باعلان ثكنة القياضية مركزاً يلتحق به جميع الجنود المسيحيين الهاربين من الثكنات التي يسيطر عليها أحمد الخطيب وأتباعه.

وفي تلك الأثناء كانت الثكنات تتساقط الواحدة تلو الأخرى بسهولة بسبب تواطؤ ضباط وعسكريين من الرتب كلها. انحرفوا عن الانضباطية العسكرية، والخط الوطني، إما بدافع من العاطفة الدينية، وإما بدافع من الرشوة، أو الخوف.

أبلغت قائد الجيش العماد حنا سعيد بقناعاتي ومشاعري عندما استدعاني الى منزله ليسألني عن الوضع وتطوراته فقلت له: من المحتمل أن يطلق العسكريون المتمركزون قرب وزارة الدفاع النار عليكم، لا على أحمد الخطيب، مون جنرال أنت المطلوب وليس الخطيب. أما بالنسبة اليّ فاني مستعد لكل احتمال. لقد قمت بما يجب عليّ عمله سواء في ما يتعلق بكتيبتي أو بالثكنة.

كان الوضع يشتدّ تأزماً فيما الثكنات تحرق وتنهب.. والمجازر تقع بين الجنود.. وفارّون، وآخرون يستسلمون أو يتمرّدون.. على الرغم من ذلك لم تحرّك القيادة ساكناً ولم يحصل العمل العسكري المنتظر، حتى كان الحادي عشر من آذار ١٩٧٦ عندما فوجئ المواطنون في الساعة الثامنة والنصف مساء بالعميد الأول عزيز الأحدب يتصدّر بكامل لباسه وأوسمته العسكرية شاشة التلفزيون، ويقرأ البلاغ الرقم واحد الذي يدعو فيه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى الاستقالة، ويعلن حالة الطوارئ في البلاد، ويعيّن نفسه حاكماً عسكرياً مؤقتاً حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. غدا اهتمامي الوحيد انقاذ الشرعية، والدفاع عن الوطن والكيان، والقيام بواجبي العسكري والوطني. وأدركت ان ساعة الصفر قد اقتربت.

إن المخطط الذي كنت قد رسمته في ذهني بات تنفيذه واجباً وسريعاً، وهذه هي خطوطه العريضة:

أعدت ترتيب الأوضاع في الثكنة بشكل يعزّز سيطرتنا عليها. كنت متحسّباً لمثل تلك النوايا والمحاولات بحيث لم أكتف بحصر عناصري وآلياتي داخل الثكنة، بل وزّعت بعض الحضائر المدرّعة في الخارج وتحديداً في محلة الجمهور – الشيفروليه – طريق القصر – اللويزة – لضمان تحرّكي في حال حدوث أي محاولة مماثلة. ومن جملة الاجراءات التي كنت قد اتخذتها وضع خمس مدرعات بكامل أسلحتها وذخيرتها داخل الثكنة في حالة تأهب بصورة دائمة، فيما كانت تبدو أنها معطّلة.

تبيّن في ما بعد من عدة مصادر أن هدف أولئك الضباط لم يكن الاستيلاء على الثكنة وحسب، بل القيام بعمليات أخرى.

دخلت على أولئك الضباط حيث كانوا، وأنّبتهم وحذرتهم، وسرت بهم الى مكتبي الواقع في مبنى آخر… لم يكن مرورهم بين العسكريين سهلاً بسبب ما أظهره هؤلاء تجاههم من عداء استنكاراً لموقفهم، ما زادني قناعة بصواب تفكيري. كنا محقّىن، ولدينا القوة الكافية.

كنّا ما نزال في الثكنة عندما بدأ اليوم الثاني عشر من آذار ١٩٧٦ المثقل بالمتاعب هو الآخر. فبعد تسوية الوضع في الثكنة، وما كدت أصحو بعد ساعتين تقريباً حتى جاءني مساعدي الرائد خضر برجاوي ليقول لي: إن الرائد فايز كلاكش أيقظني وطلب منّي أن يسمح للعناصر المسلمين بترك مواقع الثكنة كلها، مضيفاً انه لولا استدراكك للأمور في هذا الليل لكان هناك بحر دم في الثكنة.

كان الرائد كلاكش ضابط اشارة المنطقة، ويحضر اجتماعات المنطقة ويسمع حديثي. الوضع كان يستدعي السرعة في اتخاذ قرار نهائي، فذهبت مع الرائدين كلاكش وبرجاوي للبحث في الأمر مع العميد توفيق جلبوط الذي اتصل فوراً بقائد الجيش العماد سعيد، وشرح له خطورة الأمر، فتم التوافق على السماح للجنود المسلمين بأن يغادروا الثكنة.

بدأنا سريعاً بتنفيذ عملية إخلاء أولئك الجنود، فوضعنا بتصرفهم الشاحنات اللازمة التي صعدوا اليها مع أسلحتهم، ولم نقبل بأن يذهبوا عزّلاً حتى لا يساء تفسير خروجهم من الثكنة. وانطلقت الشاحنات تسبقها سيارتان تابعتان للأحزاب اللبنانية كي لا يعترض طريقها أحد، فتتمكن من اجتياز المناطق المسيحية بسلام.

ويقول اللواء بركات في كتابه ان الوداع كان مؤثراً، فقد بكى الجميع لأن الروح العسكرية كانت ما تزال تصارع الموت.. ورفاق السلاح ما برحوا يغالبون التفرقة. كانت تلك اللحظات صعبة جداً.. ولكن ما كتب كان قد كتب. لم أصعد الى مكتبي إلاّ بعد ما تأكدت من التدابير المتخذة لتأمين وصول جنودنا المبعدين الى مناطقهم سالمين، اذ كان يعزّ عليّ كثيراً ان أرى أي جندي، مهما كانت طائفته ومنطقته يسقط صريعاً بيد من كان يحميهم، ويضحّي براحته وسعادته وحتى بحياته في سبيلهم.

غمرني شعور بارتياح ممزوج بطعم المرارة، لقد أنقذت من أنقذت من عناصرنا، لكن البناء آخذ بالانهيار بعدما صرفنا السنوات في رفع مداميكه.

وفيما رحت أشعر ببعض الطمأنينة، انتابني القلق عندما دخل عليّ من أخبرني بأن الشاحنات بمن فيها عادت الى الثكنة بأمر من رئيس الشعبة الثانية العفيد جول بستاني، ونفّذه الرائد فايز حرب، ضابط مخابرات جبل لبنان.

… عند الظهر قصدت القصر الجمهوري في بعبدا حيث اجتمعت الى بعض المسؤولين والمقرّبين، ودار الحديث حول الوضع الخطر في البلاد. كانت ثمة قناعة عامة بضرورة القيام بعمل ما يضع حدّاً لتدهور حالة الجيش. لم أكشف أوراقي كلها أمامهم، إذ سبق لي أن تداولت الأمر مع الرئيس فرنجيه، وعرضت عليه خطة متكاملة لما سيتم القيام به في الوقت المناسب في حال تلكؤ قيادة الجيش أو تخاذلها، وحصلت على موافقته ومباركته.

كنت متيقناً ان الوقت لم يعد يسمح بالتأخير والتريث، فالقيادة لم تعد قادرة على عمل أي شيء إلاّ إصدار البيانات السياسية التي ظلّت حبراً على ورق، لبعدها كل البعد عن الواقع والعمل العسكري.

بدأت فكرة القيام بحركة انقاذ تتفاعل في داخلي، ويشتدّ إلحاحها عليّ بحيث تحوّلت الى هاجس يومي.

قبل ظهر السبت في ١٣ آذار ١٩٧٦ ذهبت الى وزارة الدفاع الوطني، والتقيت في قاعة اجتماعات قائد الجيش، بالكثير من الضباط، ومنهم العميد سيمون سعيد الذي انفردت به بحضور العقيد ميشال سالم، وحاولت اقناعه بتبنّي حركة انقاذ ومساندة للشرعية، وذلك لأنه ماروني أولاً، ومعتدل ثانياً بالنسبة الى تعامله مع الفلسطينيين.