Site icon IMLebanon

القيادة العسكرية عطّلت أكثر من لغم سياسي وتُحركها مصلحة لبنان حصراً

    التوغُّل في سجال «التنسيق مع سوريا» أفرز معسكري الإنكار والإشهار

    «السجال حول العلاقة مع سوريا يبقى مسموحاً به شرط الابتعاد به عن الحرب التي يخوضها الجيش ضد داعش»

يتحرك الجيش اللبناني بتؤدة في حقل من ألغام سياسية تنصبه بإطراد قوى حزبية متصارعة بين بعضها، تبحث كل من وجهة نظر مختلفة ومتضادة عن استثمار الحرب في جرود رأس بعلبك والقاع.

تدرك قيادة الجيش تمام الإدراك هذا الواقع المأزوم، وهي الى اليوم نجحت في تعطيل أكثر من لغم سياسي، بفعل وضوح الرؤية وفاعلية الإستراتيجية التي وضعتها لتحييدها عن ملابسات الصراع الذي يحكم أهل السياسة ومنع تدخلهم في القرارات التي تخصّها والتي تراها تدعّم أمن لبنان واستقراره وتقيه ما يحيط به من إرهاب.

ما ساعد هذه القيادة في مسعاها هذا، التغطية السياسية التي حظيت بها من رئاسة الجمهورية والتي جعلتها بحلّ من أي اعتبارات أخرى ما خلا المصلحة العامة، وهي تغطية تكاد تكون استثنائية في زمن الجمهورية الثانية، نظرا الى عوامل عدة، في مقدمها الثقة التي محضتها الرئاسة للقيادة العسكرية والشجاعة والحرفية والحكمة التي ميزتها منذ تعيين العماد جوزاف عون والرغبة القاطعة في أن تكون المؤسسة في خدمة لبنان لا العكس.

تُعتبر مسألة العلاقة مع سوريا أبرز التحديات الراهنة التي تتعامل معها بفاعلية القيادة العسكرية.

ويرى مراقبون سياسيون أن هذه المسألة هي جزء من الصراع الإقليمي الحاصل في لبنان، بين محورين:

أ- واحد متوجس من مجرّد ذكر كلمة تنسيق، وبلغ توجسّه هذا حد الإنكار، مشيحاً الوجه عن جملة من حقائق التنسيق هذا، سياسيا وديبلوماسيا وعسكريا وأمنيا وزراعيا وإقتصاديا.

ب – وثانٍ يدفع دفعا لإشهار هذا التنسيق – إن ومتى وُجد – ويأتي في هذا الكلام الصريح للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي استُتبع بجملة من الردود رأت فيه «إبتزازا يصيب لبنان وأهل العسكريين المخطوفين»، و«ترجمة للهجوم السوري المضاد لاكتساح» لبنان.

ويشير هؤلاء الى أن هذا التوغّل في السجال حول العلاقة مع سوريا، بكل إلتباساتها وربما إيجابياتها، يبقى في الإطار المتاح والمسموح به، شرط الابتعاد به عن الحرب التي يخوضها الجيش ضد تنظيم «داعش»، من منطلق مروحة من الحسابات والإعتبارات، في مقدمها مصلحة المؤسسة العسكرية التي سبقت أن حددت موقفا قاطعا من هذا الأمر، بنفيها وجود أي تنسيق مباشر او غير مباشر مع سوريا في هذه الحرب.

ويرى المراقبون ان هذا الموقف يتّصل حكماً بمصلحة المؤسسة العسكرية ولا ارتباط له بأي من الحسابات السياسية للقوى الحزبية، بمعنى أن الموقف بُني ربطاً بما تراه القيادة مناسبا للجيش، ولا دخل له بالسجال الحاصل والمستمرّ على خلفية علاقة هذه القوى بالنظام السوري.

ويحضر في ذهن المراقبين، في هذا السياق، العيون الأميركية والأوروبية التي تراقب عن كثب المعركة ضد داعش.

وسبق لقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل أن أشاد بالجيش اللبناني، معتبراً أنه «من بين أكثر الشركاء قيمة وقدرة» في الشرق الأوسط. وصرّح أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الأميركي، في 15 آذار الفائت، أن لبنان «شريك أساسي في جهودنا لمكافحة التطرف العنيف»، واصفاً الجيش اللبناني بـ«العائد الكبير على الاستثمار». وأيّد زيادة الدعم الأميركي إلى القوات المسلحة اللبنانية، مشيرا إلى أن الجيش اللبناني القوي «يمثّل ثقلاً موازناً للذراع العسكرية لـ«حزب الله»، وموضحاً أنه في حين كان الحزب يحارب في سوريا «اكتسب الجيش اللبناني مصداقية متزايدة» في لبنان.

ولا تزال الإدارة الأميركية تعتبر – حتى إشعار آخر - ان المعونة المقدّمة الى الجيش اللبناني، تساعده على حماية لبنان بشكل أفضل ضد التهديد الإرهابي، وأن لواشنطن مصلحة في منع تدهور الوضع في دولة أخرى في الشرق الأوسط، لا سيما تلك التي تجمعها حدود مشتركة مع إسرائيل.

وترى الإدارة الأميركية أن من شأن إنهاء برنامج الدعم أن تنظر اليه طهران على أنه مؤشر واضح على أن واشنطن تتخلى عن مصالحها وحلفائها في لبنان، وهو أمر لن يكون جائزا أو مقبولا.