Site icon IMLebanon

العقل ينتصر

قال الإمام الشافعي «ما جادلت عالماً إلاّ وغلبته وما جادلت جاهلاً إلاّ وغلبني»…

هذا القول ينطبق على الدكتور سمير جعجع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الذي يؤكد يوماً بعد يوم رجاحة عقله.

لم تغره المناصب ولا المكاسب ولا حتى الرئاسة فقد تخلى عن كرسي الرئاسة من أجل إنقاذ الوطن، ولم يكن في مقدور أي لبناني يملك الحد الأدنى من الوطنية أن يقبل بأن يبقى كرسي الرئاسة شاغراً لمدة تزيد عن السنتين ونصف السنة لأنّ الحزب العظيم يمسك الوطن بسلاحه فاقد الشرعية ويريد أن يفرض على الوطن من يشاء وما يشاء.

على كل حال، ما حصل حصل، وبدون أن نعود لنبش الماضي والقول إنّ الحزب العظيم رشح الجنرال عون ليس لأنه يريد وصوله للرئاسة، إنما لأنه كان يعتقد مسبقاً انهم لن يوافقوا عليه.

ما قاله أمس الدكتور سمير جعجع عن موضوع الوزارة، هذه وزارة سيادية وهذه وزارة أساسية (…) وغيرها من التسميات، المهم أن نكون داخل الحكومة لنمنع حصول صفقات وتجاوزات كما فعلنا في موضوع الكهرباء فلم نسمح بارتكاب المخالفات والصفقات.

منذ أكثر من سنتين كنا الى مائدة عشاء أقامه رجل أعمال، وصودف وجود السيدة ستريدا جعجع والسيدة جوليا بطرس، قالت السيدة جوليا للسيدة ستريدا: بتعرفي يا ست ستريدا أنّ كل اللبنانيين معجبون بوزراء «القوات» ومجمعون على حسن الاختيار ونظافة الكف والكفاءة العالية والأخلاق الحسنة، وزادت: ان اختيار وزراء «التيار الوطني الحر» لم يكن موفقاً وأنّ الوزير جبران باسيل أراد أن يغيّرهم ولكنه أخفق في ذلك.

على كل حال، هذا اعتراف واضح وصريح من أقرب المقربين الى «التيار الوطني الحر» في موقفه من تشكيل الحكومة.

لقد أثبت د. جعجع أنه رجل دولة من الطراز الأول، وأنه رجل التضحيات، وكل يوم يمر يتبيّـن أنّ د. جعجع سيكون رجل المستقبل خصوصاً أنّ تجربة الرئيس ميشال عون لم تكن موفقة.

أما الذين يراهنون على الصهر العظيم وعلى أنّ مستقبله أمامه، فلهؤلاء نقول إنكم ستصابون بخيبة أمل لأنّ الجشعين الى الحكم لن يكتب لهم الوصول… ويظهر يوماً بعد يوم مدى الجشع عندهم وأنهم مستعدون لحرق البلد من أجل منصب وزاري أو أي موقع مماثل…

والمصيبة الكبرى أنّ الكثيرين الذين كانوا يراهنون على «التيار» أصيبوا بخيبة أمل، إذ تبيّن لهم أنّ ليس له من هدف سوى الكرسي و»فوائده».

بهذه المناسبة، لو عدنا الى تاريخ تأليف الحكومات منذ دخول الوزير جبران باسيل الى يومنا هذا، لرأينا أنّ أوّل حكومة تأخر تأليفها نحو سنة لأنّ الوزير جبران يريد وزارة الاتصالات.

في الوزارة الثانية أمر مشابه لأنّ الوزير جبران الذي رسب في الانتخابات النيابية مرتين يريد مكافأة على رسوبه ورفض ما قررته القاعدة الشعبية برفض انتخابه، ويتمسّك بوزارة الطاقة… ومن أجل ذلك تأخر تشكيل الوزارة نحو عشرة أشهر.

وفي المرة الثالثة أيضاً وحيث أنه لم يستطع أن يحتفظ بوزارتين «عيّـن» مدير مكتبه سيزار ابي خليل وزيراً للطاقة عوضاً عنه، والحقيقة أنه لا يزال يحكم وزارة الطاقة من خلال مدير مكتبه السابق، وأصبح٠ وزيراً للخارجية… وهنا لا بد أن نتذكر بعضاً من الكبار من الذين تعاقبوا على الخارجية في لبنان أمثال الزعيم حميد فرنجية، يوسف سالم، شارل مالك، جان عبيد، فؤاد بطرس وإيلي سالم وسواهم… ومقارنة بين هؤلاء الكبار وبين الوزير جبران باسيل يتبيّـن لنا أين كنا وأين أصبحنا.

شكراً د. سمير جعجع لأنّ عقلك الراجح تغلب على طمعهم واستئثارهم بالكراسي… والأمثلة التي أعطيتها في كلمتك خير دليل على ترفعك عن المناصب لمصلحة الوطن، وهذا هو الفرق بين زعيم يعمل من أجل وطنه وزعيم يعمل من أجل مصلحته الشخصية.

عوني الكعكي