عجيب غريب كيف يتصرّف الإعلام الموجّه الذي لا يزال يعيش في القرون الوسطى والذي يرفع دائماً شعارات الديموقراطية والحرية ذات النتائج المحسومة سلفاً 99.99%.
المذابح التي تجري في حلب والتي تقودها الدولة العظمى الثانية في العالم، لا يتحدّثون عنها إلاّ من ادعاء محاربة الارهاب.
قتل وذبح الشيوخ والأطفال والنساء في سبيل محاربة الإرهاب.
تدمير سوريا بمدنها وقراها وريفها في سبيل محاربة الإرهاب.
تهجير نصف الشعب السوري بإسم محاربة الارهاب.
الميليشيات الشيعية كلها بما فيها ميليشيا «ابو الفضل العباس»، وميليشيا «حزب الله»، وميليشيا الحرس الثوري الايراني وسائر الميليشيات الآتية الى سوريا من العراق وأفغانستان وباكستان وسواها…
يسمح لها بالتدخل في سوريا لأنها تحارب الإرهاب.
أمّا ما يفعله الحوثيون الانقلابيون في اليمن الذين احتلوا العاصمة صنعاء وكادوا أن يحتلوا عدن لولا مبادرة الملك سلمان بن عبدالعزيز في إطار «عاصفة الحزم» فهذا مبرّر و… ديموقراطي.
صحيح أنّ ما يجري في اليمن تبكي له العيون والقلوب، ونتحسّر على هذا الشعب اليمني البريء الذي يستغلونه في سبيل تحقيق أهداف لا ناقة له فيها ولا جمل… وليس له فيها فعلاً أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة… سوى أنه تحوّل الى أداة في أيدي الانقلابيين وحلفائهم في إيران… من أجل تعميم ولاية الفقيه على بضعة بلدان عربية وفق قول السيّد علي خامنئي وكبار المسؤولين الايرانيين من أنهم يسيطرون على أربع عواصم في المنطقة العربية وهم يقصدون بها عواصم البلدان التالية: العراق وسوريا واليمن ولبنان…
وكأنّ الاميركيين والروس على تفاهم ضمني… فموسكو لا تقبل بقرار وقف إطلاق النار في سوريا… فهل المطلوب تدمير سوريا نهائياً من أجل الإبقاء على النظام؟
والأميركي يدّعي أنه سيعمل وسينفذ وسيضع حداً للمأساة… ثم يتبيّـن أنّ ذلك كله لا يتجاوز حدود الكلام… لا أكثر ولا أقل.
في أي حال، نحن ضد سفك الدماء في كل مكان من العالم، وضد سفك الدماء العربية تحديداً سواء أكانت في اليمن أم في سوريا أم في أي بلد عربي آخر… ولكننا لا نتفهم النظر بمنظارين والكيل بمكيالين أمام حال واحدة… فنحن بقدر ما ندين المجازر هنا ندينها هناك… إلاّ أننا نستغرب هذا التباكي على ما يجري في اليمن بينما يغضون الطرف عما يجري في حلب من مجازر يومية ودمار يومي بما يشبه الفناء.
عوني الكعكي