IMLebanon

الوزير المشنوق.. «الضمير المستتر»…؟!  

احتل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق موقع الصدارة في الاهتمامات والمتابعات السياسية والاعلامية، وهو الذي قاد بنجاح لافت، وكفاءة مميزة وجدارة أقر بها الجميع، الانتخابات البلدية والاختيارية، على مستوى لبنان كله، الأمر الذي حصل على اشادات دولية لم تكن في الحسبان.

قد لا تكون هناك مغالاة في القول، ان انجاز الانتخابات البلدية والاختيارية هذه، في موعدها القانوني، وعلى هذا القدر من الشفافية والكفاءة الادارية والجهوزية الميدانية والأمنية، ما كان ليحصل، لولا تمسك الوزير المشنوق بهذا الخيار ولم يتراجع عنه، وتجاوب الرئيس نبيه بري، الذي أصيب بداء التمديد مرتين لمجلس النواب، ولم يكن أمامه، سوى التسليم لوزير الداخلية و»البصم بالعشرة..». وقد ثبت بالملموس وبالوقائع، ان أجواء العام 2016، لم تكن أفضل حالاً من الأجواء التي استحضرت لتبرير التمديد النيابي..؟!

في طلته مساء الخميس الماضي، عبر «كلام الناس» قال المشنوق ما لم يكن يجرؤ أي أحد ان يقوله، وفي هذا التوقيت بالذات.. وهو بالتأكيد لم يكن يستهدف النيل من أحد، ولم يكن في وارد ان يستقطب شعبية، او يعزز خصومات معينة.. فالرجل يعرف نفسه، ويعرف كفاءته ومكانته ويعرف دوره، كما ويعرف بالضبط، أين تبدأ الخطوط الحمراء وأين تنتهي.. وهو على صراحته المعهودة، ولا ديبلوماسية (أي اللعب على الكلمات) التي يسلم بها، قال ما قاله، وهو يعرف ان ما سيقوله سيكون مادة في أيدي من لا ينظرون اليه نظرة ارتياح، موقعاً ودوراً، لاسيما وان الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، وتالياً «تيار المستقبل»، وعلى غير مستوى، تستدعي المصارحة على قاعدة: «صديقك من صدقك لا من صدّقك»، ولا تستدعي المواربة، وتستدعي قول الحقيقة لا أنصافها، وتستدعي الكف عن «اللف والدوران» في مقاربة العديد من المسائل والقضايا..

ليس من شك في ان «المستقبل» يحتضن من «التنوعات» ما يفوق الوصف، وهي تنوعات قد لا تكون موجودة، وعلى هذا القدر وهذا النحو، في أي حزب سياسي او تيار.. وبقدر ما يشكل ذلك عامل غنى، إلا أنه في الوقت عينه قد يكون من نوع «القنابل الموقوتة» والأسباب في ذلك عديدة، وليس المجال للبحث فيها، والذين يدورون في دائرة «المستقبل» او «الحريرية السياسية» يعرفوّن أكثر من غيرهم، نقاط القوة ونقاط الضعف.

صحيح ان الوزير المشنوق، ليس عضواً ملتزماً بـ»المستقبل»، إلا أنه ومن خلال مرافقته الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى مدى سنوات وما بعد ذلك، فإن الرجل يملك حيثيات معرفية لا تقدر بثمن.. وبعض ما قاله في «كلام الناس» جدير بأن يدون، وبالتفصيل، لأنه جزء من تاريخ لبنان الحديث الحقيقي غير المعروف، وقد ينتظر عشرات الأعوام من قبل ان يبصر النور..

قد يكون، في نظر البعض، من السابق لأوانه الكشف عن بعض الاسرار والمعطيات وصناعة القرار في الدوائر الضيقة جداً.. لكن في لحظة ما، فإن المشنوق كما وسائر اللبنانيين، باتوا على قناعة ما، بأن لا حظوظ لأي من المرشحين الأبرز لرئاسة الجمهورية (ميشال عون وسليمان فرنجية) في الوصول الى القصر الجمهوري والتربع فوق مقعد رئاسة الجمهورية.. وبالتالي فإن كشف بعض الوقائع قد يكون مفيداً في اعادة قراءة المعطيات من أجل التفتيش عن مخرج يتيح للبنان الخروج من دائرة الشغور الرئاسي التي طالت أكثر كثيراً مما كان يتوقع، وهو يدفع الأثمان في جميع الميادين، والمنطقة تعيش وضعاً غير مسبوق من الحروب الكونية..

الواضح، ان الوزير المشنوق يتمسك بمبدئيات لا يحيد عنها، من غير ان يقوده ذلك الى الانغلاق او الانعزال.. ففي السياسة، لا صداقات دائمة ولا عداوات وخصومات دائمة.. والخلطات التي اعتمدت في بعض المواقع لم تخدم لبنان، ولم تخد «المستقبل»، ولا سائر العاملين في السياسة، بل على العكس من ذلك.. وعلى ما تقول بعض التسريبات، فإن هذه المسألة ستكون موضع مراجعة وقراءة نقدية فور عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت.. وأياً ما خلصت اليه القراءات، فإن ما حصل شكل فرصة حيوية، لقراءة كل ما مضى، والتأسيس للمراحل الآتية..

ومع عودة الرئيس الحريري، وأهمية ما ستكون عليه القراءات النقدية وأهمية ما ستخلص اليه، وأيا ما كانت المداخلات، ومن أي جهة، فإن للحريري قراءاته ومواقفه التي لم يكتمها أمام كثيرين، وستكون الحجر الأساس الذي يبنى عليه، لاسيما ما يتعلق منها بمجريات مدينة طرابلس، وسائر الشمال والبقاع.. وذلك على الرغم من محاولة عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري غسل يديه من كلام الوزير المشنوق، قائلاً: «ان كلام وزير الداخلية الأخير لا يعبر عن رأي «المستقبل» بل هو تحليل شخصي؟! وهو (أي الحوري) وان أقر بوجوب «رأب الصدع واعادة ترتيب البيت المستقبلي ودراسة أرقام الانتخابات الأخيرة بشكل دقيق، لأنها رسالة واضحة من الناس الى السياسيين.» الأمر الذي استدعى «من المكتب الاعلامي، للوزير المشنوق رداً خلاصته: «صحيح اني لا أمثل «المستقبل» في ما قلته، لكن كلامي يمثل الضمير المستتر للمستقبل، وقد حان الوقت لقول الوقائع كما هي من دون مواربة..»

إن هذا «التبسيط» لما قاله الوزير المشنوق، لا يشكل الحد الأدنى من الموضوعية، وان جرى تطويقه اعلامياً على خريطة العديد من القوى السياسية في لبنان، حيث يدرك الجميع (مستفيداً كان او متضرراً) ان هذه الطلة ستطلق جرس انذار، وحاجة ضرورية للقوى السياسية كافة، وهي تتحضر، بطريقة او بأخرى لمرحلة لا بد آتية، بعد النجاح المميز الذي تحقق في الانتخابات البلدية..»