تقدمت صحة التلامذة على كل الحسابات التربوية والمالية في السيناريو الأخير لمصير العام الدراسي والامتحانات الرسمية، إذ أنهى وزير التربية طارق المجذوب السنة وألغى الشهادات، في قرار ذهب أبعد من توصية لجنة التربية النيابية بـ«التعليق ريثما تسمح الظروف الصحية بالعودة واستكمال الدراسة».
هذا السيناريو فرضته التطورات الصحية الأخيرة وانتظره الأهالي وبعض الأساتذة، وتمنّوا لو أن الساعات الطويلة التي صرفها فريق الوزارة في دراسة السيناريوات والتدحرج من قرار إلى آخر خصصت للتخطيط للعام الدراسي المقبل. إلا أن البعض لم يخف القلق من المفاجآت والإرباك التي سيحدثه القرار، لا سيما لجهة الكفايات المكتسبة لدى الطلاب والنزوح المتوقع من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية.
لجان الأهل تنتظر أن يقطع القرار الطريق على ابتزاز إدارات المدارس للأهل في ملف الأقساط المدرسية، وأن تعد ملاحق الموازنات بعد شطب النفقات التشغيلية، تمهيداً لخفض الأقساط بنسبة 40% بالحد الأدنى، أي أن يعفى الأهل من القسط الثالث على الأقل، كما قال رئيس اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان – الفتوح وجبيل ريشارد مرعب. وأشارت عضو المنسقية القانونية في اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور ملاك حمية إلى أن قرار إنهاء العام الدراسي يجعل المادة 4 من القانون 515 قابلة للتطبيق، شرط إعداد الملاحق المطلوبة بقرار من وزارة التربية، وتنص المادة على أنه «إذا تبين أن الأقساط المدفوعة هي دون الأقساط التي يرتبها هذا القانون يكون للمدرسة استيفاء الفرق، وإذا كانت تفوق هذه الأقساط يرد الفرق الى التلاميذ».
وفي مقابل تنفّس الأهالي الصعداء، ترك قرار وزير التربية استياءً في صفوف نقابة المعلمين وأصحاب المؤسسات التربوية الخاصة. وقال رئيس نقابة المعلمين رودولف عبود لـ«الأخبار» إن القرار «أوجد حلاً لمجموعة (الأهالي والتلامذة) وأهمل مجموعة أخرى (المعلمين)»، ملوّحاً بالنزول إلى الشارع للمطالبة بآلية لدفع رواتب المعلمين، والحل يكون بالاتفاق بين الأهل والمدرسة والدولة.
الأهل لإلغاء القسط الثالث والمدارس تلوّح بسيف الرواتب
وقد أتى ردّ فعل الأول لأصحاب المدارس على لسان الأمين العام للمدارس الكاثوليكية بطرس عازار الذي هدّد، في بيان، بإعداد اقتراحات خطيرة سيرفعها المسؤولون عن المدارس، اليوم، إلى مرجعياتهم «لأن الوضع لم يعد مقبولاً السكوت عنه، لكونه يهدّد مصير الوطن ومؤسساته ومستقبله المرتبط بمستقبل أجيالنا الطالعة». وأسف «لعدم قيام وزير التربية باستشارات تربوية، وخصوصاً مع المؤسسات التربوية ونقابة المعلمين، لاتخاذ قرار تربوي يوازن بين مصلحة التلامذة وتأمين سلامتهم». وقال إن القرار «كشف غوغائية من كانوا يقولون إن المدارس الخاصة تتحكم في قرارات وزارة التربية». وكان عازار أشار في حديث تلفزيوني إلى أن المدارس لا تستطيع أن تستمر من دون أن يسدد الاهالي الأقساط، وأن المدارس بصدد إعداد كتاب توضيحي حول الموازنات وتقديمه الى وزارة التربية، نافياً قدرة المدارس على دفع الرواتب في حال عدم دفع الأقساط.
في المقابل، وصف التيار النقابي المستقل قرار وزير التربية بالسليم، داعياً إلى الاستعداد المحكم لكل الاحتمالات والظروف الطارئة، إذ «ليس بسيطاً الانتقال من حياة مدرسية روتينية الى حياة مدرسية في ظل كورونا. من هنا أهمية القيام بورشة من أجل إعداد المدارس والثانويات لاستقبال الأعداد الكبيرة التي ستنزح من التعليم الخاص الى التعليم الرسمي، واستخدام ما وفره إلغاء الامتحانات من كلفة تتخطى 16 مليار ليرة، ووضع خطة علمية لآلية التباعد الجسدي والاجتماعي، ووضع خطة لتمكين المعلمين من متابعة تلامذتهم عن بعد».
القرار الذي لم يتطرق إلى الأقساط، ألغى استثنائياً دورة العام 2020 لامتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة (بعد إلغاء البريفيه لهذا العام)، واستكمال العام الدراسي عن بعد حتى آخر أيار، على أن تعطى إفادات للطلاب وفق ضوابط يحددها مجلس الوزراء. أما بالنسبة إلى أصحاب الطلبات الحرة، فلم تعلن الصيغة الخاصة بهم.
كذلك، تقرر استكمال العام الدراسي للمراحل كافة، الأكاديمية والمهنية، بالتعليم عن بعد حتى آخر أيار، على أن يرفع الطلاب إلى الصف الأعلى مع تعويض الكفايات الناقصة في العام المقبل ووضع ضوابط. والضوابط بحسب المنطق القانوني هي أن يرد اسم التلميذ على اللوائح الاسمية التي تقدمت بها المدرسة إلى وزارة التربية. أما الجامعات فيعلن كل منها موعد التوقف عن التدريس عن بعد، ويكون لكل منها تقييم خاص بها (تنتظر الجامعة اللبنانية بياناً صادراً عن رئيسها يشرح التفاصيل).