الأكثرية الوزارية لا تعتبر باسيل جاداً في معالجة ملف النازحين
واستمراره في سياسته الإستفرادية يُهدّد التسوية السياسية وإنجازاتها
في مقابل حرص رئيس الحكومة سعد الحريري و«تيار المستقبل» على التمسك بالتسوية بعد ما يقارب السنة على ولادتها، يواصل رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل زعزعة ركائز هذه التسوية التي عززت الاستقرار في البلد وفعّلت عمل المؤسسات وأنجزت قانوناً جديداً للانتخابات النيابية هو الأول من نوعه، وأصدرت تعيينات إدارية وقضائية هي الأولى منذ سنوات، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات عن دوافع ما يقوم به الوزير باسيل دون تنسيق مع رئيس مجلس الوزراء وتحديداً في سياسة لبنان الخارجية، وهو ما ترك انعكاسات سلبية على العلاقة بين الرجلين، عبّر عنها بوضوح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي عاد وللمرة الثانية الى توجيه الانتقادات لوزير الخارجية على ممارساته التي اعتبرها المشنوق بأنها تهديد جدي للتضامن الوزاري في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، والتي تتطلب حرصاً متبادلاً على التسوية التي حمت لبنان وأنقذته من تداعيات عواصف المنطقة.
ويبدو بوضوح أن الوزير المشنوق أراد أن يبعث إلى الوزير باسيل برسائل شديدة الوضوح، بأنه لا يمكن الاستمرار في هذه السياسة الاستفرادية التي لا تعبر عن موقف الحكومة ورئيسها، وبالتالي فإنه سيكون لـ«تيار المستقبل» وحلفائه موقف حاسم وحازم في نهاية المطاف، إذا استمرت هذه الممارسات «الباسيلية»، دون الأخذ بعين الاعتبار لموقف رئيس الحكومة وفريقه السياسي وقسم كبير من الوزراء، حيث تشير المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» على هذا الصعيد، إلى أن الرئيس الحريري سيرد على محاولات تجاهله، وسيتخذ موقفاً متشدداً من الوزير باسيل وأكثر صرامةً هذه المرة، في حال استمر الأخير في سياسته التي ينتهجها، بعيداً من التضامن الحكومي الذي يفرض التزام الوزراء بتعليمات رئيسهم في الملفات التي بين أيديهم، وهذا ما لم يلتزم به وزير الخارجية، الأمر الذي أثار استياء الحريري وعدد كبير من الوزراء، وتحديداً في ملف النازحين السوريين الذي يتصرف به الوزير باسيل وكأن الأمر يعنيه وحده، دون أدنى تنسيق مع رئيس الحكومة وزملائه في إطار اللجنة الوزارية التي شكلت خصيصاً لمعالجة هذا الملف الذي يجب أن يتم التعامل معه وفقاً لرؤية حكومية مشتركة نابعة من تغليب المصلحة اللبنانية على كل ما عداها، لا أن يصار إلى استغلاله كما هو ظاهر اليوم، إلى إعادة تبييض صفحة النظام السوري ورئيسه، من خلال الدعوة إلى إعادة التواصل والتنسيق بين بيروت ودمشق لتسهيل عودة النازحين الذين هم في معظمهم من المعارضين لهذا النظام الذي كان السبب في نزوحهم إلى لبنان خلال السنوات الماضية. ولذلك فإن الأكثرية الوزارية لا تعتبر وزير الخارجية جاداً في طروحاته بشأن النازحين السوريين، لأن الجميع يعلم بأن لا رغبة لنظام الأسد في إعادة النازحين في لبنان، لا بل أنه يحاول عرقلة إعادتهم، من خلال رفضه التعاطي مع منظمات الأمم المتحدة لهذا الغرض، متذرعاً بحججٍ وذرائع لا يمكن القبول بها، وهذا ما يجعل الحكومة حذرة للغاية في مد جسور الحوار مع هذا النظام، للبحث معه في مسألة إعادة النازحين، ما يجعل المسؤولية كاملةً على عاتق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لفرض العودة على النظام قسراً والحصول منه على تعهدات بتسهيلها أمام الراغبين من النازحين في لبنان.
ويقول في هذا السياق مصدر وزاري لـ«اللواء»، إن وجود رأيين في موضوع معالجة ملف النازحين، سيؤثر سلباً على كل الجهود المبذولة لإنهاء هذه الأزمة التي ترخي بثقلها على لبنان على كافة الأصعدة، ولا بد من اعتماد سياسة موحدة تشارك فيها الوزارات المعنية في إطار اللجنة التي تم تشكيلها لهذا الغرض، على أن تكون المهمة الأساسية في تسهيل هذه العودة على عاتق الأمم المتحدة ومنظماتها التي يمكنها وحدها أن ترغم النظام على إعادة النازحين إلى المناطق التي استعادت هدوءها في سوريا.