Site icon IMLebanon

حرص على تضمين البيان الوزاري بنوداً تُستعاد بها ثقة الداخل والخارج

 

المجتمع الدولي ينتظر الحكومة على كوع الإصلاحات وتنفيذ الالتزامات

 

 

يضع المجتمع الدولي منذ الآن الحكومة الميقاتية تحت المجهر لمراقبة مسار عملها، فإن هو وجدها تجنح في اتجاه الولوج في تنفيذ رزمة الإصلاحات المطلوبة ووقف الهدر ومحاربة الفساد، فإنه سيغدق عليها المساعدات ويفتح لها أبواب القروض الميسرة، وإن وجدها على شاكلة الحكومات السابقة فإنه حتماً سيتركها لمصيرها في العمر القصير المحدد لها إلى حين اجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وبذلك سيغرق لبنان في المزيد من أزماته التي تتفاقم أكثر فأكثر.

 

ما هو ظاهر من معطيات حسية أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفريقه الوزاري جادون في مقاربة الأزمات الموجودة ومعالجتها بعيداً عن أية قرارات عشوائية، وهي أي الحكومة ستنطلق في عملها خلال عمرها القصير على أسس واضحة وسترسم لنفسها خارطة طريق تراعي في بنودها متطلبات الخارج ومستلزمات الداخل، ويبدو أن جرعة الدعم التي تلقتها من صندوق النقد الدولي عن طريق إعطاء لبنان مليار و135 مليون دولار هي قيمة حقوق السحب الخاصة بلبنان عن عامي 2021 و2009، ستشكل لها قوة دفع باتجاه معالجة بعض جوانب الأزمات الموجودة، أضف إلى ذلك المواقف الدولية الداعمة لهذه الحكومة وهو ما فقدته حكومة الرئيس حسان دياب التي فرض عليها الحصار الدولي منذ اليوم الأوّل لتأليفها وهو كبّل يديها وجعلها عاجزة عن القيام بأي فعل من شأنه ان يفرمل اندفاعة الانهيار الاقتصادي والمالي.

 

وإذا كانت بعض الدول مثل فرنسا قد أبدت ارتياحها لولادة الحكومة ولو بعد ما يقارب السنة على تصريف الأعمال للحكومة السابقة، فإن ذلك لا يعني ان هذه الدول لن تقوم برصد كل شاردة ووردة وخصوصاً مدى تجاوب هذه الحكومة مع تنفيذ التزامات لبنان تجاه المجتمع الدولي، وأهمها المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس ايمانويل ماكرون قبل سنة ونيف وموافقة المسؤولين الذي التقاهم على هذه المبادرة التي تقوم على الإصلاحات مقابل الحصول على مساعدات تقدر بمليارات الدولارات.

 

وتؤكد مصادر سياسية عليمة أن الاتصالات الدولية التي جرت مع لبنان في الساعات التي اعقبت الاعلان عن تأليف الحكومة جدّدت التأكيد على شروط المساعدات مقابل اجراء الإصلاحات ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وقد أبلغت عدّة دول وعلى رأسها فرنسا الحكومة اللبنانية بأنها لن تنال منذ اليوم أي «شيك على بياض» وأن أي مساعدة ستكون مقرونة بتنفيذ الالتزامات الإصلاحية للبنان والتي ستنطلق من إعادة عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي لوضع برنامج اصلاحي، يتزامن والتحضيرات الفعلية لاجراء الانتخابات النيبابية في موعدها وهو ما تصر وتؤكد على وجوب حصوله الدولة الفرنسية وغيرها من الدول المعنية بمساعدة لبنان.

 

توجه نيابي لإعطاء الحكومة قوة دفع وتعبيد الطريق أمامها لتتمكن من تنفيذ مشاريع كبيرة خلال عمرها القصير

 

وتلفت المصادر النظر إلى ان الرئيس ميقاتي حرص على التأكيد بأن حكومته القصيرة ستقوم بكل ما يتوجّب عليها، لكي تنال المساعدات اللازمة التي تساعدها على وضع الخطوط والبرامج لوضع لبنان، على سكة الخروج من الأزمة، وأن البيان الوزاري الذي ستنال الحكومة على أساسه ثقة مجلس النواب يتضمن البنود التي من شأنها ان تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان،، وكذلك ثقة اللبنانيين بدولتهم والتي هي إلى الآن مفقودة نتيجة العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أغرقت الشعب اللبناني بأزمات لا ناقة له فيها ولا جمل.

 

وتكشف هذه المصادر ان البند الأهم في البيان الوزاري تجاه المجتمع الدولي سيكون توجه الحكومة إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي والالتزام بمكافحة الفساد ووضع حدّ لعمليات الهدر والسرقات، وكذلك الالتزام بالإصلاحات المطلوبة.

 

وفي تقدير هذه المصادر ان الحكومة عازمة على الإسراع في تنفيذ المشاريع والبرامج التي تؤدي إلى فرملة الانهيار الحاصل ومحاولة الخروج ولو رويداً، رويداً من الأزمات المتشعبة الموجودة، وهي لذلك لن تضيع الوقت في مسألة التفاهم على بنود بيانها الوزاري واستعجال مجلس النواب في تحديد جلسة عامة لمناقشته واعطائها الثقة على أساسها، لكي تنطلق في مهمتها الكبيرة خلال المدة القصيرة من عمرها والمحددة بأقل من عشرة أشهر أي إلى موعد اجراء الانتخابات النيابية، وهي لذلك ستكون في سباق دائم مع الوقت ولن تترك أي فرصة مهما كانت إلا وستوظفها في سبيل المعالجات التي ستقوم بها للمشكلات القائمة.

 

وترى هذه المصادر بأن إعداد البيان الوزاري كما مناقشته في البرلمان وإعطاء الثقة للحكومة لن يطول على غرار ما كان يحصل في السابق، وفي ذلك دلالة واضحة على التوجه البرلماني كما الدولي في إعطاء قوة دفع وتعبيد الطريق امام الحكومة لتقوم بمهامها كون ان الملفات والأزمات المفتوحة امامها تحتاج إلى سرعة في العمل لأن عامل الوقت ليس في صالحها وهو لا يحتمل أي نوع من التكاسل والدلع السياسي.

 

وتعتبر المصادر ان من المهام الأوّلية لرئيس الحكومة تجاه الخارج هو إعادة العلاقات العربية مع لبنان إلى طبيعتها وعلى وجه الخصوص العلاقات مع الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية، لأن استمرارداغلاق أبواب المملكة في وجه لبنان مكلف جداً كون ان أي مساعدات عربية لن تكون مضمونة ما لم تكن السعودية على وئام وتفاهم مع لبنان، ويبدو ان المملكة تنتظر من الحكومة الجديدة القيام بخطوات ما لكي تبني على الشيء مقتضاه، ويعوّل في هذا المجال على الرئيس ميقاتي المعروف عنه نجاحه في تدوير الزوايا ان ينجح في مهمة فتح الأبواب العربية امام لبنان،وبالتالي الحصول على المساعدات المطلوبة في عملية الخروج من الأزمة، ولذا من غير المستبعد ان يكون رئيس الحكومة في عجالة من امره في طلب موعد لهذه الزيارة لكي تعود المياه اللبنانية – الخليجية إلى مجاريها الطبيعية، لأن المناخات التي كانت سائدة إبان حكومة الرئيس دياب قد تبددت بعض الشيء، وأن عودة هذه العلاقات أصبحت ممكنة في ظل الانفتاح الدولي ولو الخجول على الحكومة العتيدة التي لن تتواني عن الاستفادة من ذلك من خلال إعلان حالة طوارئ إصلاحية ومالية واقتصادية لكي تظهر للمجتمع الدولي جديتها في التعامل مع الأزمات الموجودة والرغبة الكبيرة في الالتزام بما وعد به لبنان هذا المجتمع خلال الاجتماعات الدولية المتتالية التي عقدت من أجل مساعدة لبنان،وبقيت حتى الساعة معلقة بانتظار ان يبدأ لبنان في تنفيذ رزمة الإصلاحات المطلوبة والتي تعتبر مفتاح الخزائن الدولية والعربية لمساعدته.