أين وزارة الإقتصاد ممّا يحصل؟
تنشط تجارة البضاعة المدعومة في منطقة النبطية، على حدّ سواء، تجارة “تشفط” السكر والشاي والارز المدعوم من السوبرماركت، وتعمل على بيعها في السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 20 و25 ألف ليرة بحسب الزبون.
أمام سوبرماركت التوفير في النبطية والدوير، يقف عشرات السوريين ينتظرون تنزيل البضاعة المدعومة التي عادة ما يشترونها دفعة واحدة، قبل بيعها مجدّداً للمحال والمواطنين بسعر نصف مدعوم على حدّ قول احدهم. تجارة باتت تحرم المواطن من الحصول على سكر وارز مدعوم وحتى شاي، وهو ما تبقّى من السلع المدعومة. ولكن كيف تتم هذه العملية؟ ومن يدعمها ويشجعها؟
لا تخفي مصادر متابعة “أنّ اللبناني شريك اساسي في اللعبة، وتحديداً اصحاب الدكاكين الذين يوفدون السوريين واللبنانيين دفعة واحدة لشراء السكر المدعوم بـ13 ألف ليرة، والارز بـ15 ألف ليرة ثم يبيعونه لهم بـ20 ألفاً، ليعمد صاحب الدكان الى افراغه من الكيس المدعوم وتعبئته مجدّداً وبيعه على اساس انه “مش مدعوم”. هذه التجارة غير الشرعية، دفعت برئيس بلدية كفررمان هيثم أبو زيد للتحرك بإتجاه لجمها والحدّ منها، ليتمكّن المواطن من الحصول على كيس سكر مدعوم، بعدما بات الحصول عليه صعب المنال بل مستحيلاً. فأوعز أبو زيد الى شرطة البلدية بمراقبة حركة الدخول والخروج الى السوبرماركت، ومنع السوريين من الدخول، كذلك منع اللبناني من الدخول مرتين للحصول على السلع ليتسنّى لكل الناس الحصول عليها، بدل حصرها بشريحة المحتكرين للسوق.
خطوة ابو زيد دفعت بالسوريين للاحتجاج والامتعاض والتجمهر أمام السوبرماركت وشراء السكر من الناس.
تخرج يسرى من المتجر حاملة كيساً من السكر المدعوم، تقترب منها احدى السيدات السوريات وتسألها: “قديش بتبيعي السكر”؟ فتتفاجأ السيدة من سؤال النازحة قبل أن تباغتها الاخيرة بالقول: “بدفعلك 20 ألف ليرة بالكيس”. وِفق السيدة السورية فإنها تمتهن هذه التجارة منذ فترة، جازمة بأن اللبناني ايضاً يمارسها، وانها تأتي الى السوبرماركت بصحبة 10 الى 15 سيدة، يدخلن معاً لشراء كل ما تيّسر لهن من مدعوم، ثم يخرجن لوضعه في فان، قبل أن يعاودن الكرة مرة اخرى حتى نفاد الكمية، وتؤكد أن عملية البيع تتم بسرعة قياسية فهي إما تسلم لأصحاب الدكاكين، أو تباع مباشرة للمواطنين.
اللبناني شريك أساسي في اللعبة
سرقت تجارة المدعوم السلع من درب الفقراء الذين بات صعباً عليهم ايجاده الا بالصدفة او بالواسطة، إذ تقوم احدى السوبرماركت بإخفاء المدعوم وبيعه بالواسطة للمحسوبيات، وذلك عبر تهريبه بعلب للزبون كي لا يلاحظ المواطن ويضطر صاحب المتجر لعرض المدعوم.
تؤكد جوليانا انها اشترت السكر بـ25 ألفاً عبر تاجر لبناني أكد لها أنّ السكر مدعوم، هي اضطرت لشرائه لانه تعذّر عليها ايجاد المدعوم في السوبرماركت، “كل مرة كنت أقصد المتجر لشراء المدعوم اجده نفد، ما أضطرني للشراء من تاجر يعمد لشراء المدعوم ويعيد بيعه للناس بسعر الـ25 ألف ليرة، اي بفارق 12 ألف ليرة”. أكثر ما يثير حفيظة جوليانا أنّ التجار يجاهرون علناً انهم يبيعون المدعوم بسعر نصف مدعوم، والاخطر انه إذا اعترض المواطن يقال له: “مش عاجبك ما تشتري، روح فتش عالمدعوم”، في تأكيد على أنهم يمسكون بخيوط اللعبة بإحكام، ويشفطون المدعوم من السوق و”مش طالعة غير براس المواطن”.
تجارة المدعوم ليست بعملية جديدة، بل بدأت قبل مدة، غير أنها كانت غير مفضوحة، إذ كان اللبناني يوفد السوري ليشتري له المدعوم ويسلمه اياه، وهذا يبرّر سرعة تبخر السلع بمجرد عرضها، اليوم باتت “عالمكشوف” ويا “مدعوم مين يلاقيك”.
مصدر مطلع أكد لـ”نداء الوطن” أن “احد الدكاكين كان يشتري المدعوم من السوريين بسعر 20 ألفاً ويبيعه بسعر 35 و40 ألف ليرة، وأن السوريين يعمدون الى الدخول مرتين وثلاث لشراء المدعوم على اعتبار انها تجارة مربحة”. ولا تخفي المصادر أن “المتاجر تقف عاجزة عن ايقاف أحد وهذا ما أعطى تيكيت عبور لهذه التجارة التي باتت فرصة عمل للبعض، ولو على حساب شريحة واسعة من المجتمع، والسؤال اين وزارة الإقتصاد ممّا يحصل؟
بإختصار، الكل متواطئ ضدّ المواطن، إذ تبين أن المدعوم يسرق من قبل التجار ويباع في السوق السوداء، فيما الغائب الأكبر عن عملية سرقة المدعوم الممنهجة هي وزارة الاقتصاد ومراقبوها.