Site icon IMLebanon

مُنقذ الدولة من العتمة: “ناهبها”؟

 

مشاكل في الإتصالات، خسائر في الصناعة، ورطة في المُستشفيات وتظاهرات في الأفق، وربما انفجار اجتماعي تعقبه ثورة… هو ما جهّزنا لتقبّله وزير الطاقة ريمون غجر، مع نهاية الشهر الحالي، جرّاء انقطاع التيار الكهربائي، بحيث إن لم تُخصص لمؤسسة كهرباء لبنان “سلفة خزينة” بقيمة 1500 مليار ليرة، سيكون اللبنانيون على موعد مع “العتمة” المؤكدة. علام ستُصرف تلك الأموال؟ وهل سيتغير رأي لجنة التشريع والإستشارات حول ZR ENERGY وينقلب من “موافقة” إلى “رفض” بظرف 3 أشهر؟

 

وبعد أن بلغ الهدر في وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان مدى قاهِراً، وبعد أن تبيّن أن تلزيمات “الشحنة الواحدة” أو ما يُسمى بـ”Spot Cargo” ما هي إلا “فضلات” ما يتوفر على سطح البواخر، تفرض بضاعتها على قدر من الحاجة وتوفّر على الوزارة المرور بدائرة “جان العليّة” وبعكس ما ترسو عليه عادة “العقود طويلة الأمد” من ضوابط غير مرغوبة، صارت “بيروقراطية التخبطات” هي التعبير الأقرب، لوصف التوتر والخلاف والأخذ والرد الذي كان قائماً في الأسابيع الأخيرة بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، إذ رُبط مفهوم الاستقرار في توريد الفيول بفرض بعض الشركات أحكامها.

 

الوزارة مكبّلة

 

وفي تسريب خاص لـ”نداء الوطن” سُئل الوزير غجر في لقائه الأخير مع رئيس الجمهورية وبحضور كل من الوزيرة السابقة ندى البستاني والمستشارين سليم جريصاتي وأنطوان قسطنطين حول تبرير التعامل مع شركة ZR ENERGY (آل رحمة) في المناقصة الأخيرة التي أطلقتها مديرية النفط لشراء 70 ألف طن فيول من نوع A (وأقفل باب التقدم لها في 21 كانون الثاني) بخاصة لارتباط اسمها بدعاوى قضائية. فبرر غجر موقفه بأن قبول مشاركة ZR ENERGY أتى بناء على استشارة من هيئة التشريع والإستشارات التي لم تمانع في مشاركتها بحيث أن لا قرار مبرماً في حقها وبالتالي لا يمكن استبعادها قانوناً من المناقصة أو رفضها. وأكمل غجر أنه قد تقدمت للمناقصة ثلاث شركات فقط، إحداها كانت شركة ELINOIL التي جاء سعرها أغلى من غيرها بـ 8$ للطن الواحد فتم استبعادها تلقائياً. أما الشركتان ZR ENERGY (أل رحمة) و”ليتاسكو” الذراع التسويقية لشركة “لوك أويل” الروسية فكان سعرهما متقارباً و”ليتاسكو” كانت الأرخص إلى أن طلبت من الوزارة تسهيلات معينة ومكلفة رفضها الوزير فاضطرت “ليتاسكو” إلى الانسحاب ما أدى إلى إعادة التعامل مع ZR ENERGY. وهنا يقول المصدر إنه تم إعلام الوزير غجر أنه “سيتغير رأي لجنة التشريع والإستشارات حول ZR ENERGY وينقلب من موافقة إلى رفض” في توطئة للوزير غجر ورسالة مبطنة بأن يتوصل إلى صيغة تفاهم مع أي شركة تتقدم للمناقصات القادمة، وقبول شروطها أيا كانت، بغض النظر عما في ذلك من تكبيل واضح للوزارة التي يصعب عليها أصلاً التفاوض في الظروف الحالية.

 

ويكمل المصدر “التحدي الأول والأخير يكمن في إقصاء تدخل “الوسطاء” أو الأسماء المعروفة في كارتيل النفط المحلي الذين يتلطون خلف أسماء شركات عالمية سواء الروسية أم غيرها من باب أنهم “خبراء” في “اقتسام الربح الأسود” ويعلمون “من أين تؤكل الكتف”… إذ يتوارد أن لشركة “ليتاسكو” مثلاً وسيطاً محلياً هو صاحب إحدى الشركات المحلية الموزعة للنفظ وأنه مقرب من فريق التيار الوطني الحر وعليه نكون “مكانك راوح” في استباحة المال العام حتى ولو كانت الشركة العالمية على قدر كبير من المسؤولية أمام الدولة اللبنانية. وهنا يكون مُنقذ الدولة من العتمة، ناهبها”.

 

المولدات ستتوقف

 

وعلى المقلب الآخر من الأزمة، أعرب رئيس تجمع المولدات الكهربائية عبدو سعادة لـ”نداء الوطن” عن مدى استيائه من الضريبة السنوية المفروضة على أصحاب المولدات (وهي مبلغ 15 الف ليرة على كل واحد KVA للمولدات التي تقوم ببيع الطاقة الى المستهلكين) والتي هي برأيه “عشوائية الاحتساب” إذ أن النائب ياسين جابر قد اقترح أن تكون في البدء 50 ألف ليرة لبنانية للـKVA الواحد ومن ثم تم تخفيضها بشكل غير مفهوم الى مبلغ 15 ألف ليرة لبنانية للـ KVA وأنها فُرضت على أسس غير علمية بل إنها نوع من “الخوّة” وهو ما وافقه الرأي به مستشار وزير الطاقة. وأكمل: “طالبنا بالدفع عن سنتين سابقتين إلا أن ذلك شرط تعجيزي بحيث أن غالبيتنا لا يمكنها ذلك، أما الخاسر الأكبر فسيكون المواطن اللبناني الذي لن يجد له مخرجاً في آخر آذار عند انقطاع الكهرباء بشكل كلي عن لبنان. وعلى الوزارة أن تعي قبل فوات الأوان أننا نرفض دفع الرسم المقطوع على بیع الطاقة كأصحاب مولدات لا بل سنتوقف عن تزويد المشتركين بالكهرباء مع نهاية الشهر الحالي”، وعن سؤالنا له أن في توقيتهم ابتزازاً واضحاً للدولة بخاصة أن قرارهم قد تزامن مع تحذير وزير الطاقة غجر من انقطاع تام للكهرباء قال: “بالطبع لا، لكن صيانة المولدات وأسعار الزيوت والفلاتر والقطع أصبحت بحسب سعر صرف دولار السوق السوداء وهناك تقنين 20 ساعة من قبل شركة كهرباء لبنان ولا يمكننا الاستمرار بهذا النهج ولو كان هناك دعم ما للقطع والصيانة من قبل مصرف لبنان لما كنا قد لجأنا الى التصعيد”.

 

على صعيد ذي صلة، تخوّف نائب رئيس الحكومة السابق غسّان حاصباني في حديث مع “نداء الوطن” من أن “تفرض حجّة الطوارئ إيقاعها في هذا الملف كالعادة، مذكراً أنه قد حذر مسبقاً سنة 2020 من إعادة لبنان إلى العصر الحجري مع مطلع عامنا الحالي، إلا أن أحداً لم يتحرك بالدرجة المطلوبة من التخطيط”. كما أعاد تحذيره من “تمرير أي صفقات مبطنة بحجة الاضطرار وضيق الوقت لإجراء المناقصات الصحيحة”.

 

عجلة الحظ لم تعد تنفع في ملفات بهذه الدقة ترتكز في أساسيات هدرها على ابتزاز المواطنين في حاجاتهم الأساسية، وأيام قليلة تفصلنا عن الحل والتعقيد.