Site icon IMLebanon

وزارة المال «شماعة» لتغطية احتساب الحصص

هل ستبصر الحكومة النور قبل عيد الاستقلال؟

يبدو ان جرعات التفاؤل التي تميزت بها المواقف غير كافية لتحقيق هذه الرغبة التي تكاد تكون اقرب الى المعجزة في تشكيل الحكومات في لبنان. لكن هذا الاحتمال لا يزال مطروحا ويعوّل عليه وفق الأجواء التي تعكسها الأطراف المعنية حتى الآن.

وحسب المعلومات المتوافرة فإن المشاورات التي تأخذ مداها منذ أيام لا تزال تواجه صعوبات وعقبات تجعل المتفائلين اكثر حذرا مع مرور الوقت، خصوصا ان كمية الوعود التي ربما قطعها البعض مع الصفقة الرئاسية تتجاوز ما تقتضيه المصلحة في تشكيل حكومة الوفاق الوطني.

وعلى عكس ما يثار او يسرّب من اخبار واجواء فإن وزارة المال ليست العقدة التي تحول دون التشكيل بقدر ما هي شمّاعة يستخدمها البعض لتغطية العقبات الحقيقية التي تتمحور حول توزيع عدد من الحقائب وكيفية احتساب الحصص. لا بل ان المعنيين جميعا باتوا يدركون جيدا ان البحث عمليا تجاوز التسليم بإسناد هذه الوزارة الى الشيعة.

وتقول مصادر سياسية ان هناك من يحاول ذر الرماد في العيون وإثارة الغبار حول وزارة المال «لتغطية السماوات بالقبوات» ولحجب الرؤية عن الأسباب الحقيقية التي تساهم في ابطاء التوصل الى التشكيلة الحكومية حتى الآن.

ووفق المعلومات فقد جدّد حزب الله تأكيده على ما اعلنه امينه العام بأن الرئيس بري هو المفوض في مسألة تشكيل الحكومة، وأبلغ المعنيين في الساعات الماضية ان عليهم مراجعة رئيس المجلس في ما يطرح بهذا الخصوص أكان بالنسبة لتوزيع الحقائب والحصص او بالنسبة لنوع الحقائب وغيرها. وأبدى استعداده لكل ما يسهل التأليف لكن في اطار ما يطرحه بري وما اشار اليه السيد نصرالله لجهة ضرورة ان يبادر الآخرون الى العمل بمثل ما قدمه هو وحركة أمل أكان في تسهيل تشكيل الحكومات السابقة او في دعم الحلفاء وفي مقدمهم التيار الوطني الحر في هذا المضمار.

وتقول المعلومات ان نادر الحريري، المكلف من قبل الرئيس الحريري متابعة التفاوض مع الأطراف السياسية، لا يزال في مرحلة التحرك بالرسائل المتبادلة وطرح الاسئلة حولها. وقد أجرى في الثماني والاربعين ساعة الماضية مزيدا من المشاورات مع الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل ومع معراب من دون ان تتوضح الصورة بعد.

وتضيف المعلومات ان بري يكتفي بالصمت او ببعض التعابير التي يتقنها جيدا ردا على ما يكتب وينشر حول الحكومة، لكنه يحرص على القول ان ما عنده اي شيء حتى الآن مصحبا ذلك بإضفاء الجوّ التفاؤلي المبني على بعض المعلومات او على الرغبة الجامعة بتسريع التأليف. ويخرج زوار عين التينه بانطباع هو ان وزارة المال خارج التفاوض والمساومة.

وفي رأي المصادر السياسية المطلعة ان المطالبين بما يسمى المداورة بالوزارات السيادية ومنها المال باتوا مقتنعين بعدم القدرة على تحقيق مبتغاهم لكنهم يستمرون خلال المفاوضات في تكرار مثل هذا الطلب ربما للمناورة من اجل تحصيل مكاسب وزارية او لممارسة ضغوط على الآخرين لتنقيص حصصهم.

وإذا صحّ الكلام عن اتفاق بين التيار العوني والقوات اللبنانية على تقاسم الحصص بالتساوي، من دون احتساب حصة رئيس الجمهورية،فان هذا الإتفاق يشكل العقبة الأساسية في وجه تشكيل الحكومة الوفاقية المنشودة لانه يقطع الطريق على مشاركة الاطراف المسيحية الاخرى بشكل جدّي ويهدد بخرق حدود حصص المسلمين.

وحسب المعلومات فان علامات مخاطر هذا التوجّه ظهرت في المفاوضات الأخيرة من خلال مطالبة باسيل وبمساندة من جعجع باحتساب الوزارة التي ستسند الى تيار المردة من حصة الشيعة بدلا من تكون حصة بحدّ ذاتها من الحصص المسيحية لأن التيار والقوات لا يختصران التمثيل المسيحي الذي يشمل ايضا اطرافا اخرى غير المردة مثل الكتائب.

ولا يقف الامر عند هذه المحاولة المرفوضة من الثنائي الشيعي وباقي الحلفاء، بل ان هناك محاولة اخرى للتنصل من حق الشيعة في تسمية وزير مسيحي اذا ما سمى الرئيس عون وزيرا شيعيا.

ومما لا شك فيه ان هذا التوجه او هذا السلوك ليس موجها ضد  بري او انه يحرج  الحريري فحسب، بل يشكل ضغطا على حزب الله لا يمكن ان يقبله خصوصا لجهة حق النائب فرنجية في التمثل بالحكومة ككيان سياسي مستقل غير ملحق بحصة احد.

وفي شأن توزيع الحقائب السيادية يبدو ان المحاولات او المناورات التي يقوم بها التيار العوني احيانا والقوات احيانا اخرى غير قابلة للصرف، فإذا كان الجانبان مرتبطين فعلا باتفاق على تقاسم الحقيبتين السياديتين المخصصتين للمسيحيين فان هذا الأمر هو شأنهما، وبالتالي حل هذا الموضوع يكون بينهما بدل محاولة رمي التهمة او المسؤولية على الآخرين. ويشار الى ان التيار يريد الاحتفاظ بوزارة الخارجية واسنادها الى الوزير الياس بوصعب بينما ستستحدث للوزير باسيل وزارة شؤون رئاسة الجمهورية. اما وزارة الدفاع فهي عادة تسند الى مقرب من الرئيس، وهنا تكمن صعوبة اسنادها الى القوات عدا اعتراضات اخرى توجه مثل هذا الطرح.

ويقال ايضا ان هناك اقتراحا باعطاء الدفاع لنائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، وعندها تعطى الخارجية لعوني غير بوصعب ولا يستبعد ابقاؤها بيد باسيل.

وفي المحصلة يمكن القول ان الأجواء لم تخرج بعد من دائرة التفاؤل بتشكيل الحكومة قبل الاستقلال، لكن المفاوضات ايضا لم تصل الى نتائج يمكن ان تؤكد او تحسم الأمور ايجابيا.