Site icon IMLebanon

السباق قائم بين الفقر ووزارة الشؤون الإجتماعية

 

 

يعاني الكثير من اللبنانيين نقصاً في المعلومات ينتج عنه نقص في المطالبة بحقوقهم من الدولة من خلال الوزارات والإدارات المولجة تلبية حاجاتهم، لا سيما منهم الفئات الشعبية الأكثر عوزاً وفقراً، دون أن ننكر طبعاً هامش محدودية المساعدات الناتج عن التقشف في موازنات الوزارات المعنية، الامر الذي يفرض على المسؤولين العمل وفقاً لسلم أولويات تحدده الحاجة.

 

شكّلت الثورة بيئة حاضنة للكشف عن حقائق يندى لها الجبين وتحز في قلب كل إنسان ولا يمكن أن يقبل بها أي ضمير حي، ولكن تلك المشاهد لا يمكن أن تغطّي وتطغى على العمل الجبار الذي تقوم به وزارة الشؤون الإجتماعية سعياً للتخفيف من عبء أزمة وطن وحكم وحكومة ونظام برمته وساهمت في إطلاق سباق حاد بين تفاقم داء العوز والتقنين في الدواء اللازم كي لا نقول انقطاعه.

 

في خضم هذه الفوضى لا بد من الإشارة إلى الحقائق التي لا يمكن للمرء أن ينكرها ما لم تكن لديه غايات شخصية واستهداف سياسي، من الحقائق الدامغة والمعلنة هي أن وزارة الشؤون الإجتماعية لم تتلكأ يوماً في معالجة قضايا طارئة، من إيجاد مأوى لمشرّد، إلى تأمين علاج لمريض، حتى رعاية وحماية الأطفال، وهذه الأمور وغيرها من الإهتمامات اليومية والدائمة تتولاها جمعيات ومؤسسات تتلقى تمويلها من وزارة الشؤون الإجتماعية إضافة إلى الأمور التي تتولاها مباشرة.

 

وإذا أردنا التذكير ببعض مهام الوزارة التي تتولى تنفيذها، نذكر أن الوزير ريشار قيومجيان رفع عدد بطاقات التغذية الممولة من منظمة الغذاء العالمي والإتحاد الأوروبي من عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف بطاقة، يستفيد اصحابها من التعليم المجاني في المدارس الرسمية ويعفون من رسوم التسجيل، كذلك الأمر بالنسبة للتغطية الطبية على نفقة وزارة الصحة بنسبة 80% وتتولى وزارة الشؤون الإجتماعية تغطية نسبة 20% المتبقية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مستشفيات كثيرة ترفض استقبالهم بسبب تأخر الحكومة في تسديد مستحقاتها، كما بادر الوزير قيومجيان إلى تأمين حصص غذائية بشكل دائم لخمسة آلاف عائلة سيبدأ توزيعها في كافة المناطق اعتباراً من فترة الأعياد القادمة، كما نجح الوزير ريشار قيومجيان في الحصول على قرض بقيمة 100 مليون دولار من البنك الدولي بفائدة رمزية لصالح برنامج الفقر ولكنه يحتاج إلى إقراره في الحكومة علماً أن الوزير يفضّل أن تتولى الحكومة هذه المسؤولية في تمويل البرنامج، ولكن مع غياب الحكومة وتفاقم الأزمة، يبقى القرض هو الحل الأفضل لمعالجة أزمة الفقر والجوع مرحلياً، كما حصل قيومجيان على موافقة منظمة الغذاء العالمية لتغطية أربعة وأربعين ألف عائلة ويقوم حالياً باتصالات لتأمين التمويل من الدول المانحة.

 

عمل وزارة الشؤون الإجتماعية يتأثر بمعيارين اثنين، الحاجة والموازنة، ولا نكشف سراً إذا قلنا أن المعيارين سلبيان، فالحاجة تتفاقم والموازنة تتقلص، وعلى سبيل المثال، تم تخفيض موازنة برنامج الفقر من تسعة مليارات ليرة إلى ستة مليارات رغم اعتراض الوزير قيومجيان المبني على وقائع وأرقام كانت تتحدث عن نسبة 30% من اللبنانيين تحت خط الفقر بينما أصبحت النسبة تلامس 50% وفقاً لارقام البنك الدولي، ما يعني أن عدد ذوي الدخل المحدود سيتخطى المليونين وهذا بحد ذاته رقم مخيف يتطلب معالجة وطنية شاملة.

 

إزاء هذا الواقع الأليم، يعمد البعض عن معرفة او عن غير معرفة، لغايات شخصية أو لأسباب أخرى إلى التصويب على وزارة الشؤون الإجتماعية في تجهيل واضح لأسباب وعمق الأزمة، والتي تتمثل في ازدياد نسبة البطالة الناجم عن انعدام النمو الإقتصادي بسبب الأوضاع الراهنة التي تؤدي تلقائياً إلى زيادة الحاجة، وهذه تفترض زيادة في الإنفاق المرتبط بالموازنة، الأزمة وحلولها موجودة في ذهنية الحكم التي أوصلت الشعب إلى الثورة، الفقر هو نتيجة لتلك الممارسات وعلاجه لا يكون باعتماد أسلوب السلطة بالشعبوية والإنكار وتقاذف المسؤوليات، هؤلاء الفقراء ليس لهم سوى وزارة الشؤون الإجتماعية لترعى شؤونهم، فكفى تهشيماً بها وصوّبوا على لبّ الأزمة ومنبعها.