Site icon IMLebanon

مهمة «اليونيفيل» ثابتة..والتغيير رهن المعادلات الإقليمية ــــ الدولية

لو أن الجو الدولي والإقليمي يسمح بتغيير مهمة القوة الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل»، لكانت الولايات المتحدة عملت فعلياً في هذا الإتجاه، لا سيما وأن التمديد سبقته تصريحات أميركية تفيد بأن «اليونيفيل» قصّرت في مهمتها بمراقبة تمرير «حزب الله» للسلاح. إلا أن هذه التصريحات بقيت في إطار تسجيل المواقف لأن الظرف لا يسمح الآن بأكثر من ذلك، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة.

العوامل عديدة وراء عدم القدرة على التغيير، فالروس لا يقبلون بذلك في مجلس الأمن، وآخرون يبدون غير متحمسين للتغيير. وفرنسا لديها جنود في القوة وهي المساهم الأساسي فيها، ولا تستسيغ القيام بخطوات ناقصة في هذا المجال. وبالتالي فهي تحبّذ عدم القيام بأي عمل يعود بالخطر على جنودها، وبالتالي فإن الدول المعنية لا تريد حالياً أكثر من إستقرار الوضع في الجنوب، واستمرار الهدوء على الحدود مع إسرائيل. لذلك ستبقى مهمة القوة في إطار «الستاتيكو» المعمول به، ومن الصعب تغييرها إلا إذا حصل حدث كبير يعيد تغيير المعادلات والتوافقات الإقليمية – الدولية.

وتدرك واشنطن، أن التغيير في المهمة بالشكل الذي ترغب به، يؤدي إلى مشروع حرب في المنطقة. إلا أن موقفها يبقى نوعاً من الضغط على قوى محلية معينة، أي على الحزب ومن وراءه في المنطقة، من باب «اللعبة السياسية». ولو أراد الاميركيون فعلاً التغيير لكانوا اوقفوا تمويلها إذ لديهم وسائل ضغط كبيرة وجدية. فالولايات المتحدة تمول ما نسبته ٢٢ في المئة من مجموع اعتمادات قوات حفظ السلام في العالم. وبقية الدول تمول ما تبقى، وما صدر من مواقف محاولة للضغط لأسباب ذات صلة بالموقف الأميركي من إيران و»حزب الله».

إنه مشروع حرب، لأن ليس هناك من دولة جاهزة اليوم لتقاتل «حزب الله» وحلفاءه، وإذا تحولت المهمة إلى هذا الحد، فقد تسحب دول كثيرة قواتها منها. ومهمة «اليونيفيل» حالياً تنحصر في مراقبة الحدود والحفاظ على السلام والهدوء، ومراقبة الخط الأزرق. ثم إن القرار ١٧٠١ جاء تحت الفصل السادس، وفي إطار حفظ السلام وأي تعديل من هذا النوع في عمل القوة يحتاج إلى أن يكون في إطار الفصل السابع، الأمر الذي يتطلب توافقاً دولياً ـ إقليمياً حول الموضوع وفي سياق حل كبير في المنطقة يجري التفاهم عليه. إذ أن قوة فرض السلام تأتي تحت الفصل السابع.

فضلاً عن ذلك، إن لبنان لم يطلب تعديل المهمة، بل على العكس طالب أثناء التفاوض حول القرار الجديد، أن تبقى مهمة القوة في إطار القرار ١٧٠١، لا أكثر ولا أقل. ومن الصعب في المبدأ إتخاذ أي قرار دون موافقة الحكومة اللبنانية. والقرار ١٧٠١، في الأساس قائم على التعاون بين الأمم المتحدة وقواتها من جهة والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني من جهة ثانية.

لذلك، في الثلاثين من آب الماضي، جدد مجلس الأمن الدولي لمهمة «اليونيفيل»، في استصدار القرار ٢٣٧٣، بعد عملية «شد حبال» بين الاميركيين والبريطانيين من جهة وبقية دول المجلس من جهة أخرى. وقد صدر بأقل ضرر ممكن من دون أي تعديلات. اللهجة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية في نيويورك، مقبولة، لكنها أشد من لهجة القرارات السابقة حول التمديد للقوة. الاميركيون لا يستطيعون السير بإقتراحات ضد العالم كله، لا سيما مع الفرنسيين والأوروبيين والإيطاليين أيضاً. من هنا اضطروا إلى المساومة وعادوا عن إقتراحات متشددة كانوا تقدموا بها. في هكذا ظروف اتخذوا قراراً بأنهم لا يزالون يحتاجون لهذه القوة كما هي مهمتها الآن. وأي تغيير محتمل في المستقبل، يحتاج إلى ظروف دولية مختلفة، ومواقف دولية أخرى، وأحداث على الأرض تفرض ذلك.