Site icon IMLebanon

لحظة الالتفاف حول الوطن الواحد والدولة الواحدة  

 

تقاطعت الذكرى الثانية والسبعين لولادة المديرية العامة للأمن العام، هذا العام، مع تطورات عسكرية وأمنية بالغة الأهمية، حاضراً ومستقبلاً، ولبنان يشهد المرحلة الأخيرة المفترضة من الحرب ضد الجماعات «الارهابية – التكفيرية» التي سيطرت لسنوات على مساحسات واسعة من الأراضي اللبنانية، عند الحدود الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا، ابتداءً من جرود عرسال، وصولاً الى جرود رأس بعلبك والفاكهة والقاع..

لقد فتحت معركة «جرود عرسال» الباب واسعاً أمام تحرير الارض اللبنانية، تماماً كما أمام اعادة الدور المركزي للجيش اللبناني ولسائر الأجهزة الأمنية، وفي مقدمها المديرية العامة للأمن العام، بادارة المدير العام اللواء عباس ابراهيم، التي وبشهادة الجميع «قدمت نموذجاً، بالغ الأهمية في «الأمن الاستباقي في مواجهة الإرهاب.. واحباط محاولات الارهابيين، الى أي جماعة او تنظيم او فئة انتموا – المساس بالأمن الوطني اللبناني ومقومات الاستقرار الاستقرار..» فقدمت نموذجاً يحتذى به، على المستويات الداخلية والاقليمية والدولية، على رغم الأعباء الثقيلة التي ألقيت على هذه المؤسسة، كما على المؤسسة العسكرية. وقد أثبتت المديرية، كما المؤسسة العسكرية مناعة في مواجهة أي اختراق او محاولة اختراق طائفي ومذهبي او سياسي وشكلت على مدى السنوات الماضية درعاً وطنياً مطمئنا للجميع بات الوطن – الدولة – الأمن – الاستقرار يعلو ولا يعلى عليه..

يقر الجميع، بأن انجازات المديرية العامة للأمن العام، وهي على هذا القدر من الأهمية والمسؤولية، هي في جزء كبير منها تعود الى كفاءة وحكمة وجدارة ووعي اللواء ابراهيم، الذي اضطلع – الى جانب دوره في ادارة المديرية، بدور وطني كبير، وحقق نجاحات بالغة الأهمية في المهمات الحساسة والملفات الأمنية الدقيقة التي قام بها، ويشهد لها الجميع من دون استثناء، على رغم محاولات البعض المنكرة النظر الى مؤسسات الدولة من زوايا المحسوبيات والولاءات الضيقة والمنغصة لحياة اللبنانيين كافة، من مثل «التطيف و»التمذهب» وغيرهما..

لم يقف اللواء ابراهيم عند أي عقبة، ومضى في مهماته يعض على الجراح، غير عابىء بما يقال في «صالونات أصحاب المصالح الضيقة..» وهو الذي نال ثقة شعبية غير مسبوقة كما وثقة «السلطة السياسية»، شكلت حافزاً جديداً لمزد من العطاء وتطوير مؤسسة الأمن العام على كل المستويات، ولم تعد مهمتها «فقط في استقبال المواطنين الأجانب على المعابر الحدودية» على ما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق في كلمته في الذكرى..

لا أحد ينكر أن لبنان، والمنطقة عموماً، يمران بمرحلة دقيقة للغاية، قد تكون فاتحة أمل وخير وأمن واستقرار وسلام.. كما قد تكون خلاف ذلك، وان كانت الحروب العسكرية على أبواب نهايتها، لتبدأ معها حروب أمنية من نوع آخر، من علاماتها، توقيف مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أحد «الداعشيين» من أبناء الشمال المكلفين من قياداتهم في «الرقة» السورية بالتحضير لاغتيال أحد كبار ضباط الجيش بواسطة عبوة ناسفة او عملية قنص.. وأعمال إرهابية أخرى تستهدف الداخل اللبناني.

من اسف، أنه، وعلى رغم كل هذه المخاطر، وعلى رغم كل هذه الانجازات الأمنية والعسكرية في مواجهة الجماعات الارهابية، فإن الافرقاء اللبنانيين، يفتشون «بالسراج والفتيلة» على أي كلمة تحول دون تثبيت الوحدة الداخلية وتماسكها، وتبقي على الانقسامات العامودية فاعلة على الارض، ويبنون عليها ما يهدد الانجازات العسكرية والأمنية التي تحققت.. وهي رسالة لم تغب عن احتفال المديرية العامة للأمن العام في عيدها الـ72، ليعلن اللواء ابراهيم، وأمام قيادات الدولة، والرأي العام، خطة عمل المرحلة المقبلة «خصوصاً في ضوء الظروف الاستثنائية» لتتناسب وحجم المهمات الملقاة على عاتق المديرية وتشابكها.. «وينتج منها تصاعد وتيرة التهديدات الاسرائيلية المصحوبة بانتهاكات برية وبحرية وجوية، ناهيك عن محاولة الخروق التجسسية، وكذلك جراء الارهاب الآتي من وراء الحدود» حيث سطر الجيش اللبناني بطولات كبيرة في مواجهة الإرهابيين ودحرهم واستعادة الأرض..» وقد أجمع اللبنانيون – تقريباً على دور المؤسسات العسكرية والأمنية..

لبنان على أبواب مرحلة جديدة.. ووقف اطلاق النار يوم أمس، على جبهتي الجرود من الناحيتين اللبنانية والسورية، لم يأت من فراغ، بل هو نتاج «المفاوضات البعيدة عن الاعلام بشأن معرفة مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش».. خصوصاً وان المعطيات الميدانية، أشرت الى ان «الجماعات الارهابية» التي خسرت أكثر ثمانين بالمئة من المساحات التي كانت تحتلها في الجرود، باتت أمام خيارين لا ثالث لهما: الاستسلام او الموت..».

«المرحلة الجديدة» لن تكون سهلة، والافرقاء اللبنانيون كافة بدأوا يعدّون العدّة للانتخابات النيابية المقبلة.. و»الكل يعمل، من اعترف ومن لم يعترف»، أنه يمكن للأمور ان تتطور باتجاه الايجابيات، تماماً باتجاه السلبيات، إذا لم تتوافر الارادة الوطنية الجامعة والمانعة، والتي غيابها أسوأ آلاف المرات من وجود «الارهاب» و«الإرهابيين.. وحسناً دعا وزير داخلية الى «استثمار هذه التضحيات والنجاحات في تعزيز مكانة الدولة.. وهي لحظة التفاف وطنية حقيقية..» حول لبنان الوطن والدولة والمؤسسات والعودة الى طاولة الحوار الحقيقي والجاد يكون موضوعه الأساس «الاستراتيجية الوطنية للدفاع» و«السلاح الواحد» حيث لا خلاف على «العلم الواحد» والجيش الواحد والدولة الواحدة..