Site icon IMLebanon

إتفاق موسكو لم يسلك طريقه للتنفيذ بين الفصائل الفلسطينيّة “فتح” تتجاوب وباشرت… و “حماس” تنتظر غزة وما بعدها للحلّ السياسي

 

 

لم يسلك اتفاق موسكو طريقه للتنفيذ الذي توصلت اليه فصائل فلسطينية، التي التقت في العاصمة الروسية قبل اسبوع بدعوة من معهد الاستشراق الروسي بادارة فيتالي ناوهكين، وهو ليس اللقاء الاول الذي يجري في موسكو، فقد سبق لها واستضافت وفداً من حركة حماس قبل عملية “طوفان الاقصى” وبعدها برئاسة موسى ابو مرزوق عضو المكتب السياسي، حيث تعمقت العلاقة بين الطرفين، وهذا ما دفع معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم السياسية، الى ان يدعو الفصائل الفلسطينية الى لقاء حواري، في ظل الحرب التدميرية الاسرائيلية على غزة، وقد مضى عليها خمسة اشهر، للتوافق على صيغة تؤمن الوحدة الفلسطينية.

 

وتمكنت موسكو من جمع 14فصيلاً فلسطينياً، وبعض الفصائل ممثل في منظمة التحرير الفلسطينية، ومنهم من هو خارجها لاسباب سياسية تتعلق بنهج المنظمة وتوقيعها على “اتفاق اوسلو” مع العدو الاسرائيلي في ايلول 1993، ونشأ ما سمي “تحالف القوة الفلسطينية” المضاد لاداء المنظمة، التي اصبحت سلطة في الضفة الغربية وغزة، وحصل صراع بين الجانبين اتخذ في بعض الاحيان الطابع العسكري، وتحديداً بين “فتح” و حماس لا سيما في غزة.

 

من هنا، كانت اهمية لقاء موسكو الذي لبته الفصائل الفلسطينية، تقديراً للدور الروسي الداعم للقضية الفلسطينية منذ زمن الاتحاد السوفياتي، حيث اتفق المجتمعون بعد ثلاثة ايام من النقاشات على ان غزة تتقدم على ما عداها، فصدر بيان يؤكد على “ضرورة وقف اطلاق النار وانسحاب الاحتلال الاسرائيلي من القطاع وتأمين وصول المساعدات، ورفض التهجير المتعمد من قبل العدو الاسرائيلي”، كما اتفقت الفصائل على “ضرورة التصدي للعدون الاسرائيلي الاجرامي وحرب الابادة الجماعية، التي يشنها العدو الاسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، بدعم ومساندة ومشاركة الولايات المتحدة الاميركية”.

 

فالتوافق الفلسطيني على وحدة الموقف السياسي من العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، لاقى ترحيباً روسياً وتأييداً فلسطينياً وعربياً واقليمياً ودوليا، لكن لم توضع له آلية التنفيذ، بل ترك الامر الى اجتماعات مفتوحة بين الفصائل، التي خرجت بالتفاهم على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، حيث تم حصر المرجعية بها، على ان يتوصل الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني الى وضع اطار جديد للمنظمة. ويؤكد مصدر قيادي في حركة “فتح”، انه سبق ان جرى خلال الحوارات بين حركة حماس و”فتح” التفاهم على حصول تعديلات، سواء في اللجنة التنفيذية للمنظمة او المجلس الوطني الفلسطيني، لتستوعب منظمة التحرير كل الفصائل وانهاء الانقسام السياسي، وهذا ما اعلنه رئيس المنظمة محمود عباس (ابو مازن) الذي ابدى تجاوباً لجهة تقديم الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتيه استقالتها، وهذا تدبير لتسهيل تشكيل حكومة خبراء او “تكنوقراط”، لا وجود لممثلين عن الفصائل فيها، لتقوم بواجباتها في مرحلة ما بعد توقف الحرب على غزة.

 

فحركة “فتح” تبدي كل مرونة لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهذا ما يؤكده المصدر، بانهاء كل مظاهر ورواسب الخلاف الداخلي، وان الرئيس عباس جال على عدد من الدول ومنها تركيا وقطر، من اجل الاسراع في وضع اتفاق موسكو موضع التنفيذ، وكي لا يبقى حبراً على ورق، والمماطلة في الوصول الى الوحدة الوطنية.

 

وما تبديه “فتح” من ايجابية، فان مصادر فلسطينية محايدة تكشف أن ما حصل في موسكو لم يكن سوى لقاء استجابة لدعوة القيادة الروسية، وان البيان الذي صدر يمكن تسميته بحسن النيات، لكن عملياً لم تظهر بعد بوادر تطبيق ما اتفق عليه، حيث تكشف المصادر عن اجتماع حصل في سفارة فلسطين في بيروت حضره السفير اشرف دبور الذي شارك في حوار موسكو، لاستكمال ما جرى التوصل اليه في العاصمة الروسية، وايجاد آلية عملية توصل الى انهاء الانقسامات الداخلية، لكن لم يتم التوصل الى بدء التطبيق، اذ تربط حركة حماس تشكيل حكومة جديدة ليست فصائلية، بالتطورات التي ستحصل في غزة، بعد تسرّب بنود لاتفاق حصل في باريس بين مسؤولين امنيين لكل من اميركا و “اسرائيل” ومصر وقطر، وجرى تفسيره وفق مصالح كل طرف، حيث رفضته “حماس” لانه لا يطابق مطالبها، واولها وقف الحرب وانسحاب الاحتلال الاسرائيلي من غزة، واعتبر بنيامين نتنياهو مطالب حماس بالاوهام.

 

فمع الفشل الذي رافق اجتماعات باريس والدوحة والقاهرة حول وقف اطلاق النار في غزة، فان موسكو ستدعو الى لقاء آخر للفصائل الفلسطينية لتقويم ما جرى تنفيذه من اتفاق موسكو، لان الضرورة الوطنية الفلسطينية تقتضي لم الشمل الفلسطيني، والذي تفرضه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، والذي يجب ان توضع الخلافات مهما كانت جانباً، امام انقاذه من الابادة الجماعية التي ينفذها العدو الاسرائيلي.

 

فالقيادة الروسية يزعجها كثيراً الا يؤدي اتفاق موسكو الى تطبيق فلسطيني له يوصل الى حل الدولتين، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية في السفارة الروسية في لبنان، التي ما زالت تتابع مع الفصائل ما تم التوصل اليه من اتفاق في موسكو، حيث لا يمانع اي طرف تطبيقه، لا سيما حماس التي قبلته، لا بل هي صاحبة الدعوة للحوار والتوافق والوحدة، لكن لا بدّ من مناقشة الوضع السياسي لجهة مستقبل القضية الفلسطينية، بعد تجارب “التسويات السلمية” وما افرزته، اذ وضعت حرب غزة القضية الفلسطينية على جدول الاعمال لكل الدول، بما فيها الانتخابات الرئاسية الاميركية، ودعيت “اسرائيل” الى محكمة العدل الدولية التي ادانتها.

 

فاستكمال الحوار الذي بدأ في موسكو وما صدر عنه من بيان، هو الاساس لقيام منظمة تحرير بصياغة برنامج سياسي مختلف لما اعتمد سابقاً، يقول مصدر قيادي في حماس، الذي يرى ان المسائل ما زالت قيد النقاش بدعم من الاصدقاء، لا سيما الروس منهم، ولا بد من الوصول الى حقوق شعبنا الفلسطيني التي لا مساومة عليها كاملة.