يقين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بأنّ لا دور لآل الأسد في مستقبل سوريا (الحل النهائي) قابله الروس، بدءاً من رئيسهم فلاديمير بوتين، بالتهكم تارة والاستخفاف تارة أخرى. موحين بأنّ الرجل الثالث أو الرابع في سلّم المسؤولية في أكبر دولة في العالم، لا يعرف ماذا يقول! أو إنه لا يعبّر بدقة عن سياسة بلاده!
بل إن بوتين ظهر غداة اجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب في قمة هامبورغ الأخيرة، وكأنّه هو مَن يملك في جيبه مفتاح فهم «قرار» واشنطن. ويستطيع تفسيره بطريقة أكثر نجاعة ونجاحاً من وزير خارجيّتها! وقال شيئاً قريباً من ذلك عندما أعلن رداً على سؤال أنّ مصير بشار الأسد يحدّده الشعب السوري، وليس تيلرسون! فيما قصده في الواقع والحقيقة، أنّ ذلك «المصير» يحدّده ترامب وليس تيلرسون.. وبالتأكيد ليس الشعب السوري!
ومع ذلك، فإنّ وزير الخارجية الأميركي لم يقل شيئاً من عنديّاته! بل أعلن فحوى «آخر» ما توصّلت إليه المناورات والمفاوضات والمماحكات الإقليمية والدولية في شأن الوضع السوري، والإجماع (تكراراً الإجماع) على أنّ الأسد حرف ناقص في أي جملة مفيدة تتحدّث عن أيّ «حل» فعلي وأخير… وموقف ترامب في هذا السياق ليس مختلفاً، بقدر ما هو مبهم، تبعاً لتركيزه الراهن على أولوّيتين كبيرَتين: ضرب الإرهاب في العراق وسوريا، والتصدي لنفوذ إيران خارج حدودها.
ومصطلح «الاجماع» الوارد آنفاً، يعرفه كثيرون، لكن على قاعدة القول المأثور: الجميع ينظر الى قمة الجبل ذاتها، لكنْ كلٌّ من زاويته!.. وقمّة الجبل هذه تعني أنّ الحفاظ على ما تبقى من «الدولة» السورية شيء، وآل الأسد شيء آخر التفريق بينهما تمَّ، لكن ما لم يتمّ بعد، ولن يتمّ بالهيّن ولا بالسهل، هو عملية ترسيم الحدود، بين هذه «الدولة» ونفوذ إيران فيها! وهذه «الدولة» ومقدار الرغبة (أو المصلحة) عند الأميركيين للتدخل خارج منطوق مواجهة الإرهاب وإيران، وضمان عدم تهديد الأمن الاستراتيجي في الجهة الجنوبية للحدود السورية..
المعضلة التي يواجهها الروس، تكمن في أن إدارة ترامب لن تشتري منهم مصير الأسد ولو بفرنك مبخوش! ولن تقبل بمقايضته بأي أمر ذي شأن. وعلى العكس من أداء إدارة باراك أوباما، مستعدة للتسليم بنفوذهم ومصالحهم في سوريا لكن ليس على حساب الحلفاء العرب وإنما على حساب حليفهم الإيراني!، ثمَّ على قاعدة التوافق المسبق (والمبدئي!) على حفظ «المصالح الإسرائيلية».
المرحلة الراهنة صعبة على المعارضة والشعب السوري في الإجمال، لكن المرحلة الآتية ستكون أصعب على الأسد والإيرانيين.. وكلٌّ منهما سيحاول بيع الآخر في مقابل بقاء أو نفوذ مدّعى!