مختلف الأوساط السياسية اللبنانية مشغولة بالسؤال الكبير، أين سيردّ حزب الله على عملية القنيطرة ومتى وكيف؟
والسؤال نفسه يشعل الاسرائيليين أيضاً، وكذلك بالطبع كل من يخشى على الدولة العبرية من ضربة الشمس أو لفحة الريح، أو دوي الصواعق الرعدية… فيما يرى مراقبون في بيروت ان أنجع ردّ على العملية الاغتيالية مواصلة الحديث عن الردّ المربك للمجتمع الاسرائيلي.
مصادر الحزب سارعت الى تطمين القلقين بأن أي ردّ فعل على عدوان القنيطرة لن ينطلق من لبنان مع ان هامش البيان الوزاري لحكومة المصلحة الوطنية يسمح بذلك…
وبالعودة الى هذا البيان نقرأ في احدى فقراته القول: استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة….
والهامش الذي تشير اليه مصادر حزب الله يتمثّل بالفقرة المؤكدة على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة.
وهذه الفقرة قابلة للتأويل عند اللزوم، فرد الاعتداءات ليس حصريا بالأرض اللبنانية، ومثله استرجاع الأراضي المحتلة.
وكأن مصادر الحزب، بتأكيدها على عدم الرد من لبنان، مرفقاً بهامش البيان الوزاري، أرادت العمل بالمثل القائل: بيّن حقك وأتركه…
الرد على الغارة الاسرائيلية حتمي من جانب الحزب، لاعتبارات تتعلق بهيبة الردع كما قال أحد المتابعين، لكن تبقى معادلة المكان والزمان والأسلوب…
الجدل مستمر حول المكان، أقلّه بالنسبة الى الفريق اللبناني، الذي لا يرى ان له في الذي جرى ناقة ولا جمل، اما الزمان والأسلوب، فقد يعني الاسرائيليين اكثر، وإن كان جمهور الحزب يراهن على ما يستطيب سماعه قبيل الإنتخابات الاسرائيلية تحديداً…
وفي هذا السياق يتصور البعض أن حزب الله موجود في سوريا، وهو تلقى الضربة في سوريا، فهل يمكن ان يردّ من داخل الأراضي السورية؟
جدلاً، هذا ممكن من حيث المنطق على الأقل، لكن في السياسة الأمر يختلف، ف الحزب في سوريا قوة مساندة للنظام ضد معارضيه على اختلاف تسمياتهم، وليس مقاومة تحريرية ضد اسرائيل.. ولو أن اسرائيل وجهت اليه هذه الضربة على خلفية الخشية من سعيه الى تحريك جبهتها الجولانية، بالتعاون مع حرس الثورة الايرانية…
وفي السياسة أيضاً، عندما سئل وزير الإعلام السوري عمران الزعبي عن الردّ ودور المقاومة، أبلغ قناة المنار قوله: أنه بوجود عناصر مقاومة او عدم وجودها، الجولان مستقر..
ثم استطرد مخصصاً المناطق المحررة منه حيث هناك اتفاقيات دولية وقوات دولية تمثّل الأمم المتحدة.
أما السلوك الاسرائيلي فهو يشكل، بنظر الزعبي، تدخلاً مباشراً الى جانب المنظمات الارهابية…
ومعنى ذلك، ان الحكومة السورية مرتبطة باتفاقية فك الاشتباك مع اسرائيل في الجولان المعقودة عام ١٩٧٤، والتي اخترقتها اسرائيل أكثر من مرة، قبل هذه المرة، وبالتالي هي ليست في وارد القبول بما ترفض الحكومة اللبنانية، أي خرق الاتفاقات الدولية…
يبقى الموقف الاسرائيلي، وتقديراته، وفي جملة القراءات والتصريحات الصادرة عن فريق نتيناهو، يلتقي معظم هؤلاء أمام احتمالين: اما هجوم مفاجئ من خلال نفق تحت الأرض على غرار ما حصل في غزة، وهذا يعيقه اختلاف التربة الجنوبية والجولانية الصخرية، عن تربة غزة الرملية، واما التسلل براً أو بحراً أو حتى جواً وتنفيذ عمليات انتقامية من الأمور المحتملة.
لكن الأهم بالنسبة الى الدولة اللبنانية، ما نقله سفير غربي الى جهات رسمية بحسب نائب مطلع، وهو قرار اسرائيل بالردّ على أي عملية انتقامية ل حزب الله، على أرض لبنان، بصرف النظر عن المنطلق والتوقيت والأسلوب…
وفي المعلومات المبلّغة الى الجهات الرسمية، ان اسرائيل تعتبر لبنان قاعدة حزب الله ومنطلقه، في كل الاتجاهات، والردّ يكون على القاعدة والمرتكز، بصرف النظر عن الفروع!!
وكأن الاسرائيليين يريدون تذكير اللبنانيين بما حصل عام ١٩٨٢، عندما نفذت مجموعة فلسطينية محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن، فإذا الردّ الاسرائيلي تمثل باجتياح جنوب لبنان وصولاً الى العاصمة بيروت…
لكن من المؤكد ان ما مضى قد مضى والمؤمل غيب… ولاسرائيل الساعة التي هي فيها.. والساعة اللبنانية اليوم على توقيت دولي وإقليمي مختلف، لقد خرج مجلس الوزراء بموقف لبناني موحد خلف القرار ١٧٠١، الحامي لاستقراره من أمواج العنف العاتية، ومن يتصوّر ان بوسعه جرّ لبنان الى خارج هذه القناعة، ينصحه مصدر وزاري فاعل، بأن يخيط بغير هذه المسلّة..