أهم من جلسة تشريع الضرورة وانعقادها بعد مخاض عسير، هو ما بعدها، والاتعاظ بالدروس التي أعطتها في المقدمات والنتائج. والدرس الأول، هو أن تقلع الأطراف السياسية عن أسلوب المناورات المتهورة بالرقص على حافة الهاوية، اذ ليس في كل مرة تسلم الجرة… ثم ما هي الحكمة في أن تختار قيادات وازنة أعلى شجرة في غابة الأزمة، وتصعد الى أعلى غصن فيها، ثم تحتاج لاحقاً الى أطول سلم اطفائية لانزال أولئك القادة عنها! والدرس الثاني، هو أن الانفراج الذي أحدثه التوافق في ربع الساعة الأخير على انعقاد جلسة التشريع، لم يكن كافياً لتنفيس الاحتقان الشديد في صدور اللبنانيين. صحيح أن جلسة التشريع خففت شيئاً من ضغط الدم في العروق، ولكن الحالة لا تزال تحتاج الى المزيد من التنفيس…
الدرس الثالث هو الأكثر أهمية. ومن المفترض ألا تكون الجلسة التشريعية مجرد صحوة عابرة من حالة اغماء، ثم العودة الى الاغماء لاحقاً! وأفضل ما يفعله القادة السياسيون هو الاتعاظ بما يجري في الداخل وفي الجوار وفي الخارج، واعتبار ما جرى سابقاً بمثابة صفحة من المناكفات وقد طويت، والنظر الى الجلسة التشريعية كصفحة جديدة تفتح من التعاون والحوار بنيات حسنة بهدف تحقيق نتائج ايجابية وانجازات. والدرس الرابع، هو أن الجلسة التشريعية اذا كان القصد منها ارضاء الخارج أو اتقاء شره لا فرق، فمن الواجب أن يكون هدف القادة هذه المرة العمل على ارضاء الداخل على امتداد الوطن بكل مكوناته وحساسياته…
الدرس الخامس، هو أن تكون الصحوة التشريعية مقدمة طبيعية للصحوة الحكومية. ومن العوامل الحاسمة التي كسرت الجمود كان الموقف الصلب للرئيس نبيه بري بالتمسك بانعقادها، مع اعداد العدة للصمود في وجه كل ما قد يترتب عليها من ردود فعل. ولعل الرئيس تمام سلام يقدم على تحديد جلسة لمجلس الوزراء، أقله لتنفيذ الحل المتعلق بركام النفايات المتعاظم بلا حدود. أما الجلوس دون اتخاذ مبادرة اقتحامية، وانتظار أن تسقط الجلسة في الحضن من تلقاء نفسها، فهو أمر لا يتحقق حتى في الأحلام!